بعد ارتفاعها.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الجمعة 31 مايو 2024    غدًا.. أول أيام تطبيق قرار زيادة سعر رغيف العيش (هتدفع كام في الحصة التموينية؟)    قتلى ومصابون في إطلاق للنار بمدينة مينيابوليس الأمريكية    وزير الدفاع الألمانى: زودنا أوكرانيا بربع منظومات "باتريوت" الموجودة لدينا    بعد حكم المحكمة.. هل يتم منع حسين الشحات من ممارسة كرة القدم 5 سنوات؟    اعرف موعد أول ذي الحجة 1445 ووقفة عرفة وإجازة عيد الأضحى    وزير التعليم لبعض طلاب الثانوية: لا تراهن على التأخير.. هنفتشك يعني هنفتشك    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي لمنزل عائلة "الصوص" بمخيم البريج إلى 7 شهداء    مزارع سمكية في الصحراء وتجمعات البدو يتماشى مع رؤية مصر 2030    محمد شحاتة يفجرها: عبدالله السعيد تجاهل رسائلي    صلاح يكشف التشكيل المثالي لمنتخب مصر أمام بوركينا فاسو    لماذا بكى محمد شحاتة على الهواء.. أبوه السبب    الأوقاف تفتتح 10 مساجد.. اليوم الجمعة    الحكومة: الدولة ستظل تدعم محدودي الدخل    نتيجة الشهادة الإعدادية.. اعرف نتيجتك بسرعة.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي بالإسماعيلية    الأرصاد: اليوم طقس حار نهارًا معتدل ليلًا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 34    وزير التعليم لأولياء أمور طلاب الثانوية: ادعو لأبنائكم من البيت.. مش لازم تكونوا جنب اللجنة    خالد عبد الجليل ينعي والدة وزيرة الثقافة    شاهد.. الفيديو الأول ل تحضيرات ياسمين رئيس قبل زفافها    الأنامل الصغيرة بمكتبة مصر العامة على مسرح الهناجر ضمن فعاليات مهرجان الطبول    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشف هبة أحمد.. طريقة عمل «السينابون»    يورجن كلوب يكشف حقيقة اعتزاله التدريب عقب رحيله عن ليفربول    الداخلية تكشف حقيقة زيادة رسوم استخراج رخصة القيادة    أوكا يشعل حفل زفاف يوسف أسامة نبيه (صور)    قبل حلول عيد الأضحى.. ندوات في المنيا عن أهمية ذبح الأضاحي داخل المجزر    وسائل إعلام تابعة للحوثيين: قتيلان و10 جرحى في العدوان الأميركي البريطاني على محافظة الحديدة    عمر خيرت يهدي محبيه حفلاً موسيقياً مجانياً احتفالاً بمرور 40 عاماً على مسيرته    ملف رياضة مصراوي.. حكم ضد نجم الأهلي.. إيقاف لاعب بيراميدز.. وقائمة ريال مدريد    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادا لمواجهة بوركينا فاسو 6 يونيو    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 31 مايو في محافظات مصر    «مسار إجباري» يشعل حفل المتحف الكبير    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    الإفتاء توضح مرحلة انتهاء كفالة اليتيم    حج 2024| تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين.. الإفتاء تجيب    عيار 21 بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب والسبائك اليوم الجمعة 31 مايو بالصاغة    بوليتيكو: بايدن وافق سراً على استخدام كييف للأسلحة الأمريكية    «الحرمان من الامتحان و7 سنين حبس».. وزير التعليم يحذر من الغش في الثانوية العامة    انطلاق مهرجان روتردام للسينما العربية بحضور بشرى وهشام ماجد وباسل الخطيب.. تكريم دريد لحام.. المهرجان يوجه التحية للقضية الفلسطينية.. وروش عبد الفتاح مدير المهرجان: نبنى جسرا بين السينما العربية وهولندا.. صور    ضبط مصنع أعلاف بدون ترخيص بمركز القنطرة غرب بالإسماعيلية    رفسة حصان تتسبب في كسر جمجمة طفل في الدقهلية    «ناتو» يرحب بالشركات العميقة مع الدول في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ    «الإفتاء» توضح فضائل الحج.. ثوابه كالجهاد في سبيل الله    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    كيف يمكن للكواكب أن تساعدك على اختيار المسار المهني المناسب لك؟    