وزير التعليم العالي يؤكد أهمية تنوع الأنشطة الطلابية لذوي الإعاقة بالجامعات    محافظة الدقهلية تواصل فعاليات دمج أطفال دور الرعاية بالمجتمع (صور)    أسعار البيض اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    قمة مصرية روسية اليوم بموسكو لتعزيز العلاقات في مختلف المجالات    لأول مرة.. بابا الفاتيكان أمريكيا| وترامب يعلق    خلافات عميقة وتهميش متبادل.. العلاقة بين ترامب ونتنياهو إلى أين؟    ريال مدريد يستعد لإعلان تنصيب ألونسو خلفًا ل أنشيلوتي    إحباط محاولة غسل 50 مليون جنيه من تهريب المخدرات وضبط عنصرين أجنبيين بمدينة نصر    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    ضبط عناصر إجرامية بحوزتهم مخدرات بقيمة 3.5 مليون جنيه    عرض فيلم "Only the River Flows " بمكتبة مصر الجديدة العامة    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    وفد «محلية النواب» يتفقد الخدمات الصحية لمستشفى الناس بشبرا الخيمة (صور)    احتفالات روسيا بالذكرى ال 80 للنصر العظيم..حقائق وأرقام    مصلحة الضرائب: 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    فاركو يواجه بتروجت لتحسين الوضع في الدوري    ماركا: تشابي ألونسو سيكون المدرب الجديد لريال مدريد    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    وزير الري: سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ تيسيرا ودعما للمستثمرين    وزير الإسكان: بدء تنفيذ مشروع «ديارنا» السكني بمدينة القاهرة الجديدة    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    وزير المالية: الاقتصاد المصري يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    الجيش الأوكراني: تصدينا خلال ال24 ساعة الماضية لهجمات روسية بمسيرات وصواريخ    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبيبة حبيب الله
عائشة أم المؤمنين
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 07 - 2012

ما مر علي بابي يوما قط إلا وقال كلمة تقر بها عيني مقولة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن الزوج الرسول صلي الله عليه وسلم القائل‏:‏ ما بين منبري وبيت عائشة روضة من رياض الجنة‏..‏ عائشة بنت أبي بكر حبيبة المصطفي الصديقة بنت الصديق التي تباهي بحظوتها عند الحبيب بقولها: أية امرأة كانت أحظي عند زوج مني بمقولته: حبك يا عائشة في قلبي كالعروة الوثقي لا تنحل عروته, ولا تنفك عقدته.. وتسمع الأثيرة قدر منزلتها في قلب المصطفي لكنها الأنثي التي تتملكها الغيرة من أن ينبض القلب الكبير ولو بلمحة وفاء لذكري الزوجة الراحلة خديجة.. وتعود للمداعبة في كل حين: كيف العقدة يا رسول الله؟ فيقول لها: علي حالها.. ويسأل عمرو بن العاص النبي: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ فيقول: عائشة.. ويسأله: ومن الرجال؟.. فيقول: أبوها.. ولأن المصطفي كان يسبر أغوارها فقد تدرجت بين عينيه من صبية يأتيها بصاحباتها ليلعبن معها, أو يحملها علي عاتقه لتطل علي رقصة الأحباش, إلي شابة ناضجة مجربة تنصح الزوجات: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتضعينهما أحسن مما هي فافعلي!.. من هنا قال لها: إني لأعلم متي كنت عني راضية, وإذا كنت علي غضبي.. فسألت: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: إذا ما كنت راضية تقولين: لا ورب محمد, وإذا كنت غضبي, قلت: لا ورب إبراهيم.. فأجابت: أجل يا رسول الله, ما أهجر إلا اسمك.. وكان المسلمون يعلمون مكانة عائشة عند النبي فيتحرون عن يومها بين الزوجات لإرسال هداياهم يبتغون مرضاة رسول الله, ومع أنه كان يرسل لكل زوجة نصيبها مما يتلقي وهو في بيت عائشة, إلا أن الغيرة استفزتهن فتشاورن في وضع حد لما تناله بنت أبي بكر من حظوة, وانتهي بهن الرأي إلي أن يلتمسن من السيدة فاطمة الزهراء مخاطبة أبيها في الأمر.. وتستجيب فاطمة فتدخل علي أبيها وعائشة عنده لتقول: يا أبي إن نساءك أرسلتني إليك, وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة, فقال لها: أي بنية ألست تحبين ما أحب؟, قالت: نعم, قال: فأحبي هذه مشيرا إلي عائشة, فعادت فاطمة قائلة حازمة للزوجات المنتظرات: والله لا أكلمه فيها أبدا.
