◙ أكثر من 40 ألف مواطن سجلوا بياناتهم خلال 6 أشهر .. والحل يبدأ بعد 48 ساعة ◙ تحليل البيانات يتيح مؤشرات لصانعى القرار والجهات الرقابية لإمكانية إجراء تعديل تشريعى.. أو تقديم خدمة.. أو كشف فساد ◙ 900 شكوى يوميا على بوابة الحكومة ومتوقع وصولها إلى 3000 مع انتشار التطبيق
أن تتقدم بشكوى إلى «الحكومة» من «مصلحة حكومية» فأنت بالتأكيد تخوض مغامرة تتوقع معها أن معاناتك سوف تستمر، وأنك ستقضى بضعة أيام، وربما شهورا، فى المرور على عدة مصالح ومكاتب حكومية «كعب داير»… ولكن منذ ستة أشهر الوضع صار مختلفا، وواكبت الحكومة التكنولوجيا الحديثة فأطلقت تطبيقا إلكترونيا تتلقى عليه شكاوى المواطنين فى دقائق معدودة، تليها متابعة جادة ودقيقة من فريق عمل بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. انطلق التطبيق بعد قرار رئيس الجمهورية بإنشاء منظومة الشفافية الحكومية الموحدة وسجل أكثر من 40 ألف مواطن بياناتهم الشخصية عليه، ويتلقى التطبيق وبوابة الشكاوى الحكومية نحو 900 شكوى يوميا، ومن المتوقع أن تصل إلى 3000 شكوى مع انتشار التطبيق. تفاعل حينما تعرض محمد حسن الموظف بإحدى الجهات الحكومية لمشكلة من تكرار ظهور رائحة كريهة مساء كل يوم فى منطقة سكنة بزهراء المعادي، نصحه صديق له بتحميل «تطبيق ايجابي» وإدخال الشكوى فورا، ولم يتوقع محمد أى رد فعل.. فقد سبق أن تقدم مرارا وتكرارا بشكوى لعدة جهات حكومية حول المشكلة ذاتها، ولكنه لم يتلق أى ردود، ولكن بعد تسجيل الشكوى تلقى أول اتصال من فريق المتابعة، ولمس اهتماما حقيقيا بالمشكلة التى يتابع مسارها بنفسه عبر التطبيق، حيث يقوم بفتح التطبيق على خدمة بوابة الحكومة الإلكترونية ليجد رقم وتاريخ الشكوى واضحا، وأن وضعها الآن «جاري» وعند الضغط عليها تظهر تفاصيل الشكوى ومسارها، والجهات التى أرسلت لها، والوضع الحالى لها، حتى ورد له اتصال من بعض هذه الجهات، ويقول: «صحيح هناك تفاعل مع الشكوى لكنها مرسلة منذ 10 أغسطس وحتى الآن لم تحل، وحتى يكون التطبيق أكثر فاعلية لابد أن يتحقق حل سريع للشكوى وإلا سنعانى البيروقراطية التى نعانيها من الشكوى بطريق تقليدي». تقريب المسافة وفى مكتبه بمجلس الوزراء التقت تحقيقات «الأهرام» المهندس حسام رضا الجمل رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ليوضح لنا فكرة التطبيق التى تهدف بحسب وصفه إلى «تقريب» المسافة بين الحكومة والمواطنين، فمن خلال التطبيق يستطيع المواطن أن يسجل شكواه فى دقائق معدودة ويستطيع أيضا أن يدعمها بصورة، ليوصل صوته بسهولة وفى أى وقت وأى مكان إلى الحكومة.. فتلك التقنية الحديثة تعتمد على الهواتف الذكية التى أصبحت متاحة بأسعار معقولة وفى يد الجميع، كما نستقبل الشكوى من جميع أنحاء الجمهورية. وقد جاء تنفيذ تطبيق «ايجابي» كجزء من منظومة الشفافية الحكومية الموحدة التى صدر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 341 لسنة 2017، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1855 لسنة 2017 الذى نص على «إطلاق بوابة موحدة لشكاوى المواطنين للحكومة وإصدار التطبيق بهدف سهولة التواصل بينهما مباشرة»، والهدف من الفكرة يتلخص