* حفيده: سريلانكا أقامت له متحفا والأرجنتين شيدت تمثالا عملاقا فى أشهر ميادينها رمزا للنضال * المتحف والمنزل تحاصرهما أكوام القمامة والقرية بلا خدمات لا يوجد أحد فى مصر، بل فى العالم كله، لا يعرف من هو الزعيم الراحل أحمد عرابى قائد الثورة العرابية. ومع حلول الذكرى ال 177 لميلاده والتى اتخذت منها محافظة الشرقية مناسبة للاحتفال بعيدها القومى، تبقى قرية «هرية رزنة» مسقط رأس عرابى بمركز الزقازيق، حيث قضى طفولته وسنوات شبابه الأولى، نموذجا للإهمال والتجاهل تحت وطأة النسيان دون ان يشفع لها اسمه وتاريخه رغم الوعود الدائمة بمنحها الاهتمام اللائق بما يتوافق مع مكانة وتاريخ صاحبها. «الأهرام» ذهبت الى قرية عرابى التى لا تبعد سوى كيلومترات وبضع دقائق عن مدينة الزقازيق، ورغم تزامن الزيارة مع الموعد السنوى لاحتفال القرية التى اعتادت اقامته بشكل شعبى داخل مقر الجمعية التى تحمل اسم الزعيم، إلا أن مرض رئيس مجلس الإدارة حال دون إقامته هذه المرة، بالإضافة إلى وفاة الحفيد الأكبر عبد الفتاح عرابى الذى كان يصر دائما على ارتداء زيه المميز واشهار سيفه فى تقليد لجده الذى كان يرث عنه الكثير من ملامحه. أكد عزت مصطفى رئيس جمعية أحمد عرابى بقرية هرية أن ذكرى الزعيم مازالت خالدة فى نفوس كل أبناء القرية، وسيظل رمزا للوطنية والفداء مهما عانينا من تجاهل وستبقى ثورته واحدة من أنصع الصفحات فى التاريخ ويكفينا فخرا أنه ضحى بروحه فداء لوطنه وظل ثائرا أبيا رافضا الظلم والخضوع رغم عزله ومحاكمته ونفيه خارج الوطن قبل أن يعود ليقضى نحبه ويدفن فى أرضه. وأوضح أن القرية تضم منشآت لمختلف المصالح والخدمات، منها مبنى للبريد ووحدة صحية وعدد من المدارس بمراحلها المختلفة، بالإضافة لعشرات المحال التجارية والورش الصناعية و13 مخبزا بالاضافة لمنفذ للمواد الغذائية للقوات المسلحة، إلا أن البيروقراطية أهدرت واقعها وحقها فى تحويلها إلى وحدة محلية مستقلة منذ سنوات طويلة أسوة بالكثير من القرى والتوابع كزهراء بردين وغيرها. وقال أحمد عرابى حفيد الزعيم الراحل إنه لن يتحدث عن جده فالتاريخ علمنا جميعا من هو أحمد عرابى، لكن ما أريد قوله ان مصر كانت دائما فى قلبه وعقله ولم تبرح مخيلته أبدا طوال منفاه الذى قضى به نحو 20 عاما. كما كان يريد أن يلقى نحبه فيها ويدفن على أرضها وكان يخشى أن يموت بعيدا عنها. كما سمعت من أجدادى وأهالى القرية والمثقفين الحاليين أن بعض دول العالم، مثل سيريلانكا التى كانت منفاه منذ مئات السنين اتخذت من المنزل الذى أقام به هناك متحفا ومزارا تاريخيا لتعريف ابنائها بسيرته ومدى ما قدمه لوطنه من تضحية. وأطلقت اسمه على إحدى جامعاتها، حتى دولة الأرجنتين اقامت له تمثالا ضخما فى أشهر ميادينها اعترافا بقيمته ودوره فى النضال. وأضاف عبد الفتاح ابراهيم أحد اهالى البلدة أن القرية هى الأكبر من بين قرى الوحدة المحلية الأم «بنى عامر» من حيث التعداد السكاني والامكانات والايرادات التى تضخها سنويا، إلا إنها تعانى الشتات بسبب حيرتها بين المركز والمجلس القروى لقربها من الزقازيق وتبعيتها لوحدة محلية أخرى، رغم موقعها المتميز على الطريق مباشرة وتقاطعها مع العديد من المحاور الاخرى. كما أنها ما زالت محرومة من بعض الخدمات، فلا يوجد بها نقطة مرور أو شرطة أو اسعاف. بالإضافة إلى المعهد الدينى الذى تم تشييده وتجهيزه بالجهود الذاتية منذ سنوات إلا أنه لم يتم تشغيله حتى الآن بعد دون سبب معلوم، مما يضطر الأهالى إلى إرسال أبنائهم خارج القرية إما للزقازيق او قرية المسلمية أو قرى مركز أبوكبير والتى تبعد أقربها عدة كيلو مترات. وأكد عدد كبير من أبناء القرية مشكلة المتحف الذى أصبح كالأطلال المهجورة تحيطه أكوام القمامة التى جعلته مرتعا لجامعيها والحيوانات الضالة والحشرات التى تتجمع عليها صباحا ومأوى للبلطجية والمدمنين ليلا بعد تفريغه وتجريده من معظم محتوياته القيمة والنادرة قبل سنوات بطريقة مبهمة وغير مبررة كمشهد المحاكاة الذى كان يجسد الوقفة الشهيرة وبعض الصور لمذبحة بحر البقر الشهيرة وآثارها والاغتيال الصهيونى للمدنيين والتلاميذ والأبرياء العزل، وترك بعض المقتنيات والاوراق الثمينة التى تشكل جزءا من تاريخ مصر مهملة. وأوضح رامى مصطفى، أحد شباب القرية، أن منزله الذى يقع داخل القرية ومازال محتفظا بطابعه الاثرى والتاريخى البسيط لا يوجد ما يدل على أنه منزل الزعيم أو كونه أثرا له قيمة تاريخية سوى كتابات بسيطة لا تشير لقيمته، وهو أيضا مهدد بالاندثار يكاد أن يردم تحت الرماد رغم ما يحويه من أوراق ومخطوطات نادرة تعود لأكثر من 130 عاما، بينما كان آخر ترميم له فى منتصف الثمانينيات ولم يستغل بالشكل الأمثل بعد، كما فجر مشكلة الغاز الذى لم يصل القرية ويعرضهم لاستغلال البائعين وموزعى البوتاجاز، فى ظل عدم وجود منافذ لتوزيع الاسطوانات بالقرية، وشكا محمد على مزارع من تهالك شبكات مياه الصرف المغطى بالقرية وارتفاع نسب الملوحة بها مما أدى لجفاف الزراعات وموتها. وطالب عادل الشهيدى أحد أبناء البلدة الدولة بالمزيد من الاهتمام والعمل على احياء سيرة الزعيم وتطوير المتحف والمنزل قبل ان يندثر بين القمامة والرماد واعادة تجهيزهما بالشكل اللائق لاسم الزعيم، فهل من مجيب لإنصاف القرية ومنحها القدر الكافى من الاهتمام وإنقاذ تراث عرابى ومقتنياته وتاريخه وإعادة افتتاحهما للجمهور ووضعهما على خريطة السياحة الداخلية والإقليمية والعالمية للتعرف عن قرب على حقبة هامة من تاريخ مصر؟