وتقول عائشة: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقسم فيعدل, ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ويعني قلبه.. و..يتسابقان حبا ومرحا فتقول عائشة: خرجت مع النبي في بعض أسفاره وأنا جارية لم أبدن فقال للناس تقدموا, فتقدموا, ثم قال لي: تعالي حتي أسابقك, فسابقته فسبقته فسكت عني, حتي إذا بدنت ونسيت وخرجت معه في بعض أسفاره قال للناس تقدموا فتقدموا, ثم قال: تعالي حتي أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك ويقول: هذه بتلك السابقة وإذا ما كانت رواية عائشة تلك حول سنوات الشباب التي كان الرسول صلي الله عليه وسلم يتمتع فيها بكامل لياقته البدنية, فإنها في روايتها عنه حين تقدم في السن وثقل في الوزن قالت: لما بدن رسول الله صلي الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا ويظل الظمأ لا يرتوي من مظاهر الحب الزوجي في بيت الرسول لتقول عائشة عنه: كنت أتوضأ أنا ورسول الله من إناء واحد تختلف أيدينا فيه ونلتقي, وعن أبي سلمة عن عائشة قولها: كنت أنام ورسول الله يصلي, فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتها إلي ثم يسجد.. وجاء في الطبراني حول منزلتها قول النبي: فضل عائشة علي النساء كفضل تهامة علي ما سواها من الأرض, وفضل الثريد علي سائر الطعام, والرسول هنا يشبه الحبيبة بأجمل وأجود أرض ساحلية تمتد من سيناء شمالا إلي أطراف اليمن جنوبا بما فيها من مدن نجران ومكة وجدة وصنعاء, إلي جانب أنه يتحدث عنها كطعم ومذاق يتصدر كل طعام.. وتروي عائشة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي لم يفقدها إحساسها بصباها, فعاشت الفترة الأولي من حياتها الزوجية تلعب وتمرح كبقية الصبايا في مثل سنها, تقول: كانت تأتيني صواحبي, وكن ينقمعن من رسول الله صلي الله عليه وسلم, وكان يسربهن إلي ليلعبن معي.. ويتركها النبي لهوايتها تسمع الغناء وتحفظ الشعر وتنظمه وتروي: دخل وعندي جاريتان تغنيان فاضطجع علي الفراش وحول وجهه, ودخل أبوبكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله؟! فأقبل عليه رسول الله قائلا: دعهما.. فلما غفل غمزتهما فخرجتا.. وسألها في عرس قريبة لها من الأنصار هل أرسلتم معها بغانية تضرب بالدف وتغني فقالت عائشة: تقول ماذا؟ قال:
أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم
ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم
ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم
ويسألها: ماذا فعلت أبياتك؟ فتقول: أي أبيات تريد فإنها كثيرة وكانت تحفظ قصائد فيها المائة بيت فيقول: في الشكر.. فأرددها أمامه, ويقول: إن الشعر كلام بمنزلة الكلام فحسنه حسن الكلام, وقبيحه قبيح الكلام ويعود للقول: إن من الشعر حكمة, وأصدق بيت قالته العرب قول لبيد ألا كل ما خلا الله باطل وتكملة البيت وكل نعيم لا محالة زائل.. ويسألون عائشة: هل كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستشهد بالشعر؟, قالت: ربما تمثل بالقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزود, والشطر الأول ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.