شاهندة عبدالرحيم تهنئ الإعلامية آية عبدالرحمن بحصولها على الماجستير في الإعلام التربوي    بالصور.. إنهاء خصومة ثأرية بالمنيا بتقديم 2 مليون جنيه شرط جزائي    فردوس عبد الحميد : الفن ليس له علاقة بالإغراء أو الأعمال الشهوانية (فيديو)    في اليوم العالمي للتدخين.. لماذا ينجذب الشباب لأجهزة التبغ المسخن؟    لمدة تتخطى العام ونصف.. طريقة حفظ الثوم في الفريزر والثلاجة    الصحة والحيوية.. فوائد تناول زيت الزيتون «على الريق»    أخبار × 24 ساعة.. وزير التعليم: تطوير مناهج الثانوية العامة خلال عامين    وزير المالية: 60% تراجعا بإيرادات قناة السويس.. وعلينا مسئولية أمام الله والمواطن    حدث بالفن| حفل زفاف ياسمين رئيس وفنانة تنتقد منى زكي وبكاء نجمة بسبب والدها    إبسويتش تاون يربط مدرب سام مرسى بعقد جديد لمدة 4 مواسم    بعد جدل سرقة سيف تمثاله.. كيف ألهمت تجربة سيمون زعماء التحرر من الاستعمار؟    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن موعد الامتحان الإلكتروني للمتقدمين ب3 مسابقات للتوظيف    مديرية العمل بالمنيا تناقش اشتراطات السلامة والصحة المهنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين» (175)
التأويل والرشدية العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 04 - 2017

أظن أن قضية التأويل التى جاءت عنواناً للمؤتمر الدولى الرابع الذى عقده قسم الفلسفة بآداب القاهرة فى هذا الشهر هى القضية المحورية فى هذا الزمان.
وأظن أيضاً أن الدعوة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى لمواجهة الارهاب الأصولى الاسلامى تتسق مع قضية ذلك المؤتمر لأن التجديد يستلزم بالضرورة مجاوزة التقليد لأن التقليد يستلزم عدم الاختلاف.
والسؤال اذن: ما التأويل؟ التأويل، فى الشرع، له علاقة بالمُحكم والمتشابه. المحكم ما أُحكم المراد بظاهره، والمتشابه ما لم يُحكم المراد بظاهره، بل يحتاج إلى قرينة، والقرينة نعرف بها المراد بالمتشابه، ونحمله على الحكم وبذلك يبقى التأويل بيانياً، أى خالياً من المجاز. الغاية إذن من التفرقة بين المحكم والمتشابه منع التأويل، ومن ثم ينحصر التأويل فى البيان، وينحصر البيان فى التفسير، أى التوضيح. وفى هذا المعنى يقول أبو البقاء فى كلياته " التفسير والتأويل واحد".
ولكن مع تطور الزمن بدأ التمييز بين التفسير والتأويل فانصرف التأويل إلى المعانى المحتملة التى يحتاج فى قصد واحد منها إلى ترجيح بأمارات ودلائل أكثر من معنى الألفاظ اللغوية، أما التفسير فقد انصرف إلى شرح الألفاظ شرحاً لغوياً يؤدى إلى المعنى الظاهر من النص. وفى هذا المعنى يرى الجرجانى أن التفسير فى الشرع هو توضيح السبب الذى نزلت فيه الآية بلفظ يدل عليه دلالة ظاهرة، أما التأويل فهو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذى يراه موافقاً للكتاب والسُنة مثل قوله تعالى " يٌخرج الحىَ من الميت". إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيراً، وإن أراد به إخراج المؤمن من الكافر أو العالِم أو الجاهل كان تأويلاً.
والسؤال إذن: ما مغزى رأى الجورجانى فى التأويل؟ مغزاه أن التأويل يشترط تجاوز ظاهر اللفظ. وإذا كان هذا الظاهر مرتبطاً بالحس فتجاوزه يعنى تجاوز الحس إلى العقل، إلا أن هذه المجاوزة تنطوى على مخاطرة لأن العقل، فى هذه الحالة، يكون معرضاً للخطأ. وأظن أن الغزالى هو أول مَنْ فطن إلى هذه المخاطرة عندما قال " بين المعقول والمنقول تصادم فى أول النظر وظاهر الفكر. والخائضون فيه تحزبوا إلى مفرط بتجريد النظر إلى المنقول، وإلى مفرط بتجريد النظر إلى المعقول، وإلى متوسط طمع فى الجمع والتلفيق".