فى رغبة الحكومة فى أن تكون ايجابية مع المواطن، وأن يكون المواطن إيجابيا ايضا ويشارك«، لذلك تم تقسيم التطبيق لعدة محاور أهمها » بوابة الشكاوى الحكومية » التى يستطيع من خلالها أن يتقدم المواطن بأى شكوي، وفى أى مجال، ويتم تسجيلها بعد ادخال بياناته الشخصية ومنها الرقم القومي، وهو عنصر مهم لتجنب الشكوى الكيدية والتأكد من جدية الشكوى فهى هنا بمنزله «بلاغ». وبعد تسجيل الشكوى يتم مراجعتها من قبل فريق الاستقبال والتدقيق الذى يراجع بيانات المواطن، ويتأكد من مضمون الشكوى ومدى وضوحها لتحديد الجهة المختصة بها، وبعد توجيهه يبدأ دور فريق المتابعة الذى يتولى التواصل بين تلك الجهة وبين المواطن لحين الانتهاء من الشكوى وغلق الملف. مدى زمنى رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار اعتبر أن عامل الزمن وسرعة الاستجابة، من أهم العوامل التى يتم متابعتها فى منظومة الشكوى الجديدة، فمن ناحية يتم تقييم الجهات الحكومية وسرعة ردها، ومن ناحية أخرى يتم الآن تقسيم الشكوى لتحديد حد زمنى أقصى لإزالتها. فعلى سبيل المثال لا يمكن أن تزيد فترة الرد على شكوى مريض يحتاج لدخول الطوارئ على 48 ساعة، وبعض الشكاوى يتم تحديدها بفترة اسبوع وأخرى 6 أشهر، بينما البعض الآخر لا نملك فيها سوى المتابعة، مثل تلك المتعلقة بأحكام القضاء . ويضيف: «كل الشكاوى التى ترد إلينا يتم دراستها بعناية، حتى تلك التى لا نملك التدخل فيها تخضع لعملية تحليل البيانات، مما يتيح لنا بعض المؤشرات التى نقدم من خلالها تقارير دقيقة لصانعى القرار حول إمكانية إجراء تعديل تشريعى معين، أو تقديم خدمة معينة لمنطقة محددة، وربما تظهر لنا عند تكرار شكوى ما من مكان محدد بعض بؤر الفساد فنبلغ الرقابة الإدارية، ولذلك تضم اللجنة التنسيقية لبوابة الشكوى الحكومية رئيس الادارة المركزية للتنظيم والادارة وممثل من الرقابة الادراية والأمين العام المساعد للاتصال والاعلام من مجلس الوزراء ووكيل المجلس الاعلى للإعلام من أجل التوعية». تحليل البيانات وبالرغم من أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ليس جهة تنفيذية، إلا أن منظومة الشكوى الحكومية الجديدة أتاحت له التواصل مع كل الجهات التنفيذية لتوصيل صوت المواطن ومتابعة مشكلته خطوة بخطوة، ويقول المهندس حسام الجمل: «الهدف التالى هو تحويل كل الشكاوى إلى النظام الالكترونى لنستطيع من خلاله رؤية صورة أوضح وأشمل للمشكلات التى يعانى منها المواطن، ولكن نظرا لوجود صعوبة لدى البعض فى التعامل الكترونيا أو عدم حصولهم على خدمة الانترنت فيستطيعون الابلاغ عن طريق الخط الساخن، ويقوم موظفو الخدمة بإدخال الشكوى الكترونياً بالنيابة عنهم، ويتم الآن وضع مشروع وخطة لتطوير أداء الموظفين المعنيين بتلقى الشكوى من المواطنين فى الجهات الحكومية المختلفة لرفع كفاءتهم، ويكونون مؤهلين للتعامل مع المشكلة، ومؤمنين بفكرة الحل، ولديهم أيضا التفويض الكافى الذى يستطيعون من خلاله أن يقدموا الحل». ويضيف: «من أهم المشروعات أيضا التى نهدف لتحقيقها فى الفترة المقبلة هو تطوير الهيكل الادارى للإدارات المختلفة فى الوزارات المعنية بتلقى الشكوى .. فكثيرا ما