البلشى: استعادة روح الصحف القومية تبدأ من تعيين المحررين المؤقتين    برلماني: الاهتمام بمراكز الشباب يصب في مصلحة الأمن القومي    الاتصالات تزف بشرى بشأن موعد تفعيل التوقيع الإلكتروني    محافظ الأقصر يفتتح محطة رفع صرف صحي نجع القباح الشرقي    وصول بذور الأقطان قصيرة التيلة وبدء الزراعات الأربعاء المقبل بشرق العوينات    مرسوم أميري بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح    حزب الله يعلن استهداف مواقع وتجهيزات تجسسية تابعة لجيش الاحتلال    الترجي يفوز على النجم الساحلي 3-2 في البروفة الأخيرة قبل مواجهة الأهلي    بيراميدز يعلن تفاصيل إصابة كريم حافظ    العناية الإلهية تنقذ 4 أشخاص في انهيار عقار كرموز بالإسكندرية    نادي السينما المستقلة يجذب الجمهور بالهناجر وعرض 3 أفلام (صور)    اتحاد الكرة يستقر على رحيل بيريرا ويفاضل بين الغندور وعبدالفتاح لخلافته (خاص)    الأرصاد: غدا الاثنين حار نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 29    ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 140 شخصا في فيضانات البرازيل ولا نهاية في الأفق    زوجة ضحية واقعة الكلب: زوج أميرة شنب سلم نفسه للمحكمة كإجراء قانوني    طالبوا بوقف التعامل مع "إسرائيل " ..12 أكاديمياً بجامعة برينستون يضربون عن الطعام دعماً لغزة    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    "أثر الأشباح" للمخرج جوناثان ميليت يفتتح أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي    بعد تصدرها التريند..تعرف على عدد زيجات لقاء سويدان    غدًا.. وزير العمل: طرح مشروع قانون العمل على "الحوار الاجتماعي"    أمينة الفتوى: سيطرة الأم على ابنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال تنفيذ مشروع مستشفى الطوارئ الجديد    إعلام النواب توافق على موازنة الهيئة الوطنية للصحافة    اسكواش.. نتائج منافسات السيدات في الدور الثاني من بطولة العالم    فرحة في الكامب نو.. برشلونة يقترب من تجديد عقد نجمه    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    قائد الجيش الأوكراني: الوضع في خاركيف تدهور بشكل كبير    فتح باب الاشتراك بمشروع علاج الصحفيين 13 مايو    "العيد فرحة وأجمل فرحة".. موعد عيد الاضحى المبارك حسب معهد البحوث الفلكية 2024    الصحفيين تعلن فتح باب الحجز لعدد 75 وحدة سكنية فى مدينة السادس من أكتوبر    لجنة حماية الصحفيين: نشعر بالقلق جراء إفلات إسرائيل من العقاب    الثلاثاء.. مناقشة رواية "يوم الملاجا" لأيمن شكري بحزب التجمع    إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص فى ترعة ببنى سويف    بعد انسحاب هيئة الدفاع.. تأجيل محاكمة المتهم بقتل جاره في الفيوم    «تعليم النواب»: موازنة التعليم العالي للسنة المالية الجديدة 2024/2025 شهدت طفرة كبيرة    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    «سايبين الباب مفتوح».. إحالة جميع العاملين بمركز شباب طوسون بالإسكندرية للتحقيق (صور)    لحماية صحتك.. احذر تناول البطاطس الخضراء وذات البراعم    الصحة: الجلطات عرض نادر للقاح أسترازينيكا    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    انفجار أكبر توهج لعاصفة شمسية ضخمة يحدث الآن    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    البورصة تخسر 25 مليار جنيه في ختام تعاملات أول الأسبوع    مواعيد امتحانات كليات جامعة حلوان الفصل الثاني 2024    تعرف على أماكن اختبارات الطلاب المتقدمين لمعهد معاوني الأمن لعام 2024    مجلس الجامعات الخاصة يكشف قرب الانتهاء من