الحديث مع شيخ المجمعيين العرب الدكتور حسن الشافعي, رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة, وكبير مستشاري شيخ الأزهر, وعضو هيئة كبار العلماء, ورئيس وفد الأزهر بالتأسيسية, وعميد كلية دار العلوم الأسبق, حديث ذو شجون. فهو أطال الله في عمره- منذ أبصرت عيناه النور في إحدي قري محافظة بني سويف التي أتم فيها حفظ القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره, خاض رحلة كفاح طويلة من التعلم والتعليم والتدريس والتثقيف والبحث العلمي, ومشوار علمي وفكري وأدبي كبير في خدمة الوطن, كان خلاله شاهدا علي العصر في مراحل مهمة عبر تاريخنا الحديث كعلم من أعلام اللغة العربية والفكر الإسلامي, قامة أدبية وعلمية ودينية كبيرة, تلامذته ينتشرون في ربوع الأرض يعلمون الناس, وأستاذ أزهري جليل ومفكر من طراز فريد.. يحمل علي عاتقه هموم وقضايا لغتنا الجميلة التي تواجه الكثير من التحديات, ويترأس وفد الأزهر في الجمعية التأسيسية للدستور الجديد, ورغم الخلاف الدائر حول المادة الثانية من الدستور فإنه يبدو واثقا من توافق الجميع حول ما جاء في وثيقة الأزهر, ويري وبشكل حاسم أن الخلاف حول تلك المادة ليس له ما يبرره, ويرد علي المطالبين بتطبيق الأحكام بأن المجتمع ليس مؤهلا لتطبيق الحدود, وهو في كل الأحوال يري أن وثيقة الأزهر ومرجعيته هي الضمانة للجميع, وفي رحاب رمضان كان لنا هذا الحوار مع شيخ المجمعيين العرب الدكتور حسن الشافعي. كثر الجدل حول المادة الثانية في الدستور والإبقاء عليها أو تعديلها فما هو الموقف النهائي الذي اتخذته الجمعية التأسيسية؟ الموقف النهائي بالنسبة للأزهر هو الإبقاء علي المادة الثانية من دستور1971 كما هي دون أي تعديل, وهو أيضا الموقف النهائي بالنسبة للجنة المختصة في الجمعية التأسيسية ووفد الأزهر بها والتي أشرف برئاستها, أما الجمعية التأسيسية ككل فسوف تنظر في الصياغة النهائية للدستور وستبدي رأيها, ولكن الذي حدث أننا عرضنا علي الجمعية التأسيسية مجتمعة, المادتين اللتين فرغنا منهما الأولي وهي المتعلقة بهوية الدولة وتنص علي أن مصر دولة ديمقراطية دستورية موحدة وأضاف بعض الأعضاء السلفيين كلمة شورية وقلنا لهم إنها لا تضيف شيئا ولا تغير شيئا ولكن بعضهم فضلها لأن فيها نوع من الربط بين النظامين الإسلامي والأوروبي المتعلق بالديمقراطية, لكنها لا تضيف شيئا, وهي أشبه بكلمة السيادة لله أو للشعب لأننا لا نتكلم عن السيادة الكونية المتعلقة بالعقيدة وإنما نتكلم عن السيادة القانونية التي تنبع منها السلطات, وهي بهذا المعني للشعب, وذكرت لإخواننا السلفيين باللجنة أن الخلاف حول هذه النقطة كالخلاف القديم الذي يقول إن الملكية لله وليست لمالك رأس المال, وذكرت لهم الآية القرآنية: ز فهم لها مالكون فالقرآن نفسه يعتد بالملكية البشرية وأن الملكية الأولي هي ملكية كونية اعتقادية أما الملكية القانونية التشريعية فهي الملكية البشرية وكذلك السيادة القومية أو الوطنية فهي للشعب فربما يكون هناك اتجاهات لبعض أعضاء الجمعية التأسيسية ترجع لعدم خبرة بالصياغات القانونية والتشريعية والدستورية ولكن نحن نعمد إلي التوافق وكان مفاجئا للجميع أننا توافقنا بصفة كاملة علي المادتين الرئيسيتين والمادة الثالثة وكلها تتعلق بشكل الدولة وهويتها وطبيعتها والعلاقة بين الشريعة والدولة أو الصلة بين الشريعة والتشريع, وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بلا زيادة ولا نقص, وأن