بعد التدخل الإيراني في العراق وسوريا واليمن ولبنان ، يصف البعض إيران بأنها داهية في السياسة وأن لا أحد يستطع توريطها ويراهن هؤلاء على نجاحها ، مؤكدين حسابها لخطواتها بدقة بالغة ، ويرون أن كل ما تفعله إيران في المنطقة العربية مخطط ومدروس ، لكنني لا أرى ذلك لأن قراءة صفحات التاريخ تذكرنا بتوريط أمريكا للخميني من قبل في حرب مع صدام حسين لثمان سنوات استنزفت إيران اقتصاديا وأنهكت شعبها . الإدارة الأمريكية في عهد أوباما هى من دفعت إيران للعب دورا محوريا رئيسيا إقليميا على مستوى الشرق الأوسط من خلال : أولا : السماح للنفوذ الإيراني بالتمدد والتغول فى دول العراق وسوريا واليمن ولبنان ، فضلا عن السماح لإيران بامتلاك ترسانة عسكرية قوية ، وطائرات بطيار وبدون طيار كلها من انتاج مصانعها الحربية . ثانيا : موافقة أمريكا في عهد أوباما على استكمال إيران لمشروعها النووي ورفع الحصار والعقوبات الاقتصادية عنها ؛ ساعدها كثيرا في التمدد بالوطن والتوسع في انتاج الأسلحة والصواريخ . ثالثا : لا يمكن تغافل استثناء وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه) في عهد أوباما عام 2015 كلا من ايران وحزب الله من قائمة الدول والتنظيمات “الإرهابية” التي كانت تشكل مصدر الخطر على الولاياتالمتحدةالأمريكية ، طوال الثلاثة عقود الماضية (ايران) والعقدين الماضيين (حزب الله) . رابعا : تصالح نظام أمريكا مع نظام بشار الأسد الحليف لإيران ، بعد انهيار فصائل المعارضة السورية ، مقابل تمدد الجماعات المتطرفة والذين تركوا يتمددوا لتنشغل المعارضة السورية فى قتالهم ويسهل هزيمتها . صحيح تصريحات ترامب السياسية جاءت مغايرة لسياسة أوباما ، حيث أكد ترامب خلال مؤتمر صحفي مؤخرا على : أولا : منع إيران من استكمال مشروعها لامتلاك سلاحا نوويا. ثانيا : سعي أمريكا للتعاون مع حلفائها من البلدان العربية للحد من الأعمال العدائية للنظام الإيراني ؛ على حد قول ترامب. ثالثا : اتخاذ إجراءات من قبل الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات إضافية على النظام الإيراني لمنعه من الاستمرار بتمويل الإرهاب بالوكالة وزعزعة الأستقرار في المنطقة العربية ؛ على حد تصريحات ترامب. رابعا : عزم الإدارة الأمريكية على منع النظام الإيراني من تطوير نظم الصواريخ ونشر الأسلحة التي تهدد تجارة جيرانه مع العالم وحريتهم في الملاحة ؛ طبقا لتصريحات ترامب. ولكن ما نشاهده على أرض الواقع هو أولا : استمرار سماح النظام الأمريكي لإيران بالتغول بالعراق وسوريا واليمن ولبنان وثانيا : تفاقم أرباح مصانع السلاح الأمريكية جراء رواج الأسلحة في الحروب المشتعلة بالوطن العربي وثالثا : ازدياد النفوذ والسيطرة الأمريكية على الثروات الطبيعية العربية. قد يكون ترامب صادقا في سعيه لمنع إيران من امتلاك سلاحا نوويا ولكن السؤال الذي يفرض نفسه : هل ترامب صادقا في وعوده للدول العربية بالتحالف معها ضد إيران ؟! هل يسعى ترامب حقا لوقف التغول الإيراني بالبلدان العربية ؟! هل من مصلحة أمريكا وقف الحرب العربية الإيرانية ؟! اتمنى أن يتعلم النظام الإيراني من دروس الماضي جيدا ويتذكر كيف تم توريط أمريكا للخميني من قبل في حرب مع صدام حسين لثمان سنوات ؛ استنزفت إيران وأنهكت شعبها . من العبث أن يستمر المسلمون في التفرق والتحزب والقتال الطائفي لبعضهم البعض ولذا من الضرورة بمكان وقف هذه الحروب الدائرة في المنطقة العربية ، لأن امتدادها جراء صاروخا واحدا يطلق بالخطأ أو بأي صورة من الصور غير المباشرة من إيران للخليج أو العكس سيكون له عواقب وخيمة وإذا بدأت هذه الحرب العربية الإيرانية لن ينجو منها أحد ولن يجني ثمارها أحد سواء من إيران أو الشرق الأوسط.