والغزالى ينحاز إلى هذا المتوسط فى مفهوم التأويل، ولكنه مع ذلك يحذر من تناوله لأنه إما أنه تأويل بعيد عن الفهم، وإما أنه تأويل لا يُتبين فيه وجه التأويل، وبالتالى فإنه يحذر من الاستعانة به لأنه، فى النهاية، تخمين وظن. واللافت للانتباه أن الغزالى فى البداية كان يبحث عن قانون للتأويل، ولكنه فى النهاية تراجع عن هذا البحث، ومن ثم بقى التأويل بلا قانون.
أما ابن رشد فقد ارتأى أن تراجع الغزالى عن صياغة قانون للتأويل مردود إلى أنه كان ملتزماً بالاجماع، أى أنه كان ملتزماً بالمنقول دون المعقول. ولاأدل على ذلك من تكفيره فلاسفة المسلمين مثل الفارابى وابن سينا لأنهم تأثروا بالفلسفة اليونانية الوثنية المتمثلة فى سقراط وأفلاطون وأرسطو. وفى هذا السياق كان ابن رشد على نقيض الغزالى إذ كان يدعو إلى أن نضرب بأيدينا إلى كتب القدماء من فلاسفة اليونان وننظر فيما قالوه فإن كان كله صواباً قبلناه منهم، وإن كان فيه ما ليس بصواب نبهنا عليه. ومعنى هذه العبارة أن التكفير ليس وارداً فى ذهن ابن رشد، وبالتالى يمكن الأخذ بالتأويل، إلا أن ابن رشد يضيف قائلاً بأن التأويل يستلزم خرق الاجماع حيث يقول فى كتابه " فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال" لا يُقطع بكفر مَنْ خرق الاجماع فى التأويل. التأويل اذن مشروع وتعريفه عنده هو على النحو الآتى:" هو اخراج دلالة اللفظ من دلالته الحقيقية ( أى الحسية) إلى دلالته المجازية". وبعد ذلك يفصًل رأيه فى مفهوم التأويل فيقول " فإن أدى النظر البرهانى إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما فلا يخلو ذلك الموجود أن يكون قد سكت عنه الشرع أو نطق به. فإن كان مما سكت عنه فلا تعارض هناك وهو بمنزلة ما سُكت عنه من الأحكام فاستنبطها الفقيه بالقياس الشرعى. وإن كانت الشريعة نطقت به فلا يخلو ظاهر النطق أن يكون موافقاً فلا قول هناك، وإن كان مخالفاً طُلب إليه تأويله. ومعنى ذلك أن الشريعة نوعان: الشريعة على ظاهرها والشريعة على باطنها. أما الحكمة فهى نوع واحد، ومن ثم يمكن القول بأن الحكمة هى الشريعة مؤولة. ومعنى ذلك أن كلا منهما حق. وإذا وُجد تأويل لا يساير هذا المعنى فهو تأويل فاسد. وابن رشد يعنى بالتأويل الفاسد تأويل المتكلمين مثل الأشعرية والمعتزلة، وهو علة البدع، والبدع علة انفصال الحكمة عن الشريعة. وإذا كان ذلك كذلك فإن الاتصال بين الحكمة والشريعة يستلزم إلغاء علم الكلام.
ومع تحويل فكر ابن رشد إلى تيار رشدى تكون النتيجة الحتمية انفتاح التيار الرشدى على الرشدية اللاتينية من أجل إجراء حوار بينهما لبيان المشترك، ومن ثم تتحالف الرشدية العربية مع الرشدية اللاتينية فى مواجهة الأصوليات الدينية التى شاعت فى هذا القرن والتى تتوهم كل منها أنها مالكة للحقيقة المطلقة. ومن شأن هذا الوهم اندفاع هذه الأصوليات إلى تكفير مَنْ يخالفها وإلى قتله إذا عاند. وما يقال عنه ارهاب إن هو إلا محصلة التكفير مع القتل. وبناء عليه فإذا أردنا التخلص من الارهاب يكون من اللازم علينا الدعوة إلى تأسيس هذا التحالف المكون من الرشدية العربية والرشدية اللاتينية.
لمزيد من مقالات ◀د. مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.