هذا كان مطلبا لإخواننا المسيحيين أيضا, ولكن الجديد فيه هو بيان شيخ الأزهر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب في صبيحة اليوم نفسه ونادي بالاحتفاظ بالمادة الثانية كما وردت في دستور1971 كما هي بلا تغيير وبدون زيادة أو نقص, وأعتقد أن هذا البيان له تأثير بالغ في الوصول لهذه النتيجة التوافقية التي طرحناها بالفعل علي الجمعية التأسيسية ككل وأقرت من حيث المبدأ بالتصفيق المشترك علي المادتين, وقد احتوت المادة الثانية تأكيد استقلالية الأزهر ومرجعيته, وأن لأتباع الديانتين السماويتين اليهودية والمسيحية الحق في التحاكم إلي شرائعهم الخاصة فيما يتعلق بشئونهم الدينية وقوانين الأحوال الشخصية في حدود القانون والنظام العام.والجديد الآن أننا تقدمنا للجمعية التأسيسية باقتراح بان يتضمن الدستور الجديد مادة تحظر المساس او التعرض للذات الإلهية أو الأنبياء أو أمهات المؤمنين أو الخلفاء الراشدين واعتقد أنها ستحظي بالموافقة. وما موقف الأزهر من مطالبة البعض بالإسراع بتطبيق الحدود ؟ نحن نريد دستورا لمصر الجديدة يرضي كل أطرافها الوطنية, وليس دستور1923 مع جودته, ولا دستور1971 الذي غير وعدل مرارا, ولكن نريد دستورا دائما يضمن الحريات الأساسية للمواطنين جميعا بغض النظر عن الدين أو الجنس أو أي اعتبار آخر, دستورا يعيد لمصر دورها في المنطقة, ويؤكد ثوابتها وهويتها, واعتقد أن إخواننا الأقباط هم أحرص علي ما تضمنته الدساتير السابقة من أن مصر لغتها العربية, وأن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي فيها, غير أن هذه الدولة دولة دستورية ديمقراطية حديثة, أي تفصل بين السلطات, أما الحديث عن أحكام الشريعة أو الالتزام الكامل بها فتلك مرحلة لم يتهيأ لها المجتمع المصري الآن, ويجب أن نراعي اقتناع الناس بالقانون, ففي القانون ما يسمي الملاءمة وهي اقتناع الناس بالقواعد القانونية التي تنظم حياتهم, وهذا ما رأيناه في وثيقة الأزهر التي حظيت باتفاق ورضا الجميع, وحلت هذا الإشكال, فتطبيق مبادئ الشريعة يتناسب مع أحوال مصر الراهنة وأوضاع المجتمع بأكملها, وما جري عليه العرف بالفعل في النظام التشريعي المصري هو ألا يصدر قانون جديد إلا إن كان مطابقا للشريعة الإسلامية, وهذا ما تراعيه المحكمة الدستورية العليا في مصر, بالإضافة إلي مراعاتها لمستوي التطور والأحوال الثقافية والمناخ العام لمصر الذي يستلزم الاكتفاء حاليا بالالتزام بمبادئ الشريعة وليس الأحكام. هل هناك توجيهات محددة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لوفد التأسيسية ؟ في الحقيقة ليست هناك توجيهات معينة من الإمام الأكبر ولكنها أولويات وثوابت الأزهر الشريف ومنها تأكيد استقلال الأزهر عن السلطة التنفيذية, وكذلك تأكيد أن الأزهر هو المرجعية النهائية في كل ما يواجه المجتمع المصري والعالم الإسلامي من شئون تتعلق بالإسلام وشريعته, هذا بالإضافة لتأكيد عروبة مصر واعتزازها باللغة العربية وترقيتها ونهوضها بكل متطلبات العمل إداريا وعلميا وسياسيا في عالم اليوم. هل تمثيل الأزهر بخمسة أعضاء يعد مناسبا ؟ وكيف ترد علي المخاوف بحدوث خلافات بين أعضاء التأسيسية ؟ نعم, اعتقد أن العدد( خمسة) من الأزهر الشريف ممثلين عن كل هيئاته كاف ومناسب وقد اقترحت هذا في جلسات الاستماع باللجنة التشريعية بمجلس الشعب وقلت إن الأزهر هيئة عامة والتشكيل الأول كان معيبا, لأن الأزهر يضم هيئات متنوعة بداخله هي الجامعة والمعاهد الأزهرية ومجمع البحوث الإسلامية ومشيخة الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء. ويجب علينا أن ندرك جميعا أن اللحظة الراهنة فارقة في مسار العمل الوطني, وتتطلب أعلي درجة من التوافق لمواجهة التحديات المطروحة, مما يقتضي تنازل جميع الفرقاء عن جانب كبير من تحيزاتهم ومصالحهم ورؤاهم, حتي يلتقوا في منتصف الطريق, وينجحوا جميعا في تحقيق أهداف الثورة النبيلة, في العيش المشترك والعدل الاجتماعي والحرية والكرامة, ويتمكنوا من صناعة مستقبلهم علي أساس متين دون إحباط أو إخفاق. والتوافق المنشود لابد فيه من الاحتكام لما استقر في الأعراف الدستورية في التجربة الحضارية المصرية والبناء عليه دون نكوص أو تراجع لاجتياز هذه المرحلة بسلام, والنجاح في إقامة مؤسسات الدولة كلها واستكمال بنائها, وتحقيق أهداف الثورة, والأزهر يطالب كل القوي والتيارات والأحزاب بالتجاوب مع هذه المبادرة. والوصول إلي كلمة سواء في الشأن العام, تلتقي حولها القلوب, وتطمئن إليها العقول, ونحن من جانبنا ناشدنا الجميع الالتفاف حول وثيقة الأزهر التي جاءت تتويجا لاجتماعات ولقاءات متواصلة بمشيخة الأزهر بين نخبة من كبار علماء الأزهر وبعض المثقفين المشاركين لهم, تم خلالها تدارس الموقف الراهن من كل جوانبه, وما تمليه الضرورة من احتكام جميع الفرقاء للعقل, وتغليب الصالح العام, واستلهام منطق الوسطية والتسامح والمحبة في تراثهم الديني وثقافتهم الحضارية, وتقاليد العيش المشترك الودود فيما بينهم, وإعمالا لما أنجزه الأزهر والمثقفون من وثائق استرشادية, ارتضاها الجميع ووجدوا فيها بغيتهم, وظفرت باحترام وتقدير القاصي والداني. هل حسمت الجمعية التأسيسية مسألة مرجعية الأزهر في الدستور الجديد؟ الأزهر كما هو معلوم مؤسسة إسلامية عالمية, وله مكانته في العالم الإسلامي, وبالأخص عالم أهل السنة والجماعة, وبالنسبة للجمعية التأسيسية لصياغة الدستور يغلب عليها هذا الاتجاه, ولم يحتج الأمر إلا لمناقشات قليلة حتي استقر الرأي في الاجتماع الأول من لجان الجمعية, وهي( لجنة شكل الحكم ومقومات المجتمع) علي أن الأزهر ليس مجرد مدرسة علمية وإنما مؤسسة إسلامية وعلمية وطنية وعالمية مقرها القاهرة نعم ولكن مجالها العالم الإسلامي, والعالم كله, وأنه المرجعية النهائية للمسلمين في كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية, هذا أمر مقرر, بصرف النظر عما أثير حول الشريعة وعلاقتها بالتشريع وغير ذلك, فمرجعية الأزهر مسألة تاريخية, وجرت عليها مصر والمجتمعات الإسلامية, ومكانة الأزهر خارج العالم الإسلامي ربما تفوق في رسوخها وقوتها ما هو موجود في مصر والعالم العربي. نحن جميعا نعلم أن بعض التوجهات الفكرية في مصر كان لها موقف معين, ولكن هذا الموقف مر في لجنة الاقتراحات والشكاوي أو لجنة الشئون الدينية في مجلس الشعب السابق لم يعكس نفسه ولم يظهر بشكل واضح في الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور, وللحق كان الأخوة السلفيون مع غيرهم من أعضاء اللجنة بعد نقاش قليل- وهذا شئ طبيعي- كانوا أيضا من المهتمين بتقرير مرجعية الأزهر, لكن الذي يرتبط بذلك هو أننا قلنا إذا كان الأزهر سيكون مرجعية للمجتمع المصري وللدولة المصرية أيضا, فالدولة تستشير في مسائل خطيرة جدا كالدماء والأعراض وتأخذ رأي الأزهر ورأي الإفتاء, وهذا يقتضي أن الذي يعطي الفتوي ويحتل مقام المرجعية يكون مستقل الرأي ويكون بعيدا عن أي مؤثرات فلذلك ارتبطت