إنشاء 7 مستشفيات    بيولي يكشف مستقبله مع ميلان في الموسم المقبل    أرسنال يسعى لتأمين حظوظه للتتويج بالبريميرليج.. ومانشستر يونايتد يبحث عن المشاركات الأوروبية    kingdom planet of the apes على قمة شباك تذاكر الأفلام الأجنبية في مصر (بالأرقام)    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    «الداخلية»: ضبط 4 عاطلين بتهمة سرقة أحد المواقع في أسوان    ل أصحاب برج الثور والجوزاء.. أفضل الأبراج المتوافقة عاطفيًا لتكوين علاقات ناجحة 2024    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انسحاب أمريكى من قيادة العالم

من أهم المؤشرات الدالة على حدوث تحول Shifting كبير فى السياسة الخارجية الأمريكية وبالذات المقومات الأساسية لهذه السياسة، هو ذلك الحديث الذى ورد على لسان جون بايدن نائب الرئيس الأمريكى السابق فى كلمته الوداعية أمام «منتدى دافوس» الاقتصادى إذا قارناها بما ورد على لسان الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب فى حفل تنصيبه يوم الجمعة (20/1/2017) بخصوص هذه المقومات. ففى آخر كلمة له قبل ترك منصبه دافع جون بايدن بقوة «عن النظام الليبرالى العالمي»، ووصف روسيا بأنها تهديد لهذا النظام، وقال إنه «يجب أن تعمل واشنطن مع أوروبا على مواجهة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين».
أقل ما يمكن أن يوصف به كلام جون بايدن أنه «كان حديث الأمس»، أما حديث اليوم، أو حديث الأمر الواقع كما يعبر عنه الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب فهو على النقيض تماماً ذلك لأن واشنطن هى التى تتجه الآن لهدم هذا «النظام الليبرالى العالمي»، وتتخلى طواعية عن قيادته. فقد جاء خطاب التنصيب الذى ألقاه ترامب أمام الكونجرس مثقلاً بالكثير من الدعوات العدائية لهذا النظام الليبرالى الذى تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد تمحور خطابه حول أربع كلمات مفتاحية هي: «وظائف، ازدهار، وطنية، حدود»، ليصل بخطابه إلى مضمون مشروعه السياسى من خلال عبارتين تشكلان معاً العمود الفقرى لهذا المشروع؛ الأول: «أمريكا أولاً» كبديل للشراكة العالمية، و«سنعيد أمريكا عظيمة مجدداً»، على حساب تحالفات واشنطن الدولية، وتعنيان معاً وعداً من ترامب ب«قيادة ولايات متحدة أكثر انفصالاً عن العالم، وأكثر اهتماماً بمصالحها الخاصة».
الدليل على صدق هذا التوجه هو استهانة ترامب بعلاقات التحالف والمصالح المشتركة التى ربطت الولايات المتحدة بالحلفاء الأوروبيين وبحلفاء آسيويين من منظور إدراكه لوجود «صدام مصالح» بين الولايات المتحدة وهذه الدول تسببت فيه تلك العلاقات التحالفية، فإذا كان ترامب قد أدلى بتصريحات استفزازية تناولت حلف شمال الأطلسى (الناتو) والاتحاد الأوروبى الذى توقع تفككه، فإنه لم يتردد فى إصدار أول مرسوم له ينهى اتفاق التجارة الحرة مع الشركاء الآسيويين وتهديده بإنهاء العمل باتفاق التجارة الحرة لدول شمال أمريكا (النافتا) مع كل من كندا والمكسيك.
هذا القرار جاء لينسجم مع دعوة الرئيس الأمريكى إلى تخلى الولايات المتحدة عن جميع اتفاقات التجارة الحرة الدولية «التى تضر مصالح العمال الأمريكيين»، ومع توجهه إلى فرض الضرائب والرسوم الجمركية على البضائع المستوردة لحماية السوق الأمريكية من «المنافسة غير المشروعة» لذلك بادر ترامب بوصف هذا القرار بأنه «شيء عظيم للعامل الأمريكي»، وبعد ساعات وجه ترامب تحذيراً للرؤساء التنفيذيين ل 12 شركة أمريكية كبرى من بينها «فورد» و«لوكهيد مارتن» و«ديل» التقاهم فى البيت الأبيض بفرض «ضريبة حدود ضخمة» على السلع المستوردة من مؤسسات تنقل وظائف إلى خارج الولايات المتحدة.
