«الزاجل».. هو سيد أنواع الحمام.. ذلك الطائر الرقيق الذى إن تره يأسر قلبك بوداعة طباعه وانسيابية جماله.. وقديماً كانوا يلقبونه بحامل أسرار العرب، حيث كانوا يستغلونه فى حمل رسائلهم من بلد الى آخر، كما كان من أهم وسائل نقل الرسائل الحربية بأمان بين قواد الجيوش لقدرته على قطع مسافات كبيرة والعودة مرة أخري، حيث إن قدرته الطبيعية على رسم خارطة المجال المغناطيسى للأرض للاستعانة بها فى معرفة طريق العودة إلى موطنه، جعلته يحتل مكانة متميزة لدى الأمم السابقة، وبلغ اهتمام العرب به إلى حد تأليفهم كتبا وعمل دراسات عن طبائعه وأمراضه وعلاجه.. وفى زماننا الحديث مازال الحمام الزاجل يحظى باهتمام محبيه ومربيه ولكن ليس من أجل نقل الرسائل المكتوبة وإنما للمشاركة فى السباقات سواء المحلية أو الدولية. وفى مصرتوقفت المسابقات الرسمية للحمام الزاجل منذ عام 2006 بقرار حكومى تجنبًا لانتشار فيروس «إنفلونزا الطيور»، إلا أنها عادت مرة أخرى هذا العام عقب صدور حكم نهائى من محكمة القضاء الإدارى منذ شهور قليلة، بالسماح له بالطيران، وتشكيل مجلس إدارة للاتحاد المصرى لسباقاته. وفى الإسكندرية، مع الساعات الأولى من فجر يوم الجمعة من كل أسبوع تدب الحركة فى أحد شوارع منطقة كرموز غرب المدينة، الذى يتحول إلى سوق لبيع وشراء أنواع مختلفة من الحيوانات على رأسها الحمام الذى يطلق عليه «دون بوسكو» أو «سوق الحمام» كما هو متعارف عليه بين السكندريين، إذ يحضر المربين حاملين أقفاصهم الممتلئة بمختلف الأنواع للبحث عن مشتر. «تربية الحمام فن لا يتقنه إلا المحبون» بهذه الكلمات بدأ أحمد المغربي، مربى حمام، حديثه ل»الأهرام»، موضحًا أن حبه وشغفه بتربية الحمام بدآ قبل 15 سنة. ويضيف «المغربي» انه فى بداية الأمر قام بتربية الحمام البلدي، وهو المخصص للأكل فقط لانخفاض سعره، ثم بدأ بعد ذلك اهتمامه بحمام المسافات والحمام الزاجل وشارك فى عدة مسابقات، ومع توقفها بقرار حكومى فى السنوات الماضية نظم الهواة مسابقات مماثلة غير رسمية بتلك الفترة. ويشير «المغربي» إلى أن المسابقات غير الرسمية شهدت مشاركة من متسابقين مصريين فقط عكس «الرسمية» التى كانت تشهد مشاركة متسابقين من دول عربية وأجنبية،، مشيدًا بقرار خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة تشكيل مجلس إدارة للاتحاد المصرى لتنظيم السباقات. أما بائع الحمام أسامة نعيم فيقول: إن الحمام الزاجل أصبح يطلق عليه فى سوق الإسكندرية اسم «مسافات جمعية» وهو المخصص للمشاركة فى المسابقات لتمكنه من الطيران لآلاف الكيلو مترات، كما أن هناك نوعا آخر يطلق عليه «حمام المراسلة» لكنه يطير لمسافات أقل، لذلك يقوم الهواة بتربيته للطيران ضمن حدود المحافظة فقط. ويؤكد «نعيم» ان قرار عودة المسابقات مرة أخرى أنعش حركة البيع والشراء للحمام الزاجل، بعد أن تراجعت بنسبة كبيرة خلال الفترة الماضية، فقد كان البيع مقتصرًا على الأنواع الأخرى سواء الزينة أو البلدى والفلاحي، مشيرًا إلى أن «الزاجل» يتراوح سعره ما بين 500 وألف جنيه، حسب العمر وشكل الجسم. ويوضح «نعيم» ان مشاركة الحمام فى المسابقات وفوزه بمراكز متقدمة يسهمان فى رفع سعره، فقد يصل فى بعض الأحيان إلى 5 آلاف جنيه للفرد الواحد وهذا السعر يتضاعف إذا ما فاز فى مسابقات دولية، مضيفًا أن كل مرب يستخرج شهادات للحمام الذى يملكه توضح السلالة المنتمى إليها وعدد المسابقات التى فاز بها والمراكز التى حصل عليها. ويقول ماجد العطار، بائع حمام: إن المربى يبدأ فى تدريب الحمام فور ظهور ريشه عندما يكون فى عمر شهر، وبعدما يكمل شهرين يدفعه للطيران لمسافات قريبة، ثم يقوم بزيادة تلك المسافة بشكل تدريجى حتى يعتاد الحمام الطيران لوقت طويل ويسجل فى ذاكرته الطريق إلى عشه، ويكون بذلك قادرًا على خوض المسابقات. وتستلزم تربية الحمام اهتمامًا خاصًا من حيث تنظيف الأعشاش وتغيير الطعام والمياه بصفة دورية لأنه يرفضهما إذا كانا متسخين، وهو يتغذى على الفول والذرة والباذلاء الخضراء، مشيرًا إلى أن درجة حرارة الحمام تصل إلى 40 درجة مئوية لأنه من المخلوقات ذات الدم الحار، وبالتالى يقضى تلقائيًا على أى فيروسات قد تصيبه ومن بينها «إنفلونزا الطيور». وفى إحدى زوايا السوق يقف إبراهيم فتحي، أمامه «فاترينة» تحتوى على مئات الأشكال والأنواع من الدبل التى توضع فى أرجل الحمام، موضحًا أن دبل الحمام الزاجل مدون عليها تاريخ العام ورقم مسلسل، كما يتم كل عام تخصيص لون دبل محدد لمنع اختلاطه مع سنوات ماضية، موضحًا أن سعر الدبلة يبلغ 4 جنيهات فقط. من جانبه، أشاد السيد عبد العاطي، رئيس لجنة سباق الحمام الزاجل فى الإسكندرية، بقرار عودة النشاط مرة أخرى عقب توقفه لأكثر من 10 سنوات، موضحًا أنه يتم تنظيم مسابقتين فى العام، الأولى بوجه بحرى تنطلق من منطقتى العلمين أو السلوم وتكون فى شهر إبريل، أما الثانية فبوجه قبلى تبدأ من أسوان وتكون فى شهر ديسمبر.