صباح يوم الأربعاء 19 يناير 77 اقتاد رجل مباحث الدولة محمد سلماوى الصحفى بالأهرام من منزله فى المعادى لمجرد دقيقتين ويعود إلى البيت . لكن الدقيقتين إستمرتا 49 يوما أمضاها سلماوى فى السجن من القلعة إلى سجن الاستئناف حاملا رقم 52227. كانت تهمة سلماوى أنه اشترك فى مظاهرات الغضب التى خرجت يومى 18و19 يناير 77 احتجاجا على زيادات الأسعار التى شملت من الأرز إلى البنزين. ورغم أن سلماوى وهو صادق كان يومها فى الأهرام يمارس عمله وليس له أى علاقة بالمظاهرات التى خرجت، فإنه كما صارحه بعد خروجه من سجنه سيد مرعى الوزير ورئيس مجلس الشعب الأسبق وقريب أسرة سلماوى: لقد تأكدت بنفسى أنك لم تشترك فى أى مظاهرات، ولكنك إخترت إلى جانب الأدب أن يكون لك موقف سياسى معارض، وهذا يدخلك إلى قلب الحياة السياسية . فعليك أن تتعامل مع الواقع السياسى القائم. والمعنى واضح وهو أن من يختار السياسة والمعارضة عليه قبول الاتهامات بصرف النظر عن صحتها، لأن الواقع السياسى هو كذلك. وقد خصص سلماوى نصف الكتاب الذى تضمن مذكراته بعنوان يوما أو بعض يوم إصدار دار الكرمة، ليحكى بأسلوبه الروائى الجميل تفاصيل فترة السجن بكل ماتضمنته من مشاعر وأحاسيس مختلفة كزوج وأب، وحرمان من أشياء لا يعرفها إلا من دخل السجن. منها ذل قضاء الحاجة والحرمان من الزيارة وكسر المعلقة البلاستيك الوحيدة التى جاءته من زوجته وبدونها لا يعرف كيف يأكل ، وغير ذلك حكايات الزملاء الصحفيين رفقة الزنزانة وغيرهم مثل السجين الذى تعود على حياة السجون وكلما قاربت مدته أوصى أحد الشاويشية أن يحضر له قطعة حشيش ليمسكونه بها ويضمن استمرار حبسه. وأيضا حكاية الشاب القاتل أحمد الذى يوم إعدامه كما روى عشماوى لسلماوى نظر إلى الذين يسوقونه لنهايته وقال لهم : مش تسألونى أنا عاوز إيه؟ أنا عاوز أشكر السجن وإدارة السجن ويتم دفنى فى المنيا وآخر حاجه أبوس المأمور، وبالفعل أجابوه لطلباته ! [email protected] لمزيد من مقالات صلاح منتصر