محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    ألاعيب سيارات الاستيراد.. واستفسارات عن التحويل للغاز    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    «حماس» تتلقى ردا رسميا إسرائيليا حول مقترح الحركة لوقف النار بغزة    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    كولر : جماهير الأهلي تفوق الوصف.. محمد الشناوي سينضم للتدريبات الإثنين    "في الدوري".. موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد الفوز على مازيمبي    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معضلة الديمقراطية والقيادة الأمريكية

عندما يُسأل المواطن السوى عن نظام الحكم الأفضل يجيب دون تردد أنه النظام الديموقراطي، ومع ذلك فإن الامر ليس بهذه البساطة فالعملية الديمقراطية مسألة شديدة التعقيد، وعلى سبيل المثال فإن الآلية الأهم لتحقيق الديموقراطية هى الانتخابات التى يصل بموجبها إلى مواقع السلطة من تختارهم الأغلبية والاستفتاءات التى تقرر بها الشعوب اختياراتها فى قضايا مصيرية، غير أن المشكلة أن الانتخابات لا تأتى بالضرورة بأفضل العناصر، ويكفى مثلاً أن يؤجج مرشح مشاعر فى الجماهير قد تكون غير سوية غير أنها تدغدغ عواطفهم فيتم انتخابه ثم تحدث الكارثة، فقد وصل هتلر إلى السلطة فى ألمانيا 1933 بانتخابات ديموقراطية استغل فيها مشاعر الإحباط التى كان يعيشها الشعب الألمانى بعد الهزيمة فى الحرب العالمية الأولى والتسويات المُذلة بعدها، ثم كان ما كان من نظام سياسى شمولى لم تقتصر تداعياته الكارثية على الشعب الألمانى وحده وإنما دفع العالم كله ثمناً باهظاً نتيجة السياسات التوسعية لهتلر. وفى الانتخابات النيابية قد تأتى هذه الانتخابات بالأغنياء الذين يستثمرون أموالهم فى جمع الأصوات أو بالمستندين إلى انتماءات عائلية أو قبلية أو دينية أو عرقية بغض النظر عن اعتبارات الكفاءة، وفى الاستفتاءات ثبت أنه ليس من المؤكد أن تكون خيارات الرأى العام رشيدة دائماً، وقد اختارت غالبية البريطانيين فى استفتاء خروج بلدهم من الاتحاد الأوربى مع أن قطاعاً واسعاً من الخبراء والمحللين كان يرى أن هذا الخيار لا يصب فى المصلحة الوطنية، وبسبب المشاعر القومية القوية صوت أكراد العراق لصالح دولة مستقلة كان الجميع يعلم سلفاً أنها لن تكون قابلة للحياة لاعتبارات داخلية وخارجية وسرعان ما تأكد هذا بعد الاستفتاء بمدة وجيزة، ويجب أن يكون واضحاً أن الأمثلة السابقة كافة تنطبق على الانتخابات والاستفتاءات النزيهة لأن غيرها لا علاقة له بالديموقراطية أصلاً وعلى الفور سوف يُفَسر البعض التحليل السابق بأنه مناهض للديموقراطية وهو استنتاج غير صحيح لأن الغرض منه التنبيه إلى أن الظواهر السياسية شديدة التعقيد وأنه من الخطأ النظر إليها من جانب واحد أما الديموقراطية فتبقى أفضل نظام للحكم وعيوبها أقل بكثير من عيوب أى نظام آخر، ومن أهم أبعاد هذه الأفضلية أنها تتضمن آليات تصحيحها طالما بقى جوهرها الديموقراطى قائماً، وأهم هذه الآليات هى الانتخابات الدورية والحريات السياسية والإعلامية التى تمكن معاً من التقييم الدائم لمخرجات النظام الانتخابى بالنقد الدائم لأداء المسئولين ومن ثم إمكانية تصحيح خيارات الناخبين مع كل انتخابات جديدة ناهيك بوضع