يتقدم المواطن أو الموظف بشكوى وتحول مرة أخرى إلى نفس الجهة أو الشخص المشكو فى حقه، وهنا لابد أن تكون الإدارة المنوط بها الفصل فى الشكوى محايدة ومراقبة على هذه الجهة لتأكيد مفهوم «الحوكمة». إغلاق الملفات «أغلق الملف» هكذا ينهى تطبيق ايجابى الشكوى التى تقدم بها المواطن مدعوما بأوراق رسمية أو رد من الجهة المسئولة، ولكن هذا ليس كل شيء فيبقى للمواطن حقه فى التعليق إذا كان »راضيا« أو »غير راض« عن هذا الرد، ويضع تعليقا.. وفى هذه الحالة يستكمل فريق المتابعة مهمته لتحليل الموقف ويتم دراسة رد الجهة الحكومية، هل المستندات التى تقدمت بها سليمة ؟ وهل جاء من نفس الجهة تعدد ردود بنفس الطريقة؟ أما اذا كان رد الجهة غير صحيح، فيتم اعادة فتح الملف مرة أخرى وبحثها على مستوى أعلي.. وبعض الاشخاص يرسلون مثلا طلبا للوظائف، وبالرغم من أنها ليست شكوى بالمضمون الذى نتعامل معه فى منظومة الشكوى الحكومية، الا أننا نجتهد بإرسالها لوزارة القوى العاملة لتوفير فرصة مع القطاع الخاص، وقد يرد إلينا مثلا شكوى من شخص وضع يده على أرض ويشكو من قيام الحكومة باستردادها، وبالتالى فوضعه غير قانوني، ولا يمكن حل هذه المشكلة ولكن فى كل الأحوال يبقى من حق المواطن أن يتقدم مرة أخرى بشكواه على التطبيق مرارا وتكرارا، فالتطبيق مجانى والتقدم على بوابة الشكوى مجانى أيضا . صور وارسل ويتيح التطبيق خدمة تفاعلية أخرى للمواطن وهى خدمة «المرصد العام» والتى يستطيع من خلالها أن يصور أى مشكلة أو مخالفة تصادفه ويرفعها مباشرة إلى التطبيق، مع تحديد موقعها على الخريطة بخدمة ال(GBS) وهو ما يعد توثيقا مباشرا للأحداث، ولا يحتاج إلا لرقم الهاتف المحمول ليستطيع فريق المتابعة التواصل مع المواطن، ويقول رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار: «أصبحنا الآن فى زمن إعلام المواطنين، وأحيانا يرصد المواطن سلبيات ولا يعرف لمن يتوجه بالشكوي، فعلى سبيل المثال اذا رصد تراكما للقمامة أو غطاء بالوعة مكشوفا أو عمود كهرباء مكسورا، فكل ما عليه هو تصوير الحدث ورصده ورفعه على التطبيق، ونحن علينا أن نوصل المشكلة للجهة المسئولة». خدمات ومعلومات يقدم التطبيق خدمات أخرى من خلال محور »تكنولوجيا المعلومات« وبوابة معلومات مصر، حيث يتيح المعلومات التى تخص الدولة مثل تقرير الشائعات وأحدث استطلاعات الرأي، وكذلك التقارير الدولية عن مصر . وتقدم أيضا خدمات مثل أسعار الدولار اليومية، وخدمات المواقع فيستطيع المواطن من خلال التطبيق التعرف على أقرب منفذ له من منافذ مشروع جمعيتي، وأقرب محطة مترو، وبالرغم من بساطة هذه الخدمات إلا أنها مهمة ومفيدة جدا للمواطن ونطور فيها باستمرار« . ولا يهدف التطبيق فقط لحل المشكلات، ولكن الأهم - من وجهة نظر رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار - هو متابعة وتحليل عدد الشكاوى هل تزيد أم تقل ؟ وهل تحل بسرعة أم ببطء؟ ويتوقع أنه خلال ثلاثة أشهر سوف تتحقق نقلة نوعية فى مدى سرعة التفاعل الإيجابى فى خدمة المواطن وحرص الجهات الحكومية على تقديم أفضل حل ممكن يرضى المواطن، وفى وقت أقل، ولذلك يرفع التطبيق شعار «تواصل مع الحكومة.. فى خدمة مصر».