ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الأحد 2 يونيو    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس شعبة المخابز يتحدث عن تطبيق قرار الخبز    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    الصحة العالمية تُحذر من أزمة صحية جديدة: الجائحة التالية مسألة وقت    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    وسام أبو علي: كهربا يوجهني دائمًا    خلال ساعات.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الفيوم    مصرع سيدة وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    339 طالبًا بالثانوية الأزهرية بشمال سيناء يؤدون امتحاني الفقه والإنشاء    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    عاجل.. هذه الدولة العربية هي الوحيدة التي تحتفل بعيد الأضحى يوم الإثنين.. تعرف عليها    عبير صبري: وثائقي «أم الدنيا» ممتع ومليء بالتفاصيل الساحرة    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن الواو.. لُعبة الصعيد القولية
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 04 - 2017

الواو مٓوْلود حدانٓا وحْدانا عٓمُّه وخالُه ولا حٓدّ يِحْدى حِدانا ولا غِيرنا فى القول خالُوا
------
لا تْقُول لى كانى ومانِى
دا الواو أصله جنوبى
ليه قُول يُومُه بْيومانِى
جا قْناوى ولّا جا نُوبِى
...................................................اشتهر أهل الصعيد بفن الواو فى مجالسهم ونواديهم، ولقد حفظ لنا التاريخ أسماء قوّالين وحٓفٓٓظة لهذا الفن التراثى العريق، برعوا فى قول هذا الفن وحفظه، أمثال الشيخ على النابي وزوجته، والشيخ أحمد القوصي، والشيخ حسن القفطي، والشيخ حسين زوط، والشيخ حسن الفرشوطي، والشيخ عبد الله لهلبها الإسناوي، ومحمد عبدالواحد، وأبو كراع، والشيخ السقلّي، والشيخ حسين الحكيم، وآخرين.
يقول على النابي لزوجته حينما اشتد عليه المرض وطالت رقْدتُه فى الفراش :
إن كان رقٓادى تٓعٓبْكِي
وسْراج النّٓيٓا بات قا يِد
ها تِى حبابك تَعٓا ابْكي
على طٓريح الوسٓايد
فتردّ عليه زوجته:
والله الرّقاد ما تٓعَبِْني
يا بُٓو الْعِمِيمٓة النّضيفٓة
أنا بَا هِدّ وابْنِي
ولْدٓك ماهُوّاش خٓليفٓة
تقصد (ماهوّاش خليفة فى قول الواو).. فقد كانت هى «قوّالة» مثل زوجها. وإلى هذا الحدّ عزّ عليها ألاَّ يحسن ابنهما هذا الفن فباحت بهمها، وزوجها على فراش الموت، لأن المقام ليس مناسبا لهذا، بل كان لمواساة زوجها فى محنة مرضه، لكنها لشدِّة حبها لهذا الفن، باحت بمكنون صدرها.
ويقول عبد الله لهلبها الإسناوى:
يلِّلي هٓواكِي هوّسنا
ما نٓفٓعْنٓا طبّا وْحٓجٓايِب
فكر علِينٓا هٓوى اسْنا
وساكِنات الحٓجٓايِب
و«الواو» فن شعري شعبي، نشأ وترعرع وانتشر فى صعيد مصر فى فترة سابقة، وهو فن قول غير مدوّن (فن شفاهي انتقل إلينا بواسطة من أحبوه، وحفظوه فى صدورهم.. ومبتدعو هذا الفن هم أناس. أمّيون. لا يعلمون شيئا عن القراءة والكتابة، وفن الواو هو شعر مقطوعي، يخالف القصيدة التقليدية فى التكوين، أى عبارة عن مقطوعات قصيرة، وكل مقطوعة تتكوّن من بيتين شعريين فقط، أى من أربع شطرات (وهذا هو سبب اندراج فن الواو تحت مظلة نظام التربيع الواسع)، وتسمى هذه المقطوعة «قُولٓة»، وكل قولة تؤدى معنىً. متكاملا، ولذلك تعتبر كل قولة مستقلة ولا تحتاج
