تلعب الحالة النفسية للإنسان دورا أساسيا في حدوث الألم الذي يصيب مختلف أعضاء وأجهزة الجسم. كان ذلك هو المحور الأساسي للندوة التي عقدتها نوادي «علوم الأهرام». حيث أوضحت خلالها د. همت علام أستاذ التخدير وعلاج الألم بالمركز القومي للبحوث، أن الألم وفقا لتعريف المنظمة العالمية لدراسة الألم هو إحساس سيئ يمر به الشخص خلال فترة من حياته ويكون بسبب خلل معين في أحد الأعضاء أو نتيجة لإصابة في عصب ما. مشيرة إلى أن هذا الألم إما عضويا أو له علاقة بالحالة النفسية وتضيف أن للألم العضوي صورتين الأولي حادة وغالبا ما تنتهي بتناول الأدوية أما الثانية فهي المزمنة، وتشير الإحصائيات العالمية إلي أن النسبة الأكبر للآلام المزمنة توجد لدي السيدات بواقع 45% بينما تبلغ في الرجال 30%، وعلي رأسها آلام الظهر ثم الرقبة والأكتاف ثم الصداع بأنواعه. وأكدت أن الجهاز العصبي للإنسان هو الذي يسيطر علي الشعور بالألم، ويتكون من الجهازين السمبثاوي والباراسمبثاوي، حيث يعمل الجهاز الباراسمبثاوي في أوقات الاسترخاء بينما يعمل الجهاز السمبثاوي في أوقات التوتر والضغوط. وأكدت أن التوازن بين عمل الجهازين السمبثاوي والباراسمبثاوي ضروري للمحافظة علي توازن الجسم لأن استمرار عمل الجهاز السمبثاوي لفترات طويلة يزيد التوتر بسبب الهرمونات الزائدة التي يفرزها الجسم، ويصاحب ذلك زيادة في ضخ الدم وضربات القلب مما يسبب الجلطات والذبحات الصدرية كما تنخفض مناعة الجسم. وعن طرق العلاج تقول د. همت إن هناك آليات غير دوائية للتعامل مع هذه الآلام وهو ما يعرف بالطب التكاملي، وهو الذي يدرج كل الآليات المطلوبة للعلاج سواء دوائية أو شرقية أو غربية لتحقيق رفاهية المريض. وقد أدرجت منظمة الصحة العالمية هذا النوع من الطب ضمن الطب الغربي الممارس في جميع المستشفيات. ووضعت المنظمة شروطا لهذا النوع من العلاج علي رأسها الأمان التام للمرضي. وأوضحت أن هيئة الصحة الأمريكية وهي هيئة معنية بالممارسات التكميلية قسمت هذه العلاجات إلي عدة أنواع منها الطب البديل الذي يضم الطب الشعبي كالموجود في الهند والطب المصري القديم (الفرعوني) الذي أخذ منه الرومان واليونانيون مبادئ الطب. ومن هذه العلاجات التكميلية تلك التي تعتمد علي الطاقة مثل الإبر الصينية وفلسفتها أن الطاقة تسري في جسم الإنسان في مسارات ونقاط محددة وعندما تقف هذه المسارات يحدث الألم لذا يقومون باستثارة هذه النقاط لإعادة سريان الطاقة بشكل طبيعي. وقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية الإبر الصينية كآلية من آليات الطب المستخدمة في علاج الآلام المزمنة. وقامت ألمانيا بإدماج الإبر الصينية في نظام التأمين الصحي الخاص بهم بعد أن وجدوا تأثيرها الفعال في علاج آلام الظهرالتي تصيب شريحة كبيرة من الفئات المنتجة في المجتمع الألماني. وأوصت د. همت الأطباء بضرورة مصارحة المرضي بحالتهم لأن ذلك يساعد في تقليل آلامهم وسرعة شفائهم. من جانبها أوضحت د. هبة عيسوي أستاذ الطب النفسي بطب عين شمس أن الألم النفسي المنشأ هي التسمية الصحيحة لهذا النوع من الألم، الذي تكون مدته طويلة وشديدة فهو يستمر لأكثر من ستة أشهر ولا يتحسن بتناول المسكنات، وأكدت أن هذا الألم حقيقي وليس وهميا أو يتصنعه المريض. وتتعدد أسباب الألم النفسي فقد يصيب بعض المراهقين نتيجة رغبات جنسية وشعور بوخز الضمير، وقد يكون بسبب فقدان شخص عزيز وخاصة فقدان الأم خلال المراحل العمرية الأولي للطفل، أو يكون بسبب عدم القدرة علي التعبير باللفظ عن ضغوط الحياة وبخاصة الزوجية. وأشارت د. هبة إلي أن الآلام النفسية تختلف عن العضوية في عدة أمور، منها أنها لاتوقظ المريض من نومه. وتزداد تلك الآلام في فصل الشتاء، ومن الأعراض المصاحبة لها ما يعرف ب « الاكتئاب المقنّع « الذي يصيب الشخص بأفكار سوداوية ويميل معه للتشاؤم وعدم الرضا وقلة الحيلة مع شعور دائم بالذنب وفقدان للحيوية وتقوقع علي الذات. وتنصح د.هبة بالتعاطف مع مرضي الألم النفسي وعدم الدخول معهم في مناقشات جدلية وتدعيم كفاءتهم الذاتية والصبر عليهم بسبب مقاومتهم الشديدة للعلاج.