قال تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) «الحشر23». ويحدثنا إمام الدعاة الشيخ الشعراوى رحمه الله عن اسم الله «الجبار» فيقول: جبر فلان فلانا أى أغناه من فقر، أو جبر فلان عظمة فلان أى أجبرها، وجبر الله سبحانه فلانا أى سد حاجته، وأجبره على الأمر أى أكرهه عليه، ويقول الإمام: كلمة جبار بدون ألف ولام تستخدم كصفة من صفات الأفراد، وهنا تكون بمعنى القهر والطغيان، فهى فى حق الانسان صفة ذميمة، كما فى قوله تعالى (وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) «هود 59»، ولذلك نجد الحق سبحانه ينفى عن نبيه يحيى عليه السلام هذه الصفة فيقول (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا) «مريم 14»، والجبر هنا هو الطغيان والقهر والتحكم فى مخلوقات الله لمنافع وأهواء شخصية، أما الجبار بالألف واللام فهو اسم من أسماء الله الحسني، وانما سمى الجبار لانه جبر الخلق على ما أراد سبحانه وتعالى، وهى من الصفات الواجبة لكماله المطلق لانها تعنى أن الحق جل شأنه يجبر كسر عباده، فهو القادر على جبر الفقير حين شرع الزكاة والصدقات وجعل الحسنة بعشر أمثالها وبسبعمائة ويضاعف لمن يشاء. ويقول إمام الدعاة: من معانى الجبار أيضا انه سبحانه وتعالى قاهر يدين له كل شيء ويخضع له من سواه، فاذا نظرت الى جبر المريض حين يجعل له أجرا إذا تقبل البلاء بالصبر والرضا بقضاء الله، وجعل زيارته زيارة له، كما يجبر عبادة الطائفين له بأن يتولاهم برعايته وحفظه فيشعرون أنه جل شأنه معهم فى كل وقت وحين، ولا يستعمل الحق جل شأنه جبروته فى موضع الا تحقيقا لخير او دفعا لشر، وهو سبحانه مستحق للحمد على جبروته كما هو مستحق الحمد على رحمته ومغفرته وكرمه، وكفى بالله أنه الجبار الذى يقهر كل جبار متكبر فهو جل شأنه من خسف بكل جبار متكبر الأرض، فإذا علم العبد المخلوق الضعيف أن الجبار بمعنى مصلح الأمور، فوض أمره اليه، وتوكل فى جميع أحواله عليه، إن كان خيرا علم أنه مسديه، وإن كان ضرا علم أنه ينجيه منه ويكشفه بلطفه وأفضاله.