قال السفير أسامة المجدوب، سفير مصر فى بكين، إن مشاركة مصر فى منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولى، بوفد رفيع المستوى يضم ستة وزراء، تؤكد مدى اهتمام مصر بالمبادرة الصينية لإحياء طريق الحرير، وبالعلاقات الثنائية المتميزة مع الصين على جميع المستويات. وأضاف المجدوب فى حوار خاص ل«الأهرام» أن الفترة المقبلة ستشهد طفرة فى الاستثمارات الصينية بمصر، حيث يجرى الآن التفاوض لتنفيذ الجانب الصينى لمشروعات النقل المصرية التى كانت مؤجلة، مشيرا إلى أن الشركات الصينية تعمل فى مصر بكل قوة، ولا صحة لخروج بعض الشركات من تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة. وتحدث السفير المصرى عن مجالات التعاون المختلفة بين القاهرةوبكين، والتوافق الكبير بين الجانبين حول الكثير من القضايا الدولية والإقليمية، وآفاق تطويرها فى ظل مبادرة الحزام والطريق، وفيما يلى نص الحوار: ما مغزى المشاركة المصرية فى منتدى الحزام والطريق بوفد وزارى كبير، وما أهم الملفات التى سيحملها الوفد المصرى إلى الجانب الصينى؟ هذا الملتقى يعتبر حدثا كبيرا، وهو أحد أهم اللقاءات الدولية التى تنظمها الصين خلال العام الجارى، ومن هنا كان اهتمام مصر بالمشاركة الكبيرة، حيث من المقرر أن يشارك فيه وزراء التعاون الدولى والاستثمار، والتجارة والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم العالى والبحث العلمى، والنقل، والمالية، وأيضا رئيس اتحاد الغرف التجارية. وهذه المشاركة المصرية ستنقل للجانب الصينى أمرين، الأول يتعلق بمناخ الاستثمار فى مصر وما يجرى من تطوير فى هذا المجال، سواء من خلال قانون الاستثمار الجديد، أو من خلال الترتيبات والإجراءات وإعادة هيكلة منظومة الاستثمار فى مصر، والمزايا والتسهيلات التى يمنحها القانون الجديد، والمزايا التى يمكن أن يحصل عليها المستثمر الصينى الذى يستثمر فى مصر، مثل سهولة التصدير من مصر للدول المجاورة، اعتمادا على اتفاقيات التجارة الحرة التى وقعتها مصر، ومنها اتفاقية الكوميسا والاتفاقية العربية، والاتفاق مع الاتحاد الأوروبى، وهذه الاتفاقيات تضمن تصدير السلع المصنعة فى مصر لهذه الأسواق بدون جمارك. والأمر الثانى، الذى ستركز عليه المشاركة المصرية، هو الاستثمارات الصينية التى تطمح مصر فى الحصول عليها فى مجالات مختلفة، فهناك حوار فيما يخص بعض المشروعات فى العاصمة الإدارية الجديدة، وهو أمر مهم وشركات صينية عديدة داخلة فيه بالمرحلتين الأولى والثانية، وهناك كثير من المشروعات فى محور تنمية قناة السويس، منها ما تم تنفيذه بالفعل والبعض الآخر يجرى التشاور عليه، كما أن هناك تعاونا فى مجال تصنيع السيارات نسعى إلى تطويره، وتعاون فى مجال المنسوجات نسعى إلى جذب مستثمرين وتكنولوجيا صينية إلى مصر. بعد ما يقرب من ثمانية أشهر على توليكم منصب سفير مصر لدى الصين ودراستكم لجميع الملفات.. فى رأيكم ما أهم معوقات تدفق الاستثمارات الصينية إلى مصر، وما حقيقة انسحاب الشركات الصينية من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟ أولا مسألة خروج الشركات الصينية من مشاريع تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة غير صحيح، فالشركات الصينية لم تخرج، وما حدث أن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الحالى فى مصر تزامن مع مرحلة التفاوض والنقاش مع هذه الشركات، خصوصا الإجراء الذى تم اتخاذه بتحرير سعر الصرف، وترتب عليه أن كل تكلفة استثمارية مطروحة تضاعفت ثلاثة أضعاف، فإذا كنا ننشئ مشروعا وسعر متر الأرض فيه ألف دولا كانت تعادل مثلا 8 آلاف و300 جنيه مصرى، فبعد تحرير سعر الصرف أصبح سعره ما يقرب من 20 ألف جنيه، فأى حكومة حكيمة وهذا ما حدث فى مصر يستدعى الأمر منها مراجعة هذه الاستثمارات، وإعادة ترتيب الأولويات، وإعادة تنظيم منظومة الاستثمارات الأجنبية بشكل لا يلقى بمزيد من الأعباء على ميزانية الدولة وعلى كاهل المواطن، فكانت المسألة مجرد إعادة تقييم وإعادة تفاوض، وربما التفكير فى إحالة جانب من هذه المشروعات للشركات المصرية لتخفيف التكلفة وتقليل الاعتماد على العملة الأجنبية، وكذلك إعادة التفاوض على السعر، وهذا ما حدث ولم تخرج الشركات الصينية وبينها الشركة الصينية الأكبر فى مجال المقاولات بالعالم، كما قيل فى وسائل الإعلام المصرية، وقد تم إسناد إنشاء عدد من المبانى التى تتطلب مواصفات فنية خاصة إلى هذه الشركة. ما أكبر أو أهم المشروعات التى وصلنا إلى مراحل متقدمة فى طريقنا لتنفيذها من بين مذكرات التفاهم الكثيرة التى تم توقيعها بين الجانبين المصرى والصينى خلال الزيارات الرئاسية المتعددة منذ عام 2014؟ هناك إحدى كبريات الشركات الصينية المسئولة عن تطوير المناطق الصناعية قامت بالفعل فى منطقة السخنة بتطوير 2 كيلو متر مربع، واستضافت فيها 60 مصنعا تعمل بالفعل، وهناك 6 كيلو مترا مربعا أخرى مخصصة لهم بنظام المطور الصناعى، وقد بدأوا العمل فى المرحلة الأولى منها، ويحققون نتائج ممتازة، وهناك شركة صينية تقوم بعملية توسيع ومد الشبكة الكهربائية فى مصر وإقامة أبراج عالية الفولت بمواصفات خاصة واستخدام أسلاك بمواصفات خاصة، وقد أنهت الشركة المرحلة الأولى وتتفاوض مع الحكومة المصرية على المرحلة الثانية، وجار التفاوض مع شركة أخرى على الدخول فى أعمال بناء المرحلة الثانية من العاصمة الإدارية الجديدة، وهى شركة متخصصة فى إقامة مناطق صناعية متكاملة، وهذه الشركة ستطرح استثمارا فى مصر خلال الفترة القادمة ربما يتجاوز ال10 مليارات دولار، وهو الآن فى المراحل النهائية من التفاوض. حجم الاستثمارات الصينية فى مصر صغير فهى لم تتجاوز المليار دولار حتى الآن.. فهل هذه الأرقام مناسبة لحجم وتاريخ العلاقات المصرية- الصينية؟ بكل تأكيد لا، ومن ذلك المنطلق كان حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الصينى شى جين بينج على ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وهو ما تم التوقيع عليه خلال زيارة الرئيس الصينى فى ديسمبر 2014، لخلق الأرضية المناسبة والمناخ المناسب للتوقيع على مشروعات الطاقة الإنتاجية، فهناك 18 مشروعا للطاقة الإنتاجية، لم يتم تنفيذ الكثير منها للأسباب التى تحدثت عنها، وربما بعض الوزراء كانت لهم وجهات نظر فى مرحلة ما ووزراء آخرين كانت لهم وجهات نظر أخرى. تلك المرحلة تجاوزناها، واليوم هناك تفهم كامل لطبيعة العلاقة بين مصر والصين، وهناك إعادة إحياء لمشروعات النقل التى كانت مؤجلة، وسيتم إعادة التفاوض عليها وتوقيع اتفاقيات بها، وأعتقد خلال العام أو العامين القادمين ستكون هناك طفرة ملموسة فى حجم الاستثمارات الصينية فى مصر. ما أهم ملفات الجانب السياسى من العلاقات المصرية-الصينية التى ترى أنها تحتاج إلى إعادة تفعيل خلال الفترة المقبلة؟ كل الملفات مفعلة، وهناك تنسيق مستمر ومتواصل، وتوافق إلى حد كبير بين القاهرةوبكين فى المواقف المتعلقة بأهم الملفات مثل مكافحة الإرهاب، وإصلاح مجلس الأمن والأمم المتحدة بوجه عام، وموضوعات نزع السلاح، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووى، فموقفنا وموقف الصين يكاد يكون متطابقا، وأيضا فى قضايا الشرق الأوسط بوجه عام، فمصر والصين تريان أن الحل فى سوريا وليبيا واليمن والعراق لابد أن يكون حلا سياسيا وليس عسكريا، وتريان أن التدخل الأجنبى فى هذه الدول سيئ ومضر وليس مفيدا. الصين مهتمة بموضوع الأمن الإلكترونى بشكل خاص وتعتبره جزءا من الأمن القومى.. فما مدى التعاون المصرى الصينى فى هذا المجال وفى مجال مكافحة جرائم الإنترنت؟ التعاون قائم على أساس تبادل المعلومات، لأن مصر أيضا مهتمة بهذا الموضوع، خصوصا أن الإنترنت أصبح أحد أسلحة الإرهابيين، كما تتعدد جرائم الإنترنت. مصر ستكون ضيف الشرف لمعرض الصين والدول العربية الذى سيقام فى مقاطعة نينغشيا الصينية فى سبتمبر المقبل، فكيف تستعد مصر للمشاركة فى ذلك الحدث الكبير؟ هناك لجنة عليا مشكلة فى مصر من كل الوزارات المعنية، سواء كانت التجارة والصناعة أوالثقافة أوالسياحة أوالخارجية، وهذه اللجنة تتولى عملية الإعداد والتحضير للمعرض، وهناك لجنة مصغرة على مستوى السفارة والمكاتب الفنية هنا تتابع وتعقد اجتماعات وتتشاور مع الجانب الصينى وتقدم المقترحات والتفاصيل والمعلومات للجانب المصرى لوضع التصور النهائى للمشاركة.