بالرغم من ان الصيام يعني ضمن ما يعني التخلي والامتناع عن الطعام والشراب طوال النهار, فإن الملاحظ أن ذلك الشهر الكريم يصحبه التبذير والإسراف في كثير من الأحيان. فضلا عن تأثير ذلك علي ميزانية وكاهل الأسرة منذ الاستعداد للشهر الكريم إلي ما بعد مروره..الأمر الذي يستلزم وقفة للبحث عن علاج لهذه الظاهرة السلبية. الدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر يقول: إن علاج الإسراف والتبذير والترف والمظهرية ومحاكاة الغرب والشرق في عاداتهم وانتشار المحدثات والبدع والضلالات في رمضان في مجال النفقات والاستهلاك فريضة شرعية وضرورة حتمية حتي لا تتفشي تلك الأمراض وتقود بالأمة إلي الفساد والهلاك, وأن طريق العلاج هو الإسلام, وأساليبه, وهي الأساليب التي اتبعها رسول الله صلي الله عليه وسلم لإخراج الناس من الجاهلية إلي النور. ويلخص د.حسين شحاتة سبل علاج مشكلة الإسراف والتبذير في شهر رمضان في الخطوات التالية: أولا: الفهم الصحيح لفريضة الصيام علي أنها تطهير للنفس والمال والمجتمع, وأنه عبادة صحيحة وعقيدة سليمة وأنه صبر وجهاد وتضحية ومشقة, وليس لإقامة الولائم والحفلات والتنافس في الملذات والترفيهات والمظهريات. ثانيا: المحاسبة والمراقبة الذاتية: قبل وأثناء الإنفاق والاستهلاك والتفكر والتدبر في النتائج المترتبة علي الإسراف والتبذير والترف والمظهرية... فمن شق عليه الحساب في الدنيا سهل عليه في الآخرة, وهذا العلاج نجده في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن كان خيرا فامضه وإن كان غيا فانته عنه. وفي هذا الشأن يقول عمر بن الخطاب: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيأوا للعرض الأكبر كما يجب علي المسلم أن يتذكر الفقراء والمساكين والمجاهدين والوقوف أمام الله للمحاسبة الأخروية ليس في رمضان فقط بل في كل الأوقات. إن المحاسبة والمراقبة الذاتية الدائمة والمستمرة تجعل الفرد المسلم الصائم حازما مع نفسه يكبح هواها ويفطمها عن شهواتها ومطالبها ويجعلها تسير في طريق الإسلام. ثالثا: الاقتداء والتأسي بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم والصحابة من بعده في سلوكهم ونفقاتهم في شهر رمضان ولا سيما من حيث الاقتصاد, ويتذكر حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه: ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه, حسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه, فإن كان فاعلا لا محالة, فثلث لطعامه, وثلث لشرابه, وثلث لنفسه. رابعا: تجنب مصاحبة المسرفين والمترفين, وملازمة الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه, وفي هذا الخصوص يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: الرجل علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل, كما قال صلي الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي (رواه أبوداود والترمذي). خامسا: قيام السلطان بمسئولياته نحو منع الخبائث من التداول ومنع كل ما يغضب الله ويتعارض مع الشريعة الإسلامية إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع القرآن. وأوضح د.حسين شحاتة أنه لو طبق كل فرد وكل أسرة وكل مسئول الضوابط الإسلامية للنفقات والاستهلاك في رمضان, ولو التزم بالطريق الإسلامي في علاج أمراض الإسراف والتبذير والترف ونحوها لأدي ذلك إلي العديد من الآثار الطيبة, أهمها: الفوز برضاء الله في الدنيا والآخرة,بالإضافة إلي توفير علي الأقل 50% من النفقات التي كانت تنفق فيما يعارض شريعة الله, وتجنب الأسرة الوقوع في حمل ثقل الديون وحمايتها من مصائد الشيطان والكسب الحرام, ويوفر علي الدولة الكثير من النفقات لتوجيهها لما هو صالح للبلاد والعباد.