تتسم الدبلوماسية الالمانية تقليديا بالحذر الشديد والنشاط الدءوب ولكن خلف الأبواب المغلقة وليس في وسائل الإعلام خاصة إذا ما تعلق الامر بالشرق الأوسط الذي ترتبط فيه المانيا بعلاقات وثيقة بالدول العربية وعلاقات تاريخية اوثق بإسرائيل. ومقارنة بالاهتمام الإعلامي والتحليلات التي تملأ الصحف والدوريات الألمانية حول مستقبل مصر وخاصة في ضوء فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة والعلاقات المتشابكة بالمجلس العسكري, يلتزم المسئولون الالمان الصمت ويفضلون إجراء اتصالاتهم بالقوي المختلفة بعيدا عن فضول الصحفيين. علي رغم ذلك وافق وزير الخارجية الالماني جيدو فيسترفيله علي إجراء هذا الحوار مع الأهرام وإن كانت ردوده قد اتسمت بالكثير من الدبلوماسية وفيما يلي نص الحوار: كيف استقبلت خبر فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر؟ لقد سرني أن انتخابات الرئاسة المصرية سارت بصورة سلمية ودون أي مخالفات واضحة, هذه خطوة كبيرة للتحول الديموقراطي في مصر. وقد هنأت الدكتور محمد مرسي علي فوزه بعد إعلان النتيجة يوم الأحد مباشرة وأود ان أغتنم هذه المناسبة لأكرر تهنئتي له. لقد أكدت مرة في حديث صحفي أن المانيا لديها اتصالات منذ فترة مع الإخوان المسلمين وإن كانت علي مستوي منخفض فهل يعني ذلك أن المانيا كانت مستعدة للحظة وصول الإخوان إلي سدة الحكم في مصر؟ وما هي تأثيرات فوز مرشح الإخوان المسلمين علي العلاقات الألمانية المصرية في المستقبل؟ لمانيا تحافظ علي علاقات وثيقة مع اهم القوي الإجتماعية والسياسية في الدول الشريكة لها ومن بين هذه القوي ايضا القوي ذات التوجهات الإسلامية. ومصر باعتبارها اكبر دولة عربية ودولة جوار مباشر لأوروبا هي شريك مهم للغاية, سياسيا واقتصاديا واخيرا وليس آخرا ثقافيا. وأنا واثق بأننا سنتعاون بشكل جيد مع محمد مرسي لأنه أعلن بوضوح بعد إعلان النتيجة مباشرة أنه يريد أن يكون رئيسا لكل المصريين وأنه سيعمل علي توفير الامن الداخلي والخارجي لمصر وهذا ما نبني عليه في علاقتنا. الرئيس الجديد ربما يريد تطوير العلاقات مع إيران فهل تشعر برلين بالقلق من احتمال حدوث تعاون وثيق بين مصر وإيران في المستقبل؟ الرئيس المقبل قال إنه يرغب في الالتزام بتحقيق السلام في المنطقة وانا أرحب بهذا الالتزام بالسلام وادعمه. غالبية الشعب المصري سوف تؤيد اي خطوة لمراجعة معاهدة السلام مع إسرائيل وليس إلغائها- نظرا للانتقادات التي يوجهها الشارع المصري لسياسة خنق قطاع غزة وسياسة الاستيطان التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.. فهل تشارك الإسرائيليين قلقهم في هذا الإطار؟ معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل هي عامل مهم للإستقرار الإقليمي ولا يجب التشكيك فيها, وقد أكد المسئولون السياسيون علي الجانبين بمن فيهم الرئيس مرسي, خلال الأسابيع والشهور الماضية مرارا التزامهم باحترام معاهدة السلام وغيرها من الاتفاقيات الدولية. كذلك اكد الرئيس الجديد محمد مرسي ذلك خلال لقائي به في بداية العام الحالي. بالنظر للتغيرات التي تشهدها مصر والمنطقة بأكملها هل يمكن أن ننتظر من الحكومة الالمانية أن تمارس تأثيرا أكبر علي إسرائيل لكي يتم استئناف عملية السلام؟ لا يمكن تحقيق سلام دائم وعادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلا عن طريق المفاوضات لذلك فإن ألمانيا تعمل بقوة من اجل تحقيق حل حقيقي قائم علي دولتين. عندئذ فقط يمكن استيفاء المطالب المشروعة لإسرائيل بضمان وجودها والمطالب المشروعة للفلسطينيين من اجل إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. ونحن نتوقع من الطرفين العودة في اسرع وقت إلي مائدة المفاوضات وان يمتنعا عن كل ما يهدد الحل القائم علي دولتين. إذا كانت ألمانيا ودول أوروبية كثيرة تعترف الآن بالإخوان المسلمين كقوة سياسية مهيمنة في مصر ألن يكون من الصعب مستقبلا استبعاد حركة حماس في قطاع غزة التي تربطها علاقات وثيقة بالإخوان المسلمين؟ لقد دعا الاتحاد الأوروبي مرارا لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية تحت قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما صاغ الاتحاد الأوروبي توقعات محددة لاي حكومة فلسطينية إنتقالية تتمثل في احترام مبدأ التخلي عن العنف واحترام الالتزامات القائمة لمنظمة التحرير الفلسطينية والإعتراف بحق إسرائيل في الوجود. بعض المحللين يتحدثون عن بوادر تكرار نموذج التركي في مصر نظرا للصلاحيات الواسعة للمجلس العسكري, ما رأيك؟ توقعاتنا تتمثل في ان تستمر عملية نقل السلطة بالكامل لأياد مدنية بمسئولية وبما يحقق مصلحة الشعب المصري. تواجه مصر تحت قيادة الرئيس محمد مرسي تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة فهل ستستمر المانيا في دعمها لمصر- ايضا اقتصاديا- ام أن الدعم الالماني سيتم ربطه في المستقبل بشروط سياسية؟ مصر يمكنها ان تعول بقوة في طريقها الصعب نحو الديمقراطية علي دعم المانيا. وقد عرضنا علي مصر فورا بعد ثورتها الشجاعة إقامة شراكة التحول لدعم الانتعاش الاقتصادي والتحول الديمقراطي والدستوري. ومع ذلك فإن علي مصر نفسها ان تهيئ الظروف لكي يمكن لدعمنا ان يكون فعالا وهذا يشمل إجراء إصلاحات جريئة في قطاعات الاقتصاد والأمن والإدارة.