من غرائب دعوة المُصالَحة مع جماعة الإخوان، أن الإخوان أنفسهم لم تصدر عنهم إشارة واحدة جادة توحى بالرغبة فى المصالحة! بل على العكس، فإن صوتهم الأعلى الذى لا يخرج عليه سوى آحاد لا حول لهم ولا قوة فى الجماعة، هو، أولاً، أن يعود مرسى إلى الكرسي! فأى مصالحة يمكن أن تتحقق مع طرف رافض لها؟ ومن أين يجد دعاة المصالحة الجرأة على أن يطلوا بدعوتهم من وقت لآخر؟ وها هم يعيدون الكلام بمناسبة اقتراب الانتخابات الرئاسية، فهل يجوز استنزاف الناخبين فى هذه المسائل؟ أما إذا دخلتَ فى تفاصيل المصالَحة، التى من أهم شروطها المصارَحة، فكيف يمكن أن تتقدم خطوة واحدة مع جماعة تدمن الكذب، إلى حد أنهم لم يعترفوا قط بأى خطأ، حتى الجرائم القديمة، من اغتيالات الخازندار والنقراشى وغيرهما إلى محاولة اغتيال عبد الناصر! مما يجعل من المستحيل أن يتخيل أحد أنهم يمكن، وحتى يتحقق أى شيء إيجابي، أن يعترفوا بالجرائم المنظَّمة التى اقترفوها طوال العام الكئيب الذى حكموا فيه، وما أعقبه فى احتلال رابعة، وما بعدها. وأما الحجة المتهافتة بأن المصالحة المزعومة فى مصلحة الوطن، بوهم أنه سوف يترتب عليها اندماج الإخوان فى العمل السلمي..إلخ، فهذا تجاهل للحقيقة الدامغة بأن أكثر المجتمعات نجاحاً فى تاريخ البشرية فى دمج عناصرها فى العمل السلمى العام، فى أوروبا وأمريكا، عجزت عن أن تجذب أصحاب الفكر المتطرف ومنهم جماعة الإخوان وأخواتها! وها هى الأنباء اليومية تخرق الأعين بمعلومات مخيفة عن شباب وُلِدوا ورضعوا وتعلموا وشبّوا وعملوا وتنعموا فى هذا المناخ الأفضل، إلا أنهم، وبعد أن ضربت أفكار الإخوان أدمغتهم، كفّروا المجتمعات صاحبة الأفضال عليهم، وفجروا أنفسهم لإيقاع أكبر أذى بالمدنيين العزل، وخرجوا عليهم بالسلاح، فإذا تعذر السلاح دهسوهم بالسيارات..إلخ، وهكذا قدَّموا بأنفسهم الدليل المُفحِم على خطأ تصور أنه يمكن دمجهم، هم وأمثالهم. بما يعنى أنه لم يعد هنالك سبيل معهم إلا مواجهتهم بأقصى قوة حتى يضعوا السلاح ويعترفوا بجرائمهم ويعتذروا للضحايا وللوطن وللإنسانية. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب