اختبارات القبول تحولت لوسيلة لابتزاز أولياء الأمور المصروفات تفوق بمراحل ماتقدمه من خدمات تعليمية
أتم ابنى عامه الرابع، علمت أنه على أن أبحث عن مدرسة قبل بدء العام الدراسى ب 7 أشهر على الأقل، بل إن بعض المدارس تغلق أبواب التقديمات فى ديسمبر أى قبل العام الدراسى ب 9 أشهر، كنت شديدة التفاؤل، ظننت أنه على الانتقاء والاختيار من بين المدارس أحسنها، لكننى اكتشفت بالنهاية أن المدارس هى من تختارنا ولسنا نحن من نختارها، وأنه لا شيء يشفع لك، لا استعدادك لدفع المصروفات الكبيرة، ولاجتياز ابنك اختبارات الذكاء التى تخضعه لها المدارس، ولا اجتيازك أنت وأمه لكشف الهيئة التى تخضعكم له المدارس لتبدو لائقا اجتماعيا لتنضم لصفوف أولياء الأمور المتصارعين للفوز بمقعد شاغر لابنهم فى إحدى المدارس الخاصة .. هكذا قالت مروة إحدى أولياء الأمور الذين يجاهدون فى معركة للحصول على مقعد بمدرسة خاصة، بحثاً عن أمل فى تعليم أفضل. تروى مروة رحلة التقديم فى المدارس لطفلها الأول، فتقول ذهبنا الى إحدى المدارس للتقديم، فأخبرونا أنهم سيحددون موعدا لاختبار قبول للطفل ووالديه ، وكان علينا أن ندفع 1000 جنيها ،لإجراء الاختبار، فوافقنا ، لكننا عرفنا أن الاختبار سيجرى بعد شهرين من التقديم ، وبالتالى فإن موعد ظهور النتيجة سيكون بعد انتهاء فترة التقديم فى المدارس الأخري، وهو ما يعنى ضياع العام على الطفل فى حالة عدم القبول، فاضطررنا للتقديم فى مدرسة أخري، لعل وعسى تقبله إحداها، وفى موعد إجراء الاختبار فى المدرسة، يكون على الطفل أن يذهب مع المسئولة، لتختبره وتسأله عن النادى الرياضى المشترك به، والأكل الذى يحبه وتعده له »ماما« كل يوم، تتطلب منه تجميع أحد الأشكال أو الرسومات ثم تقوم بتفكيكها وتطلب منه ثانية إعادة حلها لتختبر ذكاءه وصبره، تسأله عن الألوان والأشكال والأرقام والحروف، عليه أن يعرف كل هذا قبل أن يدخل الحضانة، لا أعرف ماذا سيتعلم إذن فى الحضانة، لكننا كنا على علم بهذه الاختبارات من أصدقائنا الذين تقدموا لمدارس لأبنائهم من قبل، فعلمناه هذه الأشياء، وأجاب عن جميع الأسئلة والحمد لله، وأخبرتنا السيدة مديرة ال »كى جي« ووجهها متهلل أنها سترفع التقرير لمدير المدرسة، وستهاتفنا، لكن مرت أيام ولم يهاتفنا أحد ، فذهبنا لنسأل بعد أسبوعين فأخبرونا بعدم قبول الطفل دون إبداء أى أسباب. أما منى إحدى أولياء الأمور أيضا فتقول: بحثت بين عشرات المدارس الخاصة وتخيرت أقربهم لمنطقتنا السكنية ، وظننت أنها من أفضل المدارس الخاصة، وسعيت لإلحاق ابنى بها، أخبرونى بأن أضمن طريقة للفوز بمقعد فيها هى دخول الطفل »بيبى كلاس« لأن الدخول للعثور«كى جي« غالبا يكون محجوز للطلبة المنقولين من فصول «البيبى كلاس» وبالفعل