اختار محفوظ عبدالرحمن الكاتب والسينارست أن يسبح دائما فى أعماق البحار فى المسافات الطويلة والسبب فى ذلك انه عاشق من عشاق التاريخ الكبار وكان دائما يفضل أن يختار من الشخصيات ما يشبع هذا العشق..فى بوابة الحلوانى اختار فترة من ازهى فترات تاريخ مصر الحديث وحين كتب مسلسل أم كلثوم شاهدنا شخصية أم كلثوم بعبقريتها وزمانها والرموز التى أحاطت بها..كان محفوظ عبدالرحمن يجيد رسم شخصياته وكان إنسانيا وهو يغوص فى أعماقها ويقدم للمشاهد كل ما فيها من الخير والشر والتناقضات وكان يتمتع بعبارة رشيقة فى حواره ولعل السبب فى ذلك انه مارس كتابة القصة لفترة طويلة فى حياته..لو لم يكتب محفوظ عبدالرحمن غير بوابة الحلوانى وأم كلثوم وناصر وحليم فهذا يكفيه لكى يحتل مكانة بارزة فى تاريخ الدراما العربية وليس المصرية فقط..عاش حياته بعيدا عن الأضواء وكان مقلا فى كتاباته لأنه كان دائما يسعى لأن يقدم الجديد والمميز والراقى..وفى الأعوام الأخيرة تراجع نشاطه وكتاباته واختار أن يبقى بعيدا عن الأضواء خاصة أمام حالة الإسفاف والتردى التى أصابت الدراما المصرية فى الحوارات والشخصيات والبذاءات والإعلانات وهذه الصورة القاتمة التى حملتها مسلسلات رمضان كل عام وأخذت عشرات الملايين دون أن تقدم عملا جيدا أو مسلسلا يضاف إلى تاريخ الدراما المصرية.. كتب محفوظ عبدالرحمن عددا من المسلسلات التاريخية منها سليمان الحلبى وليلة سقوط قرطبة وعنترة..كان مشوار محفوظ عبدالرحمن مشوارا سخيا فى إبداعاته ومواقفه وأخلاقياته فلم يمارس العبث السياسى فى أى مرحلة من مراحل حياته وبقى دائما محافظا على ثوابته الوطنية والفكرية واختار الظل بعيدا عن صخب الأضواء ولم يُخفِ قناعاته بتجربة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى فيلم ناصر..كانت هناك مشروعات كثيرة يريد محفوظ عبدالرحمن أن يكتبها ولكن حالته الصحية ساءت فى السنوات الأخيرة وتعرض لأكثر من أزمة ومع رحيله خسرت مصر واحدا من أهم رموز الدراما المصرية..عاش محفوظ عبدالرحمن للكتابة واخلص لها كثيرا فى مسرحياته ومسلسلاته وكتاباته القصصية وبقى على عشقه للتاريخ الذى سافر فيه كل سنوات عمره..عزاؤنا لرفيقة مشواره زوجته الفنانة القديرة سميرة عبدالعزيز. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة