ناقش المجلس المصرى للشؤون الخارجية أفق العلاقات المصرية الأمريكية خلال المرحلة المقبلة بعد تولى دونالد ترامب رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وذلك فى مائدة مستديرة حول توجهات السياسة الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط وآفاق العلاقات المصرية الأمريكية، وذلك بمشاركة عدد من الخبراء الدبلوماسيين والأكاديميين المتخصصين فى شؤون الخارجية الأمريكية . ويقول السفير عزت سعد مدير المجلس المصرى للشئون الخارجية أن فوز ترامب فى الانتخابات الأمريكية كان مفاجأة سياسية كبرى للجميع، كما أن خلفية الرئيس الجديد وتصريحاته الجدلية خلال حملته الرئاسية، وكونه من خارج النخبة السياسية الأمريكية، أصابت مناطق العالم المختلفة بالقلق والترقب، بما فيها منطقة الشرق الأوسط بطبيعة الحال، التى تراجع اهتمام الرئيس السابق اوباما بها وبات الانخراط الأمريكى فى مشاكلها وملفاتها الساخنة اقل مما كان عليه الحال عن ذى قبل . واضاف ان هناك عددا من المحاور التى يجب النظر إليها الان فيما يتعلق بكيفية تعامل السياسة الخارجية الامريكية معها خلال الفترة المقبلة، أهمها التغيرات المحتملة فى سياسات واشنطن فى المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالملف النووى الإيرانى والملف السورى وفرص إحياء عملية السلام فى الشرق الأوسط والأوضاع فى كل من ليبيا واليمن. وفى هذا السياق تم التنويه إلى انه وان كان من السابق لأوانه الجزم بما ستكون عليه السياسات الأمريكية فى هذه القضايا، إلا أن تصريحات الرئيس الجديد وخياراته بالنسبة لفريقه المعاون توضح أولوية اهتمامه بقضايا الداخل على النحو الذى أكده فى خطاب تنصيبه فى 20 يناير. ورجحت الندوة ألا تختلف سياسة إدارة ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط كثيراً عن سياسة سلفه، حيث لن تشغل المنطقة الاهتمام الأساسى لواشنطن أو الحرص على لعب دور قيادى إزاء قضاياها الرئيسية، وان كان ذلك لا يعنى الانسحاب منها. وفى هذا السياق، توافق أطراف النقاش حول صعوبة تراجع الإدارة الجديدة عن الصفقة النووية الإيرانية التى أبرمتها مجموعة ال5+1 مع إيران فى 14 يوليو 2015، خاصة وان إيران تقوم بتنفيذ التزاماتها بموجبها حتى الآن ، بشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما انخرطت دول المجموعة، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها، فى تعاملات اقتصادية وتجارية ضخمة مع إيران يصعب التنازل عنها، علما بأن وزير الدفاع الأمريكى المرشح جيمس ماتيس أكد أهمية الإبقاء على الاتفاق مع إيران . ومع ذلك فقد اتفق المشاركون على أن إيران وسياساتها الإقليمية ستظل محور اهتمام إستراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية ارتباطاً بالعلاقات مع إسرائيل والتى ترى أن إيران تمثل تهديداً حقيقياً أكثر من تهديد داعش. أما بالنسبة للملفين السورى والليبي، فلم يستبعد المشاركون إمكانية أن يكون هناك تعاونا أمريكياً روسيا فى هذا الشأن . وقد حظى موضوع نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل للقدس باهتمام خاص ما بين وجهة نظر تقول انه فى ضوء تصريحات ترامب وارتباطات السفير الأمريكى الجديد لدى تل أبيب بإسرائيل وتعيين صهر ترامب مبعوثاً لعملية السلام وموقف اليمين المتشدد عموما من إسرائيل، قد يقدم الرئيس الجديد على تنفيذ وعده بنقل السفارة، بينما ذهبت وجهة نظر أخرى إلى أن هناك حسابات قد لا ترجح نقل السفارة، خاصة وان الولاياتالمتحدة سبق ووافقت على قرار لمجلس الأمن صدر عام 1980 بعدم نقل السفارات الأجنبية إلى القدس فضلا عن أن اتخاذ هذه الخطوة من قبل واشنطن سيفقدها الادعاء بأنها وسيط نزيه بين إسرائيل والعرب، وبالتالى قد ينتهى الأمر إلى نقل مقر إقامة السفير الأمريكى للقدس فقط ، على غرار ما فعلت الهند مثلاً. أما فيما يتعلق بموقف مصر من الملف الفلسطينى، أوضح السفير عزت سعد أن لدى مصر مسئولية خاصة فى هذا الشأن، حيث يجب اخذ تصريحات ترامب ووعوده الانتخابية على محمل الجد وبلورة موقف عربى إسلامى موحد تقوده مصر بشأن السيناريوهات المحتملة لموقف الإدارة الجديدة منه، سواء بنقل السفارة أو فرص تحقيق حل الدولتين فى ضوء قرار مجلس الأمن 2334 بشأن وقف بناء المستوطنات والإعلان الذى صدر فى ختام مؤتمر باريس مؤخراً، واستثمار ذلك فى دفع عملية السلام . وحول مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية، أشار السفير عزت سعد إلى اللقاء الذى تم بين الرئيس السيسى والرئيس ترامب إبان حملته الانتخابية فى 19 سبتمبر 2016، على هامش مشاركة الرئيس فى أعمال الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة والذى اتسم بالود، والى الاتصال الهاتفى الذى تلقاه الرئيس من نظيره الأمريكى فى 23 يناير 2017، حيث تعكس هذه التصريحات الودية والاتصالات المتبادلة حرصا من الجانبين على تطوير علاقاتهما فى مختلف المجالات والتعاون فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف . كما أكد ترامب – حسبما أشار بيان الرئاسة المصرية –حرص الإدارة على تقديم الدعم والمساندة اللازمة لمصر فى جميع المجالات والإشادة بدورها فى مكافحة الإرهاب والتطرف فى المنطقة. وفى هذا السياق، أكدت الندوة أن إدارة ترامب تمثل فرصة جيدة لتطوير العلاقات الثنائية مع مصر، خاصة فى ظل تشابه الرؤى حول أولوية مكافحة الإرهاب والتطرف الدينى وأهمية وجود حكومات قوية مستقرة تستطيع مواجهة هذه الظاهرة الدولية حتى لا يحدث فراغ سياسى تسعى التنظيمات الإرهابية إلى ملئه .