تقف رواية «رئيس التحرير» للكاتب الشاعر أحمد فضل شبلول بين تخوم الرواية والسيرة الذاتية، مع التقاطعات العديدة بين الجانب الواقعى الذى يتعلق بالكاتب والجزء التخيلى الوارد فى الرواية. يقف القارئ الذى يجهل عالم الصحافة مكتشفا دهاليزها، بما سيقرأه من معلومات مجهولة بالنسبة له؛ أما أهل هذه المهنة ومن عرف خباياها، فربما يشاركون المؤلف فى تحليل بعض المواقف والأحداث، خاصة أن النص يعود بالزمن إلى سنوات السبعينيات فى مصر، تحديدا أيام حكم الرئيس السادات، وصولا إلى أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011. اختار الكاتب ضمير «الأنا» ليسرد من خلاله أحداث الرواية، عبر شخصية يوسف عبدالعزيز، وبتقنية «الفلاش باك» السينمائية, يعود الراوى بذاكرته إلى علاقته الأولى مع الصحافة التى بدأت من حب المهنة ورغبة الكتابة، ثم إلى سنوات الدراسة لينوه من خلال تلك الذكريات عن صراعات اليسار والإخوان فى الجامعة، ومحاولات الجذب التى تعرض لها من كليهما، لكنه يختار إبطال صوته فى الانتخابات الجامعية، وفى هذا الاختيار أيضا ثمة إعلان لموقف ما. اختار الكاتب لغة سردية مباشرة رشيقة ومكثفة للرواية تتناسب مع موضوعها الرئيسي، كما تناسب القارئ العادى غير المطلع على خبايا الصحافة، مبتعدا عن اللغة الشعرية التى اعتادها ، إلا فى بعض الفقرات التى يورد فيها مقاطعَ من بعض القصائد. والرواية، إضافة لما فيها من اشتباك أجواء الصحافة وصراعاتها والتنافس بين أبناء المهنة الذى يصل حد العداء والحروب الصامتة، تُعتبر مرآة كاشفة للادعاءات والعلل النفسية والتشوهات المؤذية فى الأوساط الثقافية؛ هذا بالتوازى مع كشف علاقات الغربة بوجوهها وطبقاتها الكثيرة، حيث لا يشترط من أبناء الهوية الواحدة أن يكونوا أكثر تعاونا ومحبة لبعضهم البعض، بل على العكس يكشف الكاتب كيف أنه من الممكن لأهل البلد الواحد أن يتسببوا لبعضهم بالأذى نتيجة حقد أو غيرة مهنية. د. لنا عبدالرحمن ناقدة وروائية