قدمت طلبا لإلحاق إبنى بفصول «البيبى كلاس» برغم أن سنه يستطيع الالتحاق بال «كى جي»، وفوجئت بأن طلبة ال «بيبى كلاس» أيضا يخضعون لاختبارات قبول، وأن هناك أطفال يتم رفضهم بسبب قلة الأماكن ، فالمدرسة لديها فصلان للبيبى كلاس أو التمهيدي، فهى لن تقبل أكثر من 60 طالبا على الأكثر، وعرفت أن المقبولين غالبا يكونون من ذوى الحظوة، وحاولت التوسط لدى أحد ملاك المدرسة ، وأخبرنى البعض بأن الملاك ليست لهم علاقة بالإدارة، فيما طمأننى آخرون بأنهم توسطوا للإدارة والأمر على ما يرام ، لكننى بالنهاية تلقيت خبر عدم قبول الطفل بدون إبداء أسباب برغم إجابته عن جميع أسئلة إختبار القبول واستعدادنا لدفع مصاريف المدرسة التى وصلت إلى 15 ألف جنيه للطفل فى التمهيدي، وللأسف فشلت كل مساعينا للفوز بمقعد فى مدرسة نظنها جيدة، ولا نعرف لمن نشتكى أو نتظلم، أو ما هى الطريقة للحصول على مقعد فى مدرسة جيدة لإبنك ؟ بينما تقول رضوي: أعتبر أهم ما يمكننى تقديمه لابنى هو تلقينه تعليما جيدا، لا أريد أن أقدم له شقة يسكن فيها عندما يكبر ، ولا مالا أدخره لأجل زواجه ، ولا أى شيء سوى تعليمه ، حلمت أن أدخله مدرسة دولية ،لكننى فوجئت بأسعار بالدولار ، تصل قيمتها بالجنيه إلى 60 ألفا و120 الفا، فتراجعت عن الفكرة وبحثت عن مدرسة لغات جيدة، ووجدت أسعارا مناسبة رغم ارتفاعها، لكننى مقتنعة أن أفضل ما أقدمه لابنى هو التعليم، وقررت بدء رحلة عذاب التقديم فى المدارس ، وإجراء »الإنترفيو« أو المقابلة، والتى تتراوح قيمة تلك الخدمة ما بين 500 جنيه وألف جنيه وتكون مجانية فى بعض المدارس، لكنه عليك أن تجرى هذا الاختبار فى عدة مدارس لعلك تفوز بمقعد فى أحدهم، مضيفة أن الأمر لا يخضع إلى معايير محددة، فحتى هذه الاختبارات تبدو صورية، أو ربما تجارة رائجة، تستطيع المدارس تحصيل مبالغ ضخمة من ورائها، بينما يكون الأوفر حظا، هم من لهم إخوة فى ذات المدرسة، أما الطلبة الجدد فالأمر يبدو كمن يبحث عن طوق نجاة فى بحر شديد الأمواج، وفى النهاية قبلنا بمدرسة غير التى أردناها، لأنها هى التى يتوافر بها مكان شاغر، ونحن بالنهاية أمام سوق، قانونه العرض والطلب، والطلب زائد على معروض قليل من سلعة تعليم جيدة، وبالتالى فالمدارس تفعل ما يحلو لها، ترفع الأسعار ونقبل مضطرين والا فلنذهب للمدارس الحكومية.. وتستطرد رضوى: لقد بتنا تحت رحمة المدارس الخاصة، ولا شيء يشفع لنا لضمان الحصول على مقعد ،لا المصروفات الزائدة التى سندفعها ولا ذكاء أو اجتياز أولادنا لاختبارات القبول ولا أى شيء، لا أحد يعرف ما هى الشروط الحقيقية للفوز بمقعد فى مدرسة جيدة، أو تبدو أفضل حالا فقط من المدارس الأخري، رغم أن ما تقدمه من تعليم لا يستحق ما تتقاضاه من مصروفات دراسية.