علي بعد10 كيلومترات من القاهرة وفي صحراء القليوبية تقع مستعمرة الجذام التي أنشأتها وزارة الصحة عام1933 في منطقة بعيدة عن العمران وحصنتها بقوات من سلاح الهجانة لعزلها. بالاضافة الي الحد من حركة المرضي لتقليل نسبة انتشار المرض واقيمت علي مساحة235 فدانا مكونة من ثلاثة اقسام هي المستشفي والمزرعة وقرية المرضي ويحدها منطقة صناعية ومزرعة جبلية. تتكون المستعمرة من المبني الاداري والذي يضم قسم العلاج الاقتصادي وغرفة العمليات, والعيادات الخارجية وقسما يضم عيادة للغيار, وسجنا للمرضي الصادرة بشأنهم احكام قضائية وقسم خاص بالسيدات يحيط بالأقسام الثلاثة سور كبير, توجد بجواره محطة لتنقية المياه ومخبز لانتاج العيش للمرضي ويقطن بالمستعمرة850 مريضا رجالا وسيدات, والجذام لمن لايعرفه هو مرض جلدي معد واهمال علاجه يؤدي الي تشوهات في اليدين والقدمين ويؤدي للاصابة بالعديد من الجروح تبدأ ببقع جلدية ثم تورم والتهاب ينتج عنه اعاقة مستديمة حلها هو البتر الفوري ويتم علاج الجذام بعقار الدايسون لكنه أصبح ضعيفا مقارنة بسرعة تطور المرض. الصورة داخل المستعمرة قاتمة المرضي يفترشون الأرض والحيوانات تمرح بجوارهم والذباب يتغذي علي جروحهم المتقيحة فهم قلة منبوذة من المجتمع وكأنهم محكوم عليهم بالسجن مدي الحياة أو النفي يحيط بهم الفقر والمرض وتواجه المستعمرة العديد من الأزمات بسبب ضعف الميزانية المقدمة من وزارة الصحة وقلة التبرعات ويعاني المرضي من الانتظار طويلا لاجراء عمليات البتر الكلي للأطراف أو الجزئي لأحد اصابع القدمين ويواجهون العجز في عدد اطباء بسبب خوفهم من العدوي وعدم استقبال المستشفيات لحالاتهم وضعف الدخل لمريض الجذام في المستعمرة والذي لايتعدي150 جنيها نظير عمله في المزرعة بالاضافة لفصلهم من أعمالهم وعدم صرف مستحقاتهم المالية لاصابتهم بالمرض ورفض المصانع المقامة علي أرض المستعمرة تشغيلهم فيها وتكرار حوادث السطو علي المستعمرة والمسجلة بمحاضر رسمية. وبجوار المستعمرة عزبة الصفيح أو عزبة الشهيد عبد المنعم رياض وهي مساكن بسيطة فقيرة يسكن بها عدد كبير من المرضي الذين تم شفاؤهم أو لايزالون يتابعون العلاج في أقسام المستشفي المختلفة مع أسرهم والمتزوجون منهم مع أبنائهم والحال فيها لايختلف كثيرا عن المستعمرة فلا يوجد مدرسة ابتدائي في العزبة لأطفال المرضي رغم وجود أرض لها ولايوجد مركز شباب وتعاني العزبة من عدم وصول مياه صالحة للشرب أو صرف صحي ويسيطر علي سكان العزبة الفقر الشديد لعدم وجود مصدر رزق ثابت لأي منهم فأغلبهم أعجزه المرض أو السن عن العمل وأسر كثيرة توفي عائلها وترك الأبناء بلا أي دخل فتسرب عدد كبير من ابناء العزبة من التعليم ويعيشون علي الاعانات التي تمنحها المستشفي لهذه الأسر في صورة بعض المواد الغذائية وقامت بعض الجمعيات الخيرية بتجديد عدد من المنازل وانشاء حضانة للأطفال ومدرسة اعدادي بالمنطقة وكتاب لتعليم ابناء العزبة القرآن الكريم وترميم بعض المنازل وانشاء دورات مياه بها. الأوضاع المأساوية التي يفرضها المرض تصرخ وتتجلي بوضوح في حالة المرضي( الجذام الذين يخضعون لحصار أشبه بأسري الحرب والذين يستغيثون بالمجتمع لمساعدتهم.