شهدت العلاقات بين جمهورية مصر العربية وألمانيا الاتحادية خلال العامين الأخيرين مستوى غير مسبوق من التنسيق والتشاور بين البلدين باعتبار أن ألمانيا هى قاطرة الاتحاد الأوروبى وتمثل اكبراقتصاد داخل القارة الأوروبية ورابع أكبر اقتصاد عالمى بينما مصر تعد أكبر دولة عربية ودولة مركزية فى منطقة الشرق الأوسط وفى إفريقيا، وذلك فى ظل اقتناع ألمانى بأن مصر هى ركيزة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط المضطربة. وجاءت زيارة المستشارة «ميركل» الأخيرة القاهرة يومى 2و3 مارس الماضى لتكرس هذا الاقتناع الألمانى وتؤكده فى ضوء حاجة ألمانيا الماسة لشريك لها فى مكافحة الإرهاب والهجرة غيرالمشروعة وتحقيق الاستقرار والتوصل لحلول سياسية لأزمات الشرق الأوسط وإفريقيا المتفاقمة وكانت الزيارة بمنزلة رسالة دعم وتقدير لجهود مصر الحثيثة لمواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والنجاحات التى حققتها مصر على هذه الأصعدة. والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسى والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خمس مرات على مدى الفترة الماضية، كما شهدت العلاقات المصرية الألمانية تطورا وتناميا ملحوظاً فى مختلف المجالات على مدى العامين الماضيين، حيث كانت زيارة الرئيس السيسى برلين فى يونيو2015 التى أحدثت نقلة نوعية فى العلاقات وكرست مفهوم أن أمن ألمانيا وأوروبا مرتبط تماما بأمن واستقرار مصر. ثم كانت زيارة ميركل القاهرة فى مارس الماضى التى فتحت آفاقا جديدة للتعاون الثنائى بين البلدين فى مختلف المجالات، كما كانت هناك زيارات متبادلة بين المسئولين المصريين والألمان على المستوى السياسى والاقتصادى وعلى المستوى الوزارى منهم وزراء الداخلية والتعاون الدولى والاستثمار والزراعة والتجارة والصناعة ومحافظ البنك المركزى وقد زار وزير الخارجية سامح شكرى برلين 3مرات. كما قام الإمام الأكبر شيخ الأزهر بزيارتين إلى برلين فى مارس 2016 ثم فى مايو2017 كان لهما تأثير إيجابى على صورة الإسلام لدى المواطن الألمانى وإظهار دورالأزهر الشريف فى نشر قيم الاعتدال والتسامح والتعايش المشترك وزيارتين للسيدة فايزة ابوالنجا مستشار الرئيس للامن القومى وكذلك قامت وفود برلمانية من البلدين بزيارات متبادلة كما زار مسئولون ألمان على مستويات مختلفة مصر. ومن المقرر أن يبدأ الرئيس السيسى زيارته المرتقبة برلين، التى تشمل شقين ثنائيا ومتعدد الأطراف «الأهرام» حاورت الدكتور بدر عبد العاطى سفير مصر فى برلين للتعرف على أهم وأبرز المحطات فى العلاقات المصرية الألمانية خلال العامين الماضيين قبل الزيارة المرتقبة للرئيس. وردًا على سؤال حول أهمية هذه الزيارة وخلفياتها؟ كشف السفير الدكتور بدر عبد العاطى ان زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الثانية برلين ستعطى دفعة للعلاقات بين البلدين فى مختلف المجالات، بعد الدفعة الكبيرة التى تلقتها علاقات الشراكة مع ألمانيا بفعل زيارة الرئيس برلين فى يونيو2015 حيث تمثل الزيارة فرصة لدفع العلاقات بين البلدين بما يحقق مصالحهما ومن أهمها ضمان أمن واستقرار مصر ودعم مصر فى حربها ضد الإرهاب وتلبية الاحتياجات المصرية لهذا الغرض وتخفيف أعباء اللاجئين والهجرة غير المشروعة عن كاهل مصر وتعزيز آليات التعاون لمواجهة التهديدات المشتركة كالإرهاب والهجرة غير الشروعة ودعم جهود التنمية والإصلاح الاقتصادى عن طريق الاستثمارات