«المرأة الحديدية « ليس مجرد لقب فازت به رئيسة ليبيريا السابقة إلين جونسون سيرليف بل يرى البعض أنها تستحقه عن جدارة حيث يلخص قصة كفاح طويلة لسيدة وضعت لنفسها هدفا شخصيا فى البداية أن تصبح نموذجا للسيدة الأفريقية ذات الثقافة والخبرة المتميزة،وهدفا عاما وهو تحقيق السلام والإستقرار لبلادها حتى نجحت فى أن تحفر اسمها فى تاريخ بلدها. ويراقب الكثيرون الآن كيف ستصمد المرأة الحديدية ورئيسة ليبيريا السابقة أمام اتهامات بالمحسوبية والتحيز. وربما يرى البعض أن وصول سيرليف للحكم وفوزها بلقب أول أمراة فى ليبيريا وأفريقيا تصل للرئاسة وانتصارها لقضية المرأة وكسر «تابو» أن المرأة لا تصلح للحكم، هو النجاح الذى حققته.ولكن بالنسبة لها الأمر يختلف حيث طالما اعتبرت النجاح الحقيقى فى ما يمكنها فعله للنهوض ببلادها وحماية شعبها وتوفير الحياة الكريمة له. ولم يكن الأمر سهلا على الإطلاق بالنسبة لسيرليف ،التى درست فى كلية العلوم الاقتصادية فى جامعة غرب أفريقيا و حصلت على درجة الماجيستير فى الإدارة العامة من جامعة هارفارد الأمريكية وتولت العديد من المناصب بالبنوك العالمية والبنك الدولى . فقد كان التحدى قويا وكان عليها أولا مداواة شعبها من أثار الحرب الأهلية الدامية، والتى خلفت بلادها مهلهلة مجردة من المؤسسات والبنية التحتية، الأمر الذى يشهد الجميع لها بأنها حققته باقتدار. فعقب 14 عاما من الحروب الأهلية الطاحنة فى ليبيريا- التى استمرت فى الفترة من 1989 إلى2003 وخلفت نحو 250 الف قتيل ونزوح الآلاف وتركت أثارها المدمرة على مؤسسات الدولة واقتصادها وبنيتها التحتية- لم تخش سيرليف( 79 عاما) من التحدى فرشحت نفسها فى الانتخابات الرئاسية عام 2005، لتبدأ مسيرة من الإنجازات تتلخص في عملها على تحسين الوضع الاقتصادى فى البلاد وتقليل حجم الديون حيث سعت لاستمالة المؤسسات المالية الدولية التى تعرفها جيدا. فبعدما وصل الدين الوطنى لنحو 4.9 مليار دولار فى عام 2006، نجحت فى إقناع الولاياتالمتحدة بالتخلى عن كامل مبلغ 391 مليون دولار المستحقة له من ليبيريا فى أوائل عام 2007. وفى العام ذاته، قدمت مجموعة الثمانية برئاسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نحو 324 مليون دولار لتسديد 60 % من ديون ليبيريا إلى صندوق النقد الدولي. وفى 2009، نجحت فى شطب 1.2 مليار دولار إضافية من الديون التجارية الخارجية، واعتبر البلد مؤهلا للمشاركة فى مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون فى عام 2008. كما وافق البنك الدولى وصندوق النقد الدولى على منحها تمويلا يقدر ب 1.5 مليار دولار. وبعدما نجحت فى تخفيف الديون الخارجية إلى جانب تحقيق الاستقرار والأمن فى البلاد أصبح الطريق ممهدا لجذب الاستثمارات الأجنبية. وعلى صعيد أخر، فقد أسست سيرليف لجنة «الحقيقة والمصالحة» فى عام 2006 بهدف تعزيز السلام الوطنى والأمن والوحدة والمصالحة، وذلك من خلال التحقيق فى أكثر من 14 عاما من الصراع الأهلى فى البلاد. وقد تمت الإشادة بتلك اللجنة وبدور سيرليف آنذاك فى محاربة الفساد والسعى لإحلال العدل والسلام، خاصة بعدما وقعت على قانون حرية الصحافة والإعلام، وكانت أول رئيس يوقع على هذا القانون. وتكريما لها ولما حققته خلال سنوات رئاستها ودورها فى تعزيز السلام والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة فقد منحت سيرليف جائزة نوبل للسلام عام 2011، كما احتلت المركز ال 70 فى قائمة أقوى نساء العالم التى نشرتها مجلة «فوربس» عام 2014. وفى ظل أزمة تفشى وباء الإيبولا فى دول غرب أفريقيا ورصد العديد من حالات الوفيات والمصابين في ليبيريا إلا أن سيرليف نجحت فى القضاء على الوباء سريعا من خلال تنظيم حملات صحية وإعلانية لتحصين وتوعية المواطنين من الإصابة. وخلال 42 يوما فقط أعلنت منظمة الصحة العالمية أن ليبيريا بلد خالية من الفيروس. وعقب 12عاما حكمت خلالها سيرليف ليبيريا لفترتين رئاسيتين متتاليتين، وحققت الكثير وبعد مشاركتها فى أول انتقال ديمقراطى للسلطة فى تاريخ البلاد ،تواجه حاليا اتهامات بالمحسوبية لتعيينها 3 من أبنائها فى مناصب حكومية عليا، الأمر الذى لم تنكره سيرليف بل قالت «لقد كانوا جديرين ومؤهلين لتولى تلك المناصب وإذا لم يكونوا كذلك لمنعتهم أنا من توليها». كما قام حزب «الوحدة الحاكم» بطرد سيرليف من الحزب بعدما وجهت اللجنة التنفيذية اتهامات بالتحيز لمخالفتها القانون الأساسى للحزب برفضها تأييد نائبها جوزيف بولاكى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى فاز بها جورج ويا، وقد أنكرت سيرليف الاتهامات التى وجهت لها بتأييد ويا عازمة على الطعن على قرار الحزب لكونه غير قانوني.