للقولة السابقة عليها ولا القولة التالية لها، وقد استقل هذا الفن الشعرى بأحد البحور الشعرية الخليلية - نسبة إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب دوائر بحور الشعر العربي- أى ببحر شعرى خاص به، وهو «البحر المجتث»، الذى منه قول «ابن عروس»:
لا بِد مِن يُوم مٓعْلوم
تتْرد فيه المِٓظاِم
أبْيٓض علي كُلّ مٓظْلُوم
أسْودْ علي كُٓلّ ظاِم
والوحدات الموسيقية التى يتكون منها هذا البحر الشعري والتي يسمونها في عِلْم العٓروض- التفعيلات الشعرية(هي مُستٓفْعِلُن فاعِلاتُن) فى كل شطرة من البيت الشعري، ويُقصٓد بها تتالى الحركة والسكون فى القول، وهذه المربعات وعاء للحكمة، وتلخيص لمعان كبيرة ذات طابع فلسفي فى الموروث، وكانت أبرز الأغراض الشعرية لهذا الفن هى الشكوى من الزمان، وغدر الخلّان، وبعض الغزليات، وكانت هذه الحِكٓم تتردد على ألسنة البسطاء، الذين حفظوا لنا هذا الفن التراثي دون وجود وسائل حفظ – مثل الآن - سوى الصدور والذاكرة الشعبية المتفوقة، وكما نرى، فإن اللغة - هنا - بسيطة وعميقة وتوحى بالسهولة، مما يُطمع فيها -الآن- غير الموهوبين.. فلغة «فن الواو» تحتاج إلى وعى كبير بالفن القولي.. خصوصاً وسط جمهور تربّى على جماليات هذا الفن، وتدرّب على طرائقه.. فبالرغم من وضوح المعانى التى تتضمنها هذه الأشعار، فقد استمدّت - تلك الأشعار - جاذبيتها، ومقوّمات خلودها من صياغتها الشعرية، ذات الأسلوب الأخّاذ صياغة وألفاظا وتراكيب، إذ من الثابت أن أهل «الصعيد الجُوّاني يتحاورون بلغة شاعرة بطبعها، وتعبيراتهم تكون - فى الغالب - محمّلة بأبعد من ألفاظها. انظر إلى قولهم :
مالُه الهوى زاد وسْمِي
مِن يُوم بعادْهُم بٓدالِى
سٓمّت ولٓدْهٓا عٓلى اسْمِى
خايِفْ تحِبُّه بٓدالِٓى
وانظر إلى قولهم :
خايِف أقُٓول لُه يقُول لٓهْ
والقلْب مرْعُوب وخٓايِف
أبقِى قُولِيلُه يا قُٓلّة
حِين تِوْردى ع الٓشّفايِف
هذا ما يقوله - على السليقة - الرجل الأميِّ، ولا يخفى علينا ورود هذه القوافي المحلّاة بالجناسات التامة، حيث أصبحت القوافي ليست حرفا واحداً، بل كلمتين تُنطقان بنفس الكيفية وتختلفان فى المعنى، مثلما ورد فى المربع الأول - على سبيل المثال - (بدالى) الأولى، أى «بدا لى»، بمعنى ظهر لى وبان، و(بدالى) الثانية بمعنى «بدلاً منى» وكذلك ما ورد فى المربع الثاني، عبارة « يقول لٓهْ) بمعنى «يرد. بقوله «لا» وهى دلالة رفضه لما قال له، وكلمة «يا قُلّة» هو «نداء للقلة» ومناطق الجمال هنا مثيرة، ومنها حذف ما هو معلوم - كما يقول البلاغيون، فى جملة (خايف أقول له يقول له)، التى تعني (خايف أقول له «بتحبّني» ؟ يرد يقول لي «لا».. لا أحبك)، ومنطقة الجمال الثانية تمثلت فى «أنسنة القلة» ومخاطبتها فى استخدام أسلوب النداء (يا قلة).. أما الصورة الشعرية المبهرة فتتمثل فى عبارة) حين توردى ع الشفايف) إذ المفروض هو أن الشفايف هى التى ترد على القلة لتشرب منها، أما وأن القلة - هنا - هى التى ترد على الشفايف فكأن القلة هى العطشانة والشفايف هى الماء الذى يروى العطشان .!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.