سعدت أم المؤمنين بتلك الحظوة في بيت النبوة فكانت تقول: خلال في أي صفات لي تسع لم تكن في أحد من النساء إلا ما أتي الله مريم ابنة عمران, ووالله ما أقول هذا فخرا علي أحد من صواحبي.. سئلت: ما هي تلك الخلال؟ قالت: نزل جبريل بصورتي كما روي الرسول لها وتزوجني رسول الله بكرا, وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد, وكنت من أحب الناس إليه, ونزل في القرآن بعد أن كادت الأمة أن تهلك, ورأيت جبريل ولم يره أحد من نسائه غيري روي ابن سعد في الطبقات بالجزء الثامن صفحة67 أن عائشة قالت: رأيت جبريل في حجرتي هذه راكبا فرسا ورسول الله يناجيه, فقلت: يا رسول الله من هذا الذي رأيتك تناجيه؟ قال: وهل رأيته؟ قلت: نعم, قال: فبمن شبهته؟, قلت: بدحية الكلبي, قال: لقد رأيت خيرا كثيرا, ذاك جبريل قالت: فما لبث إلا يسيرا حتي قال: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام قلت: وعليه السلام جزاه الله من دخيل خيرا هذا وقد قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم بين سحري ونحري ودفن في بيتي.. و.. بشرها رسول الله صلي الله عليه وسلم بالجنة عندما سألته: من أزواجك في الجنة؟ قال: أنت منهن.. وسألته يوما قائلة: يا نبي الله ألا تكنيني؟ قال: اكتني بابن أختك أسماء: عبدالله بن الزبير.. فكانت عائشة تكني بأم عبدالله.. وكان الرسول يسميها الحميراء ويناديها يا حميرا.. ويا عائش وإذا ما غضب منها عرك أنفها وناداها يا عويش, وفي غزوة خيبر كانت رايته صلي الله عليه وسلم من برد لعائشة يدعي العقاب..
عاشت عائشة في كنف زوجها رسول الله تسع سنوات وبضعة أشهر, شهدت خلالها مولد الأمة, وإقامة الدولة, وتنزل الوحي, وكمال الدين, وتمام النعمة, وشهدت أحداث الغزوات, وعاشت انتصار بدر الكبري, ودرس أحد, وأزمة الخندق, وعظمة الفتح المبين, وعايشت ما أنزل الله من قرآن بشأنها لتبرئتها في حادثة الإفك في كتابه العزيز ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.. وأخذت عن الرسول صلي الله عليه وسلم معاني الوحي المنزل حتي آخر آية, وسمعته يدعو ربه:( اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك الأحب إليك, الذي إذا دعيت به أجبت, وإذا سئلت به أعطيت, وإذا استرحمت به رحمت, وإذا استفرجت به فرجت.. قالت: وقال ذات يوم: يا عائشة! هل علمت أن الله قد دلني علي الاسم الذي إذا دعي به أجاب؟ قالت: فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فعلمنيه.. قال إنه لا ينبغي لك يا عائشة وجلست ساعة ثم قمت فقبلت رأسه وقلت: يا رسول الله علمنيه.. قال: لا ينبغي لك أن أعلمك, لا ينبغي لك أن تسألي به شيئا من الدنيا قالت: فقمت فتوضأت, ثم صليت ركعتين, ثم قلت: اللهم إني أدعوك الله.. وأدعوك الرحمن. وأدعوك البر الرحيم.. وأدعوك بأسمائك الحسني كلها, ما علمت منها وما لم أعلم, أن تغفر لي وترحمني, قالت: فاستضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال: إنه لفي الأسماء التي دعوت بها..
حبيبة حبيب الله المبرأة في كتاب الله قد حفظت لنا سيرة نبي الإسلام, وأكدت السنة ووعظت وأرشدت وأهدت وفسرت وأطلعتنا علي صميم حياة الرسول ومجريات الأمور في بيوت أمهات المؤمنين, حيث عاشت تنصت لخير البشر فتعي ما يقول وتسأله فيه وتجادله أحيانا لتتعلم, وتعيش لا كزوجة مثل الأخريات وإنما كطالبة علم يعدها معلمها لما ينتظرها من مهام جليلة لتغدو أفعاله سننا في كل أحواله, وهو يأكل ويشرب ويمشي وينام ويقوم ويتوضأ ويصلي ويستقبل الوحي, وماذا يقول, ولماذا يقول. وتنفرد بوصف صلاته في الليل, وتتحدث عن صيامه وإفطاره, وتلاحق طريقته في الحج, وتحكي لنا ما يعلمنا فتكون نعم المعلم في المحكم والمتشابه في القرآن, والناسخ والمنسوخ, وأسباب النزول ومناسباته, وفي الحديث: خذوا شطر دينكم عن الحميراء, وفي رواية أخري ثلث دينكم.. وفي زمانها استقلت بالفتوي حتي وفاتها, وكانت تؤذن للصلاة, وتؤم النساء, وتخطب فيهن وتعلمهن, واستدركت أربعة وسبعون حديثا لبدر الدين الزركشي(745 974) مما جعل السيوطي ينشر موجزا بعنوان عين الإجابة فيما استدركته عائشة علي الصحابة ويكفيها شهادة الرسول صلي الله عليه وسلم في علمها عندما قال: حواري الزبير من الرجال, وحواريتي من النساء عائشة..
