كفاية تنازلات.. عبارة قالها أحد المواطنين الواقفين عند المنصة تعبر بحق عما يدور في أذهان الكثيرين, والتي تترجم حاليا بهجمات شرسة علي رئيس انتخبه الشعب ولم نختبره بعد, وزوجته التي لم نر منها غير وجه مصري أصيل الملامح. الهجمات ليست فقط من بعض المظاهرات هنا وهناك, بل علي مواقع الانترنت وحوارات الفيس بوك, وتلك الدائرة في الجلسات الخاصة بالنوادي, وكلها تعكس نبرة من التعالي لا أجد لها ما يبررها سوي تواضع الرجل نتيجة لنشأته الدينية, فهناك من يعيب عليه أنه ساكن لإحدي المحافظات وليس قاهريا, كما لو كانت هذه سبة أونقيصة وكما لو كان رؤساؤنا السابقون جاءوا من القاهرة وليسوا من الصعيد أو المنوفية, ونسوا أو تناسوا أنه أستاذ جامعي تخرج في واحدة من أعرق جامعات مصر وهي جامعة القاهرة, وحصل علي الدكتوراة من أهم الجامعات الأمريكية. وهي جامعة كاليفورنيا وقام بالتدريس فيها. وآخرون يرون أنه لا يرتدي الملابس المناسبة كرئيس لجمهورية مصر العربية, وكأننا لم نعان من أشيك رجل في العالم تارة, ومن الرئيس المخلوع الذي ارتدي بدلا نسج قماشها باسمه تارة أخري, فكنا أضحوكة العالم.. شعب يبحث بعضه عن طعامه وسط القمامة, ورئيسه ينعم بما لم ينعم به رؤساء أكبر دول العالم وأغناها!!.. ملابس رؤسائنا السابقين ال سينييه لم تكسب أبناء المصريين في الخارج الكرامة والعزة, بل جعلتهم مهانين في بلاد الغربة يعايرون بأنهم لو كانوا يعيشون حياة كريمة في بلادهم ما كانوا ليتركوها للعمل في ظروف قاسية لمجرد الحصول علي لقمة العيش, وما كان شبابها ليحاول الهجرة للدول الأوروبية بصورة شرعية وغير شرعية حتي لو كان الثمن حياته, وما كان المصري ليتحول إلي مادة ثرية لمسلسلات التليفزيون والأفلام التي كشفت عورات فقره ومعاناته. أما السيدة حرم رئيس جمهوريتنا الحالي فلم تسلم هي الأخري من الأذي علي لسان من يتصورون أنفسهم كريمة المجتمع.. فالسيدة نجلاء لم نرها رؤي العين ولم تظهر مع زوجها حتي الآن ولم نشاهد لها سوي صورة واحدة تظهر فيها ملامح وجهها المصري الهادئ, مرتدية خمارا مثلها مثل كثيرات ممن حولنا من نساء مصر.. فهل العيب في الخمار؟! ألا يليق بزوجة رئيس الجمهورية؟!.. من نحن لنصدر مثل هذه الأحكام, خاصة إذا كنا ندافع عن حرية المرأة في ارتداء ما تراه مناسبا لها حتي إن لم يكن مناسبا لتقاليدنا من منطلق أنها الحرية الشخصية.. فكيف لنا أن ننتقد من تختار ستر جسدها انطلاقا أيضا من ثقافتها ومعتقداتها الشخصية؟!. ويكفي أن نعرف أن صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية رصدت أن السيدة نجلاء باتت مادة للنقاش المليء بالحقد علي مواقع الانترنت والصحف, بينما يري فيها معظم المصريين صورة أمهاتهم وأخواتهم.. هذا ما وصف به نقاش المصريين..الحقد.. فلماذا؟.. هل أصبحنا نتعالي علي الآخرين دون وجه حق لأنهم لم يبادروا بالتعالي علينا ثم نقول إننا لا نريد فرعونا؟!!