المشاط: نعمل على استدامة معدلات النمو الحقيقي بإصلاحات اقتصادية مستمرة لتتجاوز تكلفة الاستدانة    تنتج مياه نقية من رطوبة الهواء.. دبي تطلق أول محطة وقفية لسقيا الماء في العالم    شعر بها المصريون.. هزة أرضية بقوة 5.24 ريختر على بعد 15 كم من إنطاليا التركية    مصر وليبيا تتفقان على استمرار التنسيق المشترك بشأن ترسيم الحدود البحرية وفقاً للقانون الدولي    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    "أغلقوا المتاجر واستعدوا للحرب".. رسالة صادمة من الرئيس الإيراني    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في محافظة قلقيلية واحتجاز جثمانه    شاهد- صلاح يشارك في مران ليفربول الختامي قبل السفر إلى إيطاليا وسط جدل حول استبعاده    مسار يختتم استعداداته للبنك الأهلي في مواجهة مؤجلة بدوري الكرة النسائية    ضبط قائد سيارة نقل اصطدم بسيارة أخرى وأحدث بها تلفيات في الشرقية    إصابة 16 شخصا باختناق إثر تسرب غاز بمصنع ملابس جاهزة في الإسماعيلية    ضبط المدير المسئول عن إدارة كيان تعليمى "دون ترخيص" بالجيزة    أغاني عالمية وتابلوهات للباليه بمناسبة الكريسماس على المسرح الكبير    فيلم الرسوم المتحركة حلقة زمنية يفوز بجائزة أفضل تحريك بمهرجان Grand off ببولندا    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تحصد جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    جامعة بدر تطلق النسخة الأولى من قمة التكنولوجيا والأعمال الدولية 2025    233.5 تريليون جنيه قيمة المدفوعات عبر نظام التسوية اللحظية خلال 11 شهرًا    4 بلاغات جديدة و«ناني».. ارتفاع ضحايا الاعتداء الجنسي من جنايني مدرسة دولية بالإسكندرية    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    حسام حسن يوجه رسالة لحسن شحاتة: نتمنى له الشفاء العاجل    هيئة فلسطينية: جهود المؤسسات الدولية لا تتوقف لإغاثة غزة رغم العراقيل الإسرائيلية    وزير الأوقاف يحيل إمام مقصر ...ويوجه بضبط خطة سير العمل العاملين بالاوقاف بضرورة الالتزام بالضوابط    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    طرح البوستر الرسمى لفيلم القصص قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر    أخصائي تغذية: العسل الأسود أهم فائدة من عسل النحل    وزير الإعلام الكمبودى:مقتل وإصابة 14 مدنيا خلال الاشتباكات الحدودية مع تايلاند    جامعة قنا تنظم ندوة توعوية عن ظاهرة التحرش    رئيس الوزراء: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي    وزير الزراعة يكشف موعد افتتاح «حديقة الحيوان» النهائي    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    محمود جهاد يقود وسط الزمالك في لقاء كهرباء الإسماعيلية    العسقلاني: الأهلي فاوضني قبل الرباط الصليبي.. وهذه قيمة الشرط الجزائي في عقدي    أزمة سد النهضة.. السيسي فشل فى مواجهة إثيوبيا وضيع حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    الجوهري: العلاقات بين مصر والصين تمثل نموذجاً راسخاً لشراكة استراتيجية شاملة    الصحة تنفي وجود فيروسات جديدة وتؤكد انتظام الوضع الوبائي في مصر    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    جمهور نيللي كريم يترقب دراما رمضانية مشوقة مع "على قد الحب"    أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" يزورون المتحف المصري الكبير    ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالكويت فى الدوائر المغاة بانتخابات النواب    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الإيطالية .. انتحاراليسار وعودة الفاشية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 03 - 2018

ان الانتخابات الإيطالية فى مارس 2018، تمثل افتتاح فترة زمنية تسود فيها حالة من الفوضى، يبدو الخروج منها موضع شك. فمنذ عدة سنوات، واجهت إيطاليا تحول 50% أوأكثر من بين المدافعين عن المشروع الاوروبى الى متشككين فيه، فاليمين الراديكالى (المتطرف) الذى يظهر بوضوح حنينه للرجوع للفاشية بالقوة، وفى الوقت نفسه لا يجد اليمين البرلمانى الكلاسيكى أى مشكلة فى التحالف معه (كما فى النمسا على سبيل المثال). والشعبوية هنا (هى حركة 5 نجوم) تتميز بضبابية فى الرؤية لا مثيل لها، بما يحول دون معرفة ماهو برنامجها الحقيقى، لو كان لها برنامج أصلا.
وما تقدمه وسائل الاعلام المهيمنة من تفسيرات، ينقل نقطة التركيز إلى مسألة تدفق المهاجرين، متجنبة التساؤل ، عن اسباب هذا التدفق (السياسات النيوليبرالية التدميرية فى افريقيا والشرق الأوسط). وتقر وسائل الاعلام هذه، بمسئولية أوروبا التى تخلت عن دول جعلها وضعها الجغرافى (إيطاليا،اليونان، أسبانيا)، فى خط الدفاع الاول لمواجهة هذه التدفقات، ولكنها بالكاد، تلمح أحيانا، عن البؤس الناتج عن السياسة الاقتصادية لإيطاليا، ولكن أيضا، دون أن تضع العقيدة الليبرالية للمسألة.