هكذا تتراجع الولايات المتحدة طواعية عن مواقفها السابقة التى تزعمتها والداعية إلى تحرير التجارة العالمية طيلة عقدى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى فى أثناء مفاوضات جولة أوروجواى لتحرير التجارة العالمية، والدعوة إلى تجنب الدول فرض سياسات حمائية داخلية لحماية منتجاتها تتعارض مع مبدأ حرية التجارة. الآن تقود الولايات المتحدة دعوة انقلابية ضد هذا المبدأ وضد الليبرالية بشكل عام وأسس قواعد النظام الرأسمالى العالمى وسياسة العولمة وما استتبعها من تطورات تنظيمية فى إدارة التجارة والصناعة العالمية.
هذه الإجراءات لم تقتصر فقط على الدول الأعضاء فى «اتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي» بل امتد إلى الشركاء الأوروبيين وشركاء آخرين كبار فى مقدمتهم الصين، ففى تصريحات مستفزة للصين قال الناطق باسم الرئاسة الأمريكية شون سبايسر إن «ترامب يدرك أهمية السوق الصينية، ورغبتنا فى دخول أوسع إلى هذه السوق»، وتابع «الترتيبات الحالية المتعلقة بدخول الشركات الأمريكية إلى الصين فى كثير من الجوانب لا تسير فى الاتجاهين»، موضحاً أن هناك عدداً كبيراً من الشركات والأفراد الصينيين الذين يمكنهم دخول السوق الأمريكية بسهولة لبيع سلعهم وخدماتهم بينما تواجه الشركات الأمريكية صعوبات، لكن الأخطر هو أن تنازع المصالح التجارية أخذ يقود إدارة ترامب إلى صدامات أعنف قد تكون عسكرية مع الصين، حيث دمج شون سبايسر المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية فى تصريحاته عن الصين بين ما هو تجارى وما هو عسكري، عندما حذر الصين من أن الولايات المتحدة «ستدافع عن المصالح الأمريكية والدولية فى بحر الصين الجنوبي، حيث تسيطر الصين على جزر متنازع عليها»، وأضاف «فى الواقع إذا كانت هذه الجزر تقع فى المياه الدولية، وليست فعلياً جزءاً من الصين، سنعمل على الدفاع عن (المصالح) حتى لا تقوض من قِبَل دولة واحدة».
فى الاتجاه المعاكس جاء رد الرئيس الصينى «شى جين بينج» أمام مؤتمر «دافوس» الذى حضره للمرة الأولى عندما تعمد أن يرد بشكل غير مباشر على تراجعات ترامب عن الالتزامات الأمريكية الخاصة بعلاقات التعاون الدولية عندما دعا إلى «بذل جهود مشتركة لرسم مسار للعولمة الاقتصادية وصياغة أنماط جديدة للنمو والتعاون والحوكمة والتنمية على المستوى العالمي» وقال إن «اتهام العولمة الاقتصادية بالتسبب فى مشكلات العالم يتعارض مع الواقع ولا يفيد فى حل المشكلات» مؤكداً «الحاجة إلى العمل بطرقة استباقية، وإدارة العولمة الاقتصادية بشكل ملائم من أجل إطلاق العنان لأفكارها الإيجابية وإعادة التوازن لها».
حديث أثار إعجاب كل الحاضرين خاصة وزيرة الدفاع الألمانية ارسولا فون دير لاين التى وصفت خطاب الرئيس الصينى بأنه «كان مثيراً للإعجاب واستراتيجيًّا»، مضيفة أنه «نداء قوى لسياسة الباب المفتوح والحوار المباشر ضد الحمائية». إعجاب حفز المدير العام لإدارة الاقتصاد الدولى بوزارة الخارجية الصينية تشانج جون للتعليق بالقول إن «بلاده لا ترغب فى زعامة العالم، لكنها قد تضطر إلى