وبعد أن بلغنا رمضان أعاده الله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام تأتي أحاديث الرسول عن رمضان عبر عائشة بقوله صلي الله عليه وسلم: ليس من البر الصيام في السفر, إن الله يصدق بفطر رمضان علي مريض أمتي ومسافرها.. من مات وعليه صيام صام عنه وليه.. وفي الترمذي والبيهقي عن عائشة قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من نزل علي قوم فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم..
السيدة عائشة المدرسة الكبري التي تتلمذ عليها الكثيرون, ونقل عنها وروي لها رجالا ونساء علي مر القرون منهم من الصحابة أبوها نفسه خليفة رسول الله أبوبكر الصديق, وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب, وأبوهريرة, وابن عباس, وأبو موسي الأشعري, وعمر بن عبدالعزيز, وعمرو بن العاص, والحسن بن علي, وعلي بن الحسين وغيرهم الكثير حتي بلغوا أكثر من الثلثمائة والخمسين.. وهي التي روت5636 حديثا أسهمت في بناء صرح السنة النبوية, وهو يعادل إسهام جميع زوجات النبي صلي الله عليه وسلم, وإسهام الصحابة, والصحابيات, ويزيد علي إسهام أبي هريرة وحده, وعبدالله بن عمر, وأنس, وابن عباس, وجابر, وابن مسعود, وابن عمرو, والأشعري, وسلمان الفارسي, وبلال....الخ مجتمعين! وعلي سبيل المثال قاربها أبوهريرة في رواية5374 حديثا بينما لم ترو فاطمة بنت الرسول عنه أكثر من18 حديثا, وأبوبكر142 حديثا, وبلال44 حديثا, وخالد بن الوليد18 حديثا.. وتعجب عائشة رضي الله عنها من كثرة رواية أبي هريرة عن الرسول صلي الله عليه وسلم الذي تعرفه لا يستطرد ولا يكثر في القول.. وفي ذلك قالت لأبي هريرة: أنت الذي تحدث أن امرأة عذبت في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها؟! فقال: سمعته منه يعني رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: هل تدري ما كانت المرأة؟ إنها مع ما فعلت كانت كافرة, وأن المؤمن أكرم علي الله عز وجل من أن يعذبه في هرة, فإذا حدثت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث!!.. وعن عمر بن سعيد بن العاص عن أبيه عن عائشة أنها دعت أبا هريرة فقالت له: ما هذه الأحاديث هل رأيت إلا ما رأينا؟!.. قال: يا أماه إنه كان يشغلك عن رسول الله المرآة والمكحلة والتصنع, وإني والله ما كان يشغلني شيء.. وربما كانت دائرة أبي هريرة أوسع مجالا, ولكن في المقابل فإن مجال عائشة أعمق وأوعز, وقد روي أبوهريرة عن عائشة وخالفته أيضا.. وفيما يرويه البخاري ومسلم وابن ماجه عن يحيي قوله: كانت عائشة مشغولة بالنبي صلي الله عليه وسلم نفسه: بأحواله, وروحاته وخلجاته, وتسابيحه وذكره وصلاته, أي بالنبي كله في جميع شئونه, فأين أبوهريرة من ذلك كله؟!.. كانت في شغلها تخشي ألا تنقل الأحاديث صحيحة حتي أنها قالت: أبوهريرة أساء سمعا فأساء إصابة, وخير مثال علي ذلك أنه في نقله لحديث الرسول صلي الله عليه وسلم إن الميت ليعذب ببكاء الحي لم يكن الحديث علي هذا, ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم مر بدار رجل من اليهود قد مات وأهله يبكون عليه فقال: إنهم يبكون عليه وإنه ليعذب والله عز وجل يقول: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ومعناه أنه تعالي لا يحاسب الميت علي أخطاء أقاربه الأحياء.