الموسيلينية مخترعة الفاشية كانت رد اليمين الإيطالى على أزمة سنوات العشرينيات وايضا لمواجهة خطر الشيوعية الوليدة. ولكن لا الرأسمالية الإيطالية، ولا أداتها السياسية، الموسيلينية، كان لديهم طموح السيطرة على أوروبا، ولا بالتالى على العالم، على الرغم من زعيق القائد حول مسألة إعادة بناء الإمبراطورية الرومانية (!)، فلقد فهم موسيلينى ان استقرار نظامه يرتكز على التحالف (كتابع)، سواء لبريطانيا العظمى، (التى لها السيادة فى البحر المتوسط)، او سواء لألمانيا النازية. ولقد ظل هذا التردد قائما حتى عشية الحرب العالمية الثانية.
ولقد كانت الكارثة العسكرية هى الأصل فى انهيار الوهم حول هذا النموذج الفاشى، فى المنطقة الثانية. فى نفس الوقت، فى إيطاليا كما فى فرنسا، كان التحرير فى وقت الحرب العالمية الثانية بمثابة حرب شبه أهلية. ونتيجة لذلك، اضطر الفاشيون للاختباء فى العقود التالية لسنة 1945. دون ان يمثل ذلك أختفاء بشكل حقيقى. فيما بعد نجد ان اقتصاد البلاد- برغم ماحققه من معجزة ضمنت للإيطاليين حل الأزمة الحالية ومستوى معيشيا مرتفعا فإنه ظل هشا. هذه المعجزة هى أيضا السبب وراء الاختيار الاوروبى الذى غزى الفضاء السياسى، ليصبح المسئول الرئيسى، عن اختيار طريق بلا مخرج، تلتزم به البلاد.
كان نجاح الحزب الشيوعى الإيطالى بعد الحرب ، الأساس فى إحراز تقدم كبير نحو بناء مجتمع إيطالى حقيقى وموحد للمرة الاول (بعيدا بطبيعة الحال عن الصراعات الطبقية التى تسم الرأسمالية سواء فى إيطاليا او فى أماكن اخرى من العالم). لقد شارك كل من توجلياتى (Togaliatti) و بيرلنجير(Derlinguer) فى بناء هذا التقدم بقدر كبير من الوعى. فقد كانت قوة الحركة كافية للتأثير بشكل ما، على دولة «يسار الوسط» فى هذه الفترة، بالرغم من انغلاق الحزب الشيوعى الإيطالى على نفسه. فى حقيقة الامر، الحزب الشيوعى الايطالى، هو الذى بنى إيطاليا الحديثة، المشبعة بعمق بثقافتها. لم يتشارك الحزب فى هذا الاحتكار سوى مع الكاثوليكية المحكومة بكنيسة استطاعت ان تخفى مشروعها الرجعى الذى يختبئ خلفه حنينا للفاشية. ولقد قام بهذا الدور الحزب الديمقراطى المسيحى... وهذه الصفحة من تاريخ إيطاليا قد طويت.
بلا شك يبدو خطر الفاشية اليوم غير قادر على تهديد النظام الديمقراطى للولايات المتحدة وأوروبا، على أقل تقدير أوروبا الغربية. لقد اصبح التواطؤ بين اليمين البرلمانى الكلاسيكى والليبرالية الاجتماعية، غير مجد من اجل هيمنة رأس المال، واللجوء الى خدمات اليمين المتطرف، يضعهم ضمن الحركة التاريخية الفاشية. بيد ان صعود النضالات الشعبية يمكن ان يقنع الطبقة الحاكمة من الاستفادة بشكل أكبر من خدمات الفاشية، كما فعلت فى الماضى. ان النجاح الانتخابى لليمين المتطرف فى العقود الاخيرة يجب ان يكون موضع قلق. فالشعوب الأوروبية فى واقع الامر هى أيضاً ضحايا انتشار رأسمالية الاحتكارات المعممة السائدة فى هذه اللحظة. ولقد أدركنا ان مواجهة تواطؤ اليمين البرلمانى، المسمى ديمقراطي/ يسارى، أو اشتراكى باللجوء إلى الامتناع عن التصويت، أو الارتباك، أو التصويت لليمين المتطرف فى أخر الامر. إذن مسئولية اليسار المحتمل فى هذه الحالة كبيرة، لانه اذا امتلك هذا اليسار الجرأة على اقتراح مشروع متقدم حقيقى يتجاوز الرأسمالية الحالية، سيكسبه ذلك المصداقية التى يفتقدها. ان هناك ضرورة ليسار راديكالى وجرئ قادر على إعطاء حركات الاحتجاج والنضالات ذات الاهداف الدفاعية التى تتسم دائما بالتفتت، التماسك الذى تفتقده. يمكن القول إذن ان « الحركة» تستطيع قلب علاقات القوى الاجتماعية لصالح الطبقات الشعبية، وتسمح بأحراز خطوات تقدمية.
فى الوضع الحالى، أصبحت النجاحات الانتخابية لليمين المتطرف هى الشغل الشاغل، للرأسمالية الحالية. ولقد سمحت لوسائل الإعلام بالخلط بين(شعبوية اليمين المتطرف، وتلك لليسار المتطرف) وتتناسى ان الأول هو مؤيد للرأسمالية (كما يتضح من تقييمه لليمين المتطرف) فهو إذن حليف محتمل له، فى حين ان الثانى الخصم الوحيد الذى يمثل خطورة محتملة على نظام سلطة رأس المال.
نحن نلاحظ تحولات فى أوضاع مماثلة فى الولايات المتحدة، مع إن اليمين المتطرف بها لم يقم أبداً على انه فاشى. مثل ماكارثية الأمس، أوتعصب حركات «التى بارتى» «tea party»، و«الذهاب للحرب» «va-en guerre». لقد دافع كل من (هيلارى كلينتون، ودونالد ترامب) بوضوح عن «الحريات»- تلك التى تخص المالكين، ومديرى رأس مال الاحتكارات ضد «الدولة» المشتبه فى تقديمها تنازلات لمصلحة ضحايا النظام..
لمزيد من مقالات د. سمير أمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.