المقارنة بين البرنامج النووي الإيراني والإسرائيلي لم تكن بالبسيطة فكلا البرنامجين مرا بمراحل تطلبت وقتا طويلا للوصول إلي نقاط تطور معينة. إلا أن الشيء الأوضح بين الاثنين يتمثل في أن البرنامج النووي الإسرائيلي. تمكن من التوصل للسلاح النووي, بينما مازال البرنامج النووي الإيراني يكافح من أجل إثبات سلمية أهدافه رغم الشكوك الكبيرة التي تحيط بالغايات الإيرانية. ولو بدأنا بالبرنامج النووي الإسرائيلي فسنجد أنه في عام1950 م أقامت وزارة الأمن الإسرائيلية فرعا للبحوث النووية في معهد وايزمان بتل أبيب وفي عام1952 م تأسست لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية وفي عام1953 م أصبح لدي إسرائيل القدرة علي إنتاج الماء الثقيل واليورانيوم المخصب. وهنا جاء دور الدعم الخارجي حيث حصلت إسرائيل في عام1955 م علي مفاعل نووي للأبحاث من الولاياتالمتحدة. واتجهت إسرائيل بعد ذلك لبناء مفاعلات نووية صغيرة للابحاث استعدادا لإنتاج القنبلة الذرية. وبعد ذلك بدأت الصفقات تتوالي حيث تمكن علماء إسرائيليون من سرقة تكنولوجيا الكمبيوتر من الولاياتالمتحدة خلال تدربهم هناك لصالح فرنسا التي كانت تواقة لصنع القنبلة الذرية, ولكنها لم تتمكن من الوصول لتكنولوجيا الكمبيوتر آنذاك. العلماء الإسرائيليون أعطوا لفرنسا تلك التكنولوجيا الأمريكية مقابل الحصول علي تكنولوجيا استخلاص اليورانيوم من الفوسفات والحصول علي مفاعل ديمونة. وبتولي موشيه ديان وزارة الدفاع الإسرائيلية بدأ الإسراع في إنتاج القنبلة الذرية حيث أمر باستكمال مفاعل ديمونة وأرسلت إسرائيل مهندسين نووين إلي أمريكا للتدريب علي تكنولوجيا التجارب النووية تحت الأرض. وتختلف الآراء حول سنة إنتاج أول قنبلة نووية إسرائيلية لكن الجميع يجمعون علي أنها كانت بين عامي1968 م و1972م. وفي عام1986 م كشف الفني النووي الإسرائيلي موردخاي فانونو أن إسرائيل انتجت مائة قنبلة نووية. كما امتلكت إسرائيل نحو20 صاروخا نوويا وفي عام84 امتلكت31 قنبلة بلوتونيوم وفي عام1994 صنعت ما بين64 إلي112 قنبلة برأس حربي. كما تمتلك إسرائيل ما بين200 إلي300 جهاز تفجير نووي. وكشفت معلومات أدلي بها الكولونيل المتقاعد ورنر فارر عن أن إسرائيل أنتجت قنابل نيوترونية وألغاما نووية وصواريخ تطلق من الغواصات فضلا عن القنابل الهيدروجينية المرتفعة التكاليف. وحسب وارنر فإن إسرائيل تمتلك قدرات نووية تجعلها تحتل المرتبة الخامسة نوويا متفوقة علي بريطانيا, حيث تمتلك إسرائيل400 رأس نووي, بينما لاتمتلك بريطانيا سوي185 رأسا فقط. افنير كوهين وهو أحد الكتاب الإسرائيليين يقول في كتابه إسرائيل والقنبلة إن هناك تفاهما بين إسرائيل وأمريكا يقضي بأن تغض واشنطن الطرف عن البرنامج النووي الإسرائيلي مادامت إسرائيل التزمت إستراتيجية الغموض حول هذا البرنامج. والاتفاق ابرمته رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في اوائل السبعينيات ويتم تجديده مع كل رئيس امريكي يأتي إلي البيت الأبيض. وعندما يجد المسئولون الأمريكيون انفسهم محاصرين يؤكدون أن جميع الأسلحة الإسرائيلية للاغراض الدفاعية. أما إذا تطرقنا إلي التاريخ النووي الإيراني فسنجد أن البرنامج النووي الإيراني بدأ عام1974 م عندما أنشا الشاه محمد رضا بهلوي المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية وفي نفس العام تم توقيع عقد بين أمريكا وإيران مدته عشر سنوات ينص علي أن تحصل إيران علي الوقود النووي لمدة عشر سنوات وتم توقيع عقود أخري مع فرنسا وألمانيا حتي جاءت الثورة الإسلامية وأعلن الخوميني ان امتلاك الطاقة الذرية أمر محرم شرعا, ثم عاد بعد سنوات قليلة وأحيا البرنامج النووي الإيراني عام1984 م. وقد عملت إيران علي إنشاء عدة مراكز أبحاث منذ ذلك التاريخ بحجة استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء والتكنولوجيا السلمية وإن كان حقيقة ذلك امر محط شكوك كبيرة. والاستمرار في البرنامج النووي الإيراني أمر مهم علي الصعيد الداخلي حيث انه يوحد الأمة علي تأييد النظام الذي أصبح يتعرض لضغوط خارجية كبيرة حسب معتقدات رجال النظام الإيراني. وهنا يتبين أن البرنامجين النووي الإيراني والإسرائيلي لم ولن يكونا أبدا للاستخدامات السلمية فتاريخ البلدين في الحصول علي التكنولوجيا يبين أن النية لا تقف علي الاستخدام السلمي وهذه النية تزيد بشكل كبير في إسرائيل مع وجودها أيضا في إيران بشكل كبير.ولاشك في ان التسابق بين البلدين في هذا المجال لم يؤد سوي إلي إشعال نار الحصول علي التكنولوجيا النووية في المنطقة, الأمر الذي لايصب في مصلحة أمن واستقرار الشرق الأوسط. فبدلا من توجيه الطاقات المالية في تصنيع الأسلحة النووية, الأجدي من ذلك التوجه نحو القضاء علي الفقر والأمية والبطالة وهي صفات أصبحت للأسف من سمات الشرق الأوسط. [email protected]