الألمانية المباشرة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر وتسهيل نفاذ المنتجات المصرية إلى السوق الألمانية والأسواق الأوروبية ودفع جهود الاستفادة من الخبرة الألمانية فى مجالات التعليم الفنى والتدريب المهنى وتهيئة الظروف للمزيد من التدفق السياحى الألمانى لمصر ووضع إطار قانونى محكم لعمل المؤسسات الألمانية فى مصر. وقال إن زيارة الرئيس المنتظرة برلين تأتى تلبية لدعوة من المستشارة الألمانية لحضور قمة مصغرة حول الشراكة والاستثمار فى القارة الإفريقية تحت مظلة الرئاسة الألمانية الحالية لمجموعة العشرين وهى القمة التى ينتظر أن يحضرها أيضا قادة كل من تونس والسنغال وغانا وغينيا وكوت ديفوار ومالى والنيجر ورواندا، إلى جانب رئيس وزراء إيطاليا بصفته رئيس مجموعة السبع الكبرى ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى ورؤساء عدد من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية تشمل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وبنك التنمية الإفريقي. وأشار إلى انه فى ضوء ذلك أصبحت العلاقات الثنائية بين البلدين فى الفترة الأخيرة تتسم بالديناميكية والتفاعل والتنوع وأصبحت تقوم على أساس الشراكة الإستراتيجية بين البلدين بما يحقق مصالحهما المشتركة ولم تعد كما كانت فى السابق علاقة مانح بمتلق، فألمانيا تنظر إلى مصر باعتبارها الطرف الرئيسى الذى يخوض حربا ضد الإرهاب وله تأثير كبير فى العديد من الأزمات الإقليمية ومفتاح تحقيق الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط المضطربة، فضلاً عن الدور المصرى الرئيسى فى إفريقيا . وأوضح أن مستوى التشاور والتنسيق بين البلدين شهد طفرة كبيرة فى العام الأخير حول قضايا القارة الإفريقية وقضايا الشرق الأوسط لما للبلدين من دور متنام فى هذا الشأن وهناك ترحيب ألمانى بالتعاون مع مصر لدفع جهود تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية فى القارة الإفريقية ويكتسب التعاون فى هذا المجال أهمية خاصة فى ضوء رئاسة ألمانيا الحالية لمجموعة العشرين والاهتمام الكبير الذى تخصصه الرئاسة الألمانية للمجموعة لدفع جهود التنمية والأمن والاستقرار فى القارة الإفريقية. وعن سؤال حول أهم ملامح الزيارة الرئاسية، قال السفير المصرى ببرلين إن الزيارة ستتضمن شقاً ثنائياً مكثفاً فى ضوء خصوصية العلاقات الثنائية المصرية الألمانية وتطوراتها الإيجابية الملحوظة خلال الفترة الأخيرة، حيث ستستقبل المستشارة الألمانية الرئيس بدار المستشارية لعقد مباحثات ثنائية موسعة حول مختلف مجالات العلاقات الثنائية والأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وغيرها من الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وفى مقدمتها الأزمة الليبية ومكافحة الارهاب. كما سيستقبل الرئيس بمقر إقامته فى برلين عددا من وزراء الحكومة الألمانية من بينهم وزراء الخارجية زيجمارجابريل والاقتصاد والطاقة بريجيت سيبريس والتعاون الاقتصادى والتنمية جيرد مولر، ووزير الداخلية توماس ديمزيير، فضلاً عن زعيم الأغلبية البرلمانية فى البوندستاج فولكر كاودر، حيث سيتم تناول قضايا السياسة الخارجية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية إيجاد فرص العمل فى مصر ومكافحة الارهاب.كما ينتظر أيضاً أن يلتقى الرئيس فى أثناء الزيارة مجموعة منتقاة من رؤساء كبرى الشركات الألمانية المستثمرة أوالمهتمة بالاستثمار فى مصر.