بها فكرة الاستقلالية, فالمرجعية والاستقلالية أمران متبادلان وكل منهما يدعم الآخر, ومما تداولناه في مناقشاتنا أيضا داخل الجمعية الدستورية ضرورة ألا يكون المفتي أيديولوجيا أو صاحب أجندة خاصة أو مرتبطا بحزب أو تنظيم خاص حتي لا تتأثر استقلاليته ورأيه, وينعكس ذلك في فتاويه, ولذلك نحن حرصنا في هذه المادة المتعلقة بالأزهر الشريف كركن ومقوم من مقومات المجتمع المصري أن ينص عليهما معا, وليس هذا بالأمر الجديد لأن الأزهر كان حتي عام1952 غير خاضع للسلطة التنفيذية وكان حسب الأوضاع السائدة حينذاك تابعا للقصر أي للملك بمعني أنه لم يكن تابعا للسلطة التنفيذية, ومصر اليوم أحسن مما كانت في كلا العهدين الملكي وما أعقبه أيضا, وهي أكثر حرية بحمد الله وأكثر حرصا علي مرجعية الأزهر واستقلاله. ماذا تتمني لمصر في هذا الوقت العصيب من تاريخنا؟ هذا شهر فضيل, وكل المصريين لحبهم لمصر واشفاقهم عليها قلقون, وأرجو ان يكون شهر رمضان المبارك مدعاة إلي الاطمئنان والاستقرار والله تعالي يقول: ألا بذكر الله تطمئن القلوب, فإذا ذكرنا الله جيشا وشعبنا وحكومة واحزابا وفصائل فسوف ننتهي إلي التعاون والاستقرار والتوافق والتعاطف, والأزهر يدعو كل المصريين إلي اجتماع الكلمة والاتفاق علي رأي سواء والمحافظة علي الوطن وإنهاء حالة القلق علي مصر الثورة وأوكد أن الثور بإذن الله تعالي ستبلغ أهدافها, ولم يعد أحد يملك, مهما كان, أن يرد الناس علي القمقم, فقد خرجوا من القمقم وكسروا حاجز الخوف وانتهي آخر فرعون ولن تعود الفراعنة من جديد, وأنا مطمئن إلي مستقبل الثورة ومستقبل الوطن برغم ما نمر به من صعوبات. كيف تري مستقبل الأمة في ظل ثورات الربيع العربي ؟ أظن أن الربيع العربي لم يبلغ مداه وسيحتاج إلي نحو عقد أو عقدين من الزمان وستكون الانطلاقة العربية الحضارية قد انطلقت وبدأت تظهر علي مستوي العالم, مشكلتنا أننا نتيجة معاناتنا الكثيرة في العهد السابق نريد نتائج سريعة يحس بها الجميع, وإن شاء الله بتوحد الأمة والشعوب العربية والجهود العربية فليس بين الشعوب أي مشكلات, وإمكانات الأمة العربية البشرية والمعنوية والثقافية والمادية سوف تعيد إلي هذه المنطقة من العالم شكلا جديدا وخريطة جديدة لانطلاقة حضارية جديدة, ولن يزيد ذلك بإذن الله علي عشرين عاما وسيجني الشباب هذه النتائج وتيعمون بها والأجيال المقبلة. هل تري ضرورة خضوع الأحزاب السياسية الخارجة من رحم الجماعات لسياسة تلك الجماعات أم استقلالها؟ أنا أري أن تقتصر الجماعات أو التيارات الدينية التي أنشأت أحزابا سياسية بعد الثورة علي النشاط الديني الدعوي والاجتماعي والعلمي والتربوي فقط, ولا تتدخل في عمل الأحزاب السياسية التابعة لها. بصفتكم علي رأس واحدة من كبريات المؤسسات العلمية والثقافية والفكرية كيف تري دور مجمع اللغة العربية محليا وإقليميا وعالميا؟ مجمع اللغة العربية يضم بين أعضائه وخبرائه مجموعة من أنضج رجالات مصر والعالم العربي علميا في كافة التخصصات المتعلقة باللغة العربية, والمجمع قصي في طرف من الدنيا لكن عمله في صميم الحياة العلمية والفكرية والاجتماعية, والدليل علي ذلك أن السنوات الأخيرة من عهد مبارك اضطرت أن تصدر قانونا يعطي للمجمع حق الضبطية اللغوية, فلا تكون توصياته مجرد توصيات وإنما قواعد ملزمة لكل أجهزة الدولة, صحيح أن هذا لم ينفذ بعد, لأننا لسنا جزءا من الجهاز الإداري, فنحن أشبه بالمتطوعين ولا نتقاضي رواتب وإنما مكافآت علي عملنا وجلساتنا