حد زمنى أقصى لتولى المسئولين الحكم، وتعد حالة الرئيس الأمريكى الحالى مثالية فى هذا الصدد، فقد وصل إلى الرئاسة بالآلية الانتخابية، وإن كانت الملاحظة واجبة ابتداءً لحقيقة أن النظام الأمريكى المعقد لانتخاب الرئيس وهو نظام المُجَمع الانتخابى أو الكلية الانتخابية يسمح بأن يفوز بالرئاسة من لم يحصل على أغلبية أصوات الناخبين لأن أصوات ممثلى الولاية فى المُجَمع الانتخابى تذهب كلها لصالح المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات فيها، وهو ما حدث مع الرئيس الحالى حيث تفوقت عليه منافسته فى الأصوات المباشرة للناخبين بنحو ثلاثة ملايين صوت، وقد فاز بالانتخابات لأنه نجح فى استثمار مشاعر معينة لدى قطاعات ثبت أنها واسعة من الأمريكيين مثل البيض وأتباع ما يُسمى بالصهيونية المسيحية الذين كان نائبه فاعلاً فى حشدهم وبطبيعة الحال اللوبى الصهيونى فضلاً عن العمال الذين أفقدتهم العولمة وظائفهم وغيرهم، واستخدم ترامب شعارات عاطفية رنانة مثل أمريكا أولاً واستعادة أمريكا العظيمة وتخليص الشعب الأمريكى من حكم «مؤسسة واشنطن» وكانت نتيجة هذا كله أن وصل إلى سدة الحكم شخص ليست لديه أدنى خبرة سياسية وهو الأمر الذى نراه منعكساً بوضوح فى الارتباك الجلى داخل إدارته كما يبدو بصفة خاصة فى تناقض كثير من المواقف بينه وبين أركان هذه الإدارة وبصفة خاصة وزيرى الخارجية والدفاع، ناهيك بالعديد من التصريحات التى تحمل نبرات تهديدية فى مواجهة كوريا وإيران وغيرهما دون أن تفضى إلى أى شئ عملي، ويُضاف هذا إلى سرعة معدل الخروج من إدارته لأسباب مختلفة، وقدرة غير مسبوقة على كسب الأعداء دون مبرر كما فى حلفائه فى حلف الأطلنطى والاتحاد الأوربى وشركائه فى اتفاقيات التجارة الحرة متعددة الأطراف والدول الإسلامية التى منع مواطنيها من السفر إلى الولايات المتحدة والعرب وعموم المسلمين والمسيحيين الذين أغضبهم بقراره الخاص بالقدس وأخيراً ومن الواضح أنه لن يكون آخراً الدول الأفريقية التى وصفها فى اجتماع مغلق بأنها «حثالة» وذلك دون أن نذكر كلمة واحدة عن سلوكه الشخصى وما يُثار حوله.
وقد بدأت آليات التصحيح الديموقراطية عملها فور اتضاح طبيعة أداء الرئيس ومضمونه فتعرض لانتقادات لاذعة من الإعلام الأمريكى والمثقفين والفنانين الأمريكيين، وسرعان ما تكشفت مسألة التدخل الروسى فى الانتخابات عن طريق معاونين له وهى مسألة خطيرة يجرى التحقيق فيها بالفعل، بل لقد بدأ البعض يتحدث عن إمكانية عزله قبل انتهاء ولايته وليس ذلك بالمسألة السهلة ما لم تثبت مخالفة صارخة للدستور كما حدث مع نيكسون فى 1976 كما أن أنصاره باقون على تأييدهم له وإن تقلصت شعبيته، لكن المشكلة الحقيقية أن «القيادة» الأمريكية للعالم قد فقدت الكثير من مقوماتها المعنوية بعد أن اكتسب ترامب كل هذا العداء والاستهجان الذى وضع الدول حتى الصغيرة منها فى موقف لا تستطيع معه أن تؤيد السلوك الأمريكى حتى تحت التهديد الفج كما بدا فى تصويت الدول فى موقعتى مجلس الأمن والجمعية العامة على مشروعى القرارين الخاصين بالقدس وكذلك فى بيان الاتحاد الأفريقى الأخير الذى طالبه بالاعتذار عن تصريحاته المهينة للدول الأفريقية.
لمزيد من مقالات ◀ د. أحمد يوسف أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.