ويبقي السؤال الذي لم يستطع أحد من البشر الإجابة عليه سواها.. عائشة رضي الله عنها.. هل رأي محمد صلي الله عليه وسلم ربه فأجابت كما جاء في البخاري وأحمد والطبري من قال ذلك فقد كذب ثم قرأت: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير وقوله: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ويسألها مسروق بن الأجدع: ألم يقل الله عز وجل: ولقد رآه بالأفق المبين في سورة التكوير, وقوله تعالي في سورة النجم: ولقد رآه نزلة أخري, فقالت: لقد كنت أول من سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذه الأمة عن ذلك فقال: إنما هو جبريل لم أره علي صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين: رأيته مهبطا من السماء, وخلقه ما بين السماء والأرض.. ما رأي الرسول صلي الله عليه وسلم ربه وإنما رأي جبريل سادا ما بين الأفق.. ويعود مسروق للسؤال: فأين قوله في سورة النجم: ثم دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني.. قالت رضي الله عنها: ذاك جبريل كان يأتيه في صورة الرجل وإنما أتي هذه المرة في صورته فسد الأفق..
ويخرج الرسول في جنازة بالبقيع ويعود ليجد عائشة تشكو صداعا فيداعبها بقوله: ما ضرك لو مت قبلي, وغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك, قالت عائشة: لكأني بك قد فعلت ذلك, ورجعت إلي بيتك فأعرست ببعض نسائك فضحك رسول الله وإن كان قد بدا يعاني من الألم الذي تزايد وهو لا ينسي عدله بين زوجاته, فتلطف في سؤالهن وكان يقسم بينهن الأيام أين أنا غدا؟.. أين أنا غدا؟.. راجيا أن يجبنه عند عائشة ولم يقم ببيتها إلا بعد أن أذن له لتشتد الآلام فيأمر أبا بكر بأن يصلي بالناس.. و..يأتي ملك الموت ليخيره بين البقاء في الدنيا أو اللحاق بالرفيق الأعلي فيهتف النبي بل الرفيق الأعلي.. ويقبض رسول الله بين سحري ونحري, ومن سفهي وحداثة سني أن وضعت رأسه علي وسادة وقمت أصرخ مع النساء.. و.. وكانت عائشة قد رأت في المنام وكأن ثلاثة أقمار قد سقطن في حجرتها فروت رؤياها لأبي بكر, فلما توفي النبي صلي الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال لها: هذا أحد أقمارك وهو خيرها.... وعاشت عائشة بعد الرسول سبعا وأربعين عاما خرجت فيها إلي موقعة الجمل مقتدية بالله في قوله: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما, وكاد يفني الفريقان المتناطحان وسقط الجمل.. ومشي علي معها أميالا يودعها ليشيعها من بعده بنوه مسافة يوم لتذهب إلي مكة لتطوف وتعود للمدينة توزع علي الفقراء وهي صائمة مائتي ألف درهم أرسلها لها معاوية ثمن شراء بيتها ليضم إلي مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم بعد وفاتها, ويأتي آذان المغرب لتطلب إفطارها من جاريتها أم ذرة فتجيبها: يا أم المؤمنين أما استطعت في كل ما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما.. ويأتي رمضان من السنة الثامنة والخمسين للهجرة وفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت منه تصعد روح أم المؤمنين عائشة للرفيق الأعلي وقد تجاوزت السبعين ليصلي عليها في البقيع.. أبوهريرة..
الدفعة مطلوبة
ينتظرني الكاتب الكبير سمير عطالله كما أشار في مقاله اليومي الشامل الجامع البانورامي في جريدة الشرق الأوسط لأكتب عن الزميل الراحل سلامة أحمد سلامة, وكأنه بإشارته الدافئة تلك يلومني عن تأخري في تأدية سلام الوداع التذكري لصاحب القامة والكتابة الشامخة.. بالله عليك يا سيد الأعمدة لا تلومني واعذر حالي فالغصة تعوق قلمي وصدري بعدما كثف هادم اللذات ومفرق الجماعات هذه الأيام نشاطه ليسرق مع كل صباح جوهرة جديدة من تاج صاحبة الجلالة المتصدعة.. أخذ مني في غضون أيام معدودات من رفقاء الدرب وأعز الناس كلا من بهيرة مختار, ولبيب السباعي, وأنطون ألبير, وسلامة أحمد سلامة, وحسن شاه.. ومن هنا يا سيدي لن تجدني الآن جالسة خلف مكتبي وإنما واقفة متأهبة متأبطة أوراق اعتمادي الصحفية ودفاتر تحليلاتي وأشعاتي الطبية ليس لتقديمها للجنة الصحافة بمجلس الشوري وإنما لأخذ دوري في طابور الانتظار علي محطة القطار السريع للحاق بالمغادرين بلا عودة.. فالدفعة مطلوبة!
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.