أعاد نزوح الروهينجا من ميانمار إلى بنجلاديش هذا العام، ومن قبله نزوح السوريين فى أعقاب اشتعال الموقف فى نهاية 2012 تسليط الضوء بقوة على أزمة 10 ملايين شخص فى العالم، من بينهم نحو 600 ألف شخص فى أوروبا وحدها، من عديمى الجنسية أو «ساقطى الجنسية» أو «البدون» المحرومين من حقوق التعليم، والعلاج، والتنقل للحج مثلا أو الهجرة، والعمل المنتظم أو الحكومي، أو التملك أو فتح حساب مصرفي، أو توثيق الزواج القبلى الشفهي، وبالتالى تسجيل المواليد.وعقب صدور التقرير الأخير بعنوان «هذا وطني» عن المفوضية العليا لشئون اللاجئين فى بداية نوفمبر الجاري، تحدثت ميلانى خانا مسئولة ملف شئون عديمى الجنسية ل «الأهرام» للتعريف بالتقرير، والوضع فى الشرق الأوسط، وتعاون المجتمع الدولى لحل المشكلة بحلول 2024.ما الذى يقدمه التقرير لشرح قضية عديمى الجنسية؟ يرتكز التقرير على لقاءات مع 120 من عديمى الجنسية ممن ينتمون إلى غجر الروما فى مقدونيا المقتطعة من جمهورية تشيكوسلوفاكيا التى تفككت فى التسعينيات من القرن الماضي، بالإضافة إلى أهل قبيلة كارانا مدغشقر من ذوى الأصول الهندية المسلمة، وأهل البيمبا المنحدرين من نسل أبناء جزيرة تحمل الاسم نفسه فى تنزانيا، كما يتعرض لأهل قبيلة الماكونده ذوى الأصول الموزمبيقية، الذين تم الاعتراف بهم العام الماضى باعتبارهم القبيلة رقم 43 فى كينيا، وذلك بعد عقود طويلة من عمل أجدادهم فى الحقول والمزارع تحت الاحتلال البريطاني. يتعرض التقرير لتعريف الشخص عديم الجنسية الذى لا تعتبره أى دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعها، أى أنه لا يحمل جنسية أى بلد، ومحروم بالتالى من الحماية التى تكفلها المواطنة له ولأبنائه. وقد يولد بعض الأشخاص وهم عديمو الجنسية، لكنّ البعض الآخر قد يتحول إلى عديمى الجنسية بسبب التمييز السياسى أو الطائفى أو العرقى أو النزاعات أو التقسيم بين الدول كما هو الحال مع الروهينجا، وغجر الروما، والأكراد، أو المهاجرين بصورة غير منتظمة وعلى وجه الخصوص فى منطقة البحر المتوسط، هذا فضلًا عن الثغرات القانونية وعقوبة الحرمان من الجنسية فى بعض الدول، أو حرمان النساء من منح الجنسية لأطفالهن، كما هو الحال بدرجات متفاوتة فى 25 بلداً منها: سوريا وتركيا، ومصر، والأردن، ولبنان، والأردن، فى حين تمنح بعض البلدان الجنسية للأشخاص الذين ينتمون إلى أعراق وإثنيات معينة -كما حدث فى إسرائيل على سبيل المثال هل تلك المشكلة مقصورة على منطقة معينة، وما هى تداعياتها فى المنطقة العربية؟ يمكن القول إنه لا يوجد إقليم فى العالم يخلو من عديمى الجنسية، وإن كانت هناك أقاليم تتزايد فيها تلك المشكلة عن غيرها، وأقاليم أخرى لا تتوافر عنها بيانات كافية كما فى الأمريكتين وإن كان لدينا معلومات عن أقلية من محرومى الجنسية من أصول آسيوية بجمهورية الدومينيكان على سبيل المثال. مما يثير التفاؤل أن مناطق بعينها مثل شمال أفريقيا قد حققت تقدما ملحوظا فيما يتعلق بحل الأسباب المؤدية لتلك المشكلة والتى من بينها قوانين التمييز على أساس النوع فى منح الجنسية للمواليد الجدد والتى كانت تحرم الأمهات من منح الجنسية لأبنائهن، على عكس الرجال. فى العقد الأخير، قامت نحو اثنتى عشرة دولة من شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بتعديل تلك القوانين، وعلى رأسها الجزائر. فى الوقت نفسه ما زالت منطقة الخليج نفسها تعرف مشكلة أقليات «البدون»، غير المعترف بهم كمواطنين فى الدول التى يعيشون بها، كما عانى منها نحو 300 ألف من أكراد سوريا الذين تم إقصاؤهم عام 1962 من تعداد الدولة، وهو الرقم الذى انخفض لاحقًا إلى 160 ألفا، هذا فضلا عن كون سوريا من الدول التى لا تمنح فيه الأم الجنسية لأبنائها، وهو ما تسبب فى أن نحو 25% من النازحات السوريات بعد اندلاع الأحداث فشلن فى منح أبنائهن أوراقا ثبوتية لعدم وجود الأب، وما قد ينتج من مشاكل تتعلق بعودتهن ثانية إلى بلادهن فى المستقبل. ما هى خطة المفوضية فى الأعوام القادمة للمساهمة فى حل المشكلة؟ إلحاقًا لاتفاقيتى 1954 و1961 بشأن عديمى الهوية، أطلقت المفوضية العليا لرعاية شئون اللاجئين فى عام 2014 حملة «أنا انتمي»، ومدتها عشر سنوات للعمل على إنهاء حالات انعدام الجنسية بحلول العام 2024، حيث اتفق المجتمع الدولى على وجوب تمتع جميع البشر بالحق فى الجنسية لتحقيق التنمية المطلوبة فى دول العالم وذلك بتفادى مشكلات التمييز والتهميش التى تؤدى إلى اضطرابات وصراع ونزوح قسرى وعدم استقرار للأفراد والمجتمعات.من جهة أخري، تعمل المفوضية مع العديد من الشركاء، بما فى ذلك الحكومات المسئولة دوليًا عن الإصلاحات القانونية والسياسية، والمجتمع المدنى والمنظمات الإنسانية، والهيئات الدولية بما فيها وكالات الأممالمتحدة الشقيقة مثل صندوق الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) لتسجيل المواليد، وصندوق الأممالمتحدة للسكان للمساعدة فى تصميم وتنفيذ الإحصائيات الوطنية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لرصد حقوق معدومى الجنسية.