وتفرغنا, فنحن لسنا جهازا إداريا وإنما علي استقلال تام شأن الأزهر, وينبغي أن يعلم الجمهور المصري أن مجمع اللغة العربية هو الهيئة الوحيدة التي لم تتدخل فيها السياسة لا في عهد مبارك ولا قبله ولا بعده, لأنه منذ شكل عام1932 وبدأ عمله عام1934 كان التشكيل الأول معينيين ويشمل أعيان الحياة المصرية من مسلمين وأقباط ويهود وأزهريين وغيرهم في كافة التخصصات المتعلقة باللغة وكان منهم رئيس الطائفة اليهودية في مصر حي بن ناعوم أفندي ومجدي وهبي ابن وهبي باشا أحد أعيان الأقباط ومن أكبر العلماء المتخصصين في مصر في وقته وكان ينافس الدكتور ثروت عكاشة في انتخابات المجمع فاختير وهبي في ذلك الوقت, فالمجمع لا ينتخب من يشغل منصبا رسميا, وأذكر أنه كان هناك عميد لدار العلوم وكان في وقت من الأوقات وزيرا, فلم ينتخب إلا بعد أن ترك الوزارة, وتكرر ترشيحه أكثر من مرة, وشخص مثلي نجح من أول مرة وأنا من تلامذته, فقط أقول إن طريقة تنمية المجمع لنفسه وهو أن يرشح اثنين من أعضائه وأن يتم الاختيار بالاقتراع السري طريقة ديمقراطية بالمعني الكامل, صحيح أنها لا تسعفنا فأحيانا يكون عندنا عدد من الأماكن الشاغرة ونعجز لتشتت الأصوات عن بلوغها لأننا نشترط أن يصل العدد ليس لمن يحصل علي الأكثرية وإنما لمن يحصل علي الأغلبية المطلقة للأعضاء, فلذلك يتوقف أحد المرشحين علي صوت واحد أو اثنين ولا يختار, فالواقع هي ديمقراطية بالمعني التام وهي تسند المجمع من فرض أي تفكير سياسي أو هيمنة سياسية علي الإطلاق, غاية الأمر ينبغي أن تعالج مسألة إدخال أعضاء جدد وهذا يحتاج لتغيير قانون, والمجمع الآن لديه السلطة لكي يقاضي أو يؤاخذ الهيئات سواء الحكومية أو الوزارات أو الفضائيات أو القنوات التليفزيونية أو الصحف التي مثلا تنشر إعلانا باللغة الإنجليزية فقط, فلا يجوز الإعلان بغير العربية وإذا وجد لغة أخري فتكون بحروف صغيرة تحت الكلمات العربية. التعليم باللغات الأجنبية هل يمثل خطرا علي هويتنا؟ للأسف الشديد مرضنا الأساسي أننا لا نحترم اللغة العربية وبعض المثقفين يتعلل بعدم تعلمه قواعد النحو وهذا خطأ, ونحن نقول بوجوب تعلم اللغة الأجنبية لكن بعد أن يتمكن الطفل والنشء من لغته الأصلية القومية وهي اللغة العربية, أما أن يهمل تعليم العربية في المدارس والجامعات ولا يعرف الشاب من لغته وتراثه شيئا فهذا خطر كبير جدا, وهذا انقطاع عن العربية وعن مصر وعن لغتنا الأصلية. كلمة توجهها للمهتمين باللغة العربية؟ ينبغي أن نحرص في مصر والعالم العربي علي التعليم باللغة العربية, فليس من المعقول أن تلجأ الجامعات إلي التدريس والتعليم بغير العربية, وفي علوم لا يصعب تدريسها بالعربية كالإدارة والقانون وغيرها وليس الطب وحده, فهذا للأسف الشديد لا يحدث في أي بلد في العالم حتي كوريا الجنوبية التي لغتها لغة صعبة جدا كاللغة اليابانية لكنها تدرس كل شيء كما يدرس جيراننا المعروفون لغتهم التي كانت ميتة منذ نصف قرن وأصبحت الآن تكتب بها الأبحاث العلمية علي أعلي مستوي وتنشر في المجلات الدولية, فأين هؤلاء الكذابون الذين يدعون بأن اللغة العربية لغة صعبة وأنها سبب التدهور العلمي, ينبغي أن يستحيي هؤلاء من أنفسهم ولحسن الحظ أن ثورة25 يناير سوف تحرك الذات الحضارية العربية التي تعود من جديد لنهضة كاملة وانطلاقة شاملة في العلم والاقتصاد والسياسة كما كان في يوم من الأيام العلم في العالم كله يتكلم العربية, فليس بمستغرب أن تعود هذه الحال إن شاء الله.