حظيت الجولة الإفريقية الأخيرة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى باهتمام شديد على الصعيدين الوطنى والإفريقى وكذلك على المستوى العالمي، حيث إن عودة مصر للقارة السمراء،التى جرت محاولات لسلخها ومن ثم إضعافها بتجريدها من بُعد شديد الأهمية، يصعب، إن لم يكن يستحيل، أن يمر دون إثارة الانتباه.. ويعرف جيلى أن مصر ،بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر،قامت بدور فى غاية النبل عبر مساعدة الشعوب الإفريقية على التحرر من ربقة الاحتلالات البغيضة، التى نهبت ثرواتها وأوقفت عجلة التقدم والتطور فيها كى يتسنى لها الانفراد بالسلب والنهب.. وأيضا فتحت القاهرة حضنها واسعا دافئا لكل من لجأ إليها من قادة تحرر ومناضلين، هربا من وحشية القوى الاستعمارية فى أواخر خمسينيات القرن الماضي. وبالتوازى مع جهود التصدى للاستعمار، أنشأت المخابرات المصرية شركة النصر للتصدير والاستيراد برئاسة الراحل الكبير محمد غانم، ولعبت الشركة دورا عظيما فى مجال بناء العلاقات الاقتصادية والعمل على تشابك الأيدى المصرية مع الأشقاء الأفارقة، لاستثمار جميع الامكانيات المتاحة، وفتح آفاق التعاون الذى يعود بالخير على الجانبين..وليس هنا مجال تفصيل ما طرأ على العلاقات المصرية الإفريقية ومدى ما أصابها من أضرار انتهت إلى انسحاب مصر وغيابها غيابا شبه تام عن تلك الساحة الحيوية على أيدى من تولوا حكم مصر بعد رحيل عبد الناصر.. وفى ظل الانسحاب المصرى شاهدنا العديد من السلبيات التى لحقت بنا وليس أقلها ترك الساحة خالية للقوى المعادية، والتى ظهر منها القليل حتى الآن، مثل الدور الإسرائيلى فى توطيد وجود الدولة العبرية ونفوذها فى القارة السمراء، والأدهي، ما تم كشفه أخيرا عن الدور القطرى الخسيس فى تمويل وتشجيع سد النهضة، ليس بنية مساعدة إثوبيا، بل لتعطيش شعب مصر!!!.. لكن جاءت إلى مصر قيادة تضع مصلحة الوطن فوق أى اعتبار آخر مهما كان وتمتلك الرؤية والشجاعة فى مواجهة التحديات ووضع مصلحة مصر فى صدارة سلم الأولويات.. وقد شاهدنا فرحة قادة الدول الأربع التى شملتها جولة الرئيس وشعوبها بعودة مصر إلى حضن افريقيا.. ولا شك فى أن غياب مصر طوال العقود الماضية، لم يكن بحال من الأحوال فى صالحنا، ففى القارة العريقة مجالات للتعاون وتحقيق الرفاه، للطرفين، لا تحصى ولا تعد، وكان الجسر الذى اعاد فتحه الرئيس السيسى برؤية صائبة للعلاقات بين مصر وإفريقيا، تصويبا لأخطاء سياسية فادحة.. إفريقيا قارة تمتلك ثروات شاسعة، فى ميادين الزراعة والصناعة والمواد الأولية، ولا يزال لدى مصر رصيد مهم. فيها، حيث هناك عدد كبير من الدول التى تقدر دور مصر وما قدمته من دعم ومساندة لحركات التحرر. ولم تغفل مصر بإدراك بالغ ،أهمية الجانب الاقتصادى والتنموي.. إفريقيا هى العمق الإستراتيجى لنا وهى الأقرب ولذا كان التوجه السياسى بمحاولة تشويه سياسة الستينيات، به قدر كبير من انعدام الرؤية، حتى لا نقول إنه كان متعمدا لتهميش دور مصر، المكان والمكانة.. لقد فتحت جولة الرئيس السيسى الإفريقية والتى شملت أربع دول هى رواندا وتنزانيا والجابون وتشاد، باب الأمل على مصراعيه.. خلال الجولة بحث الرئيس السيسى كل الملفات، القريب والحال فى ميادين التعاون، فى الزراعة والتصنيع والتبادل التجاري، والملف الأمنى بالتصدى للإرهاب والذى كان من أبرز الملفات التى بُحثت بعناية فائقة وجدية واضحة مع تشاد،حيث تمتلك تشاد كما هو معروف أطول حدود مع ليبيا، ومنها يتم تهريب ارهابيين وأسلحتهم الى ليبيا، ومن ليبيا يتم تهريب جزء إلى مصر.. ومن دواعى الأسى أن زيارة الرئيس السيسى إلى تشاد هى الأولى من نوعها منذ عام 1975 المهم أن الجولة أعادت رونق شجرتنا الإفريقية التى رويناها مع أشقائنا فيها وتركناها تجف حتى كادت تتحول إلى جماد بغير حياة..وليس أجمل، لوطن،من إعادة الحياة لكل من يمد يده بالخير فى ظل علاقات متكافئة وتعاون مثمر على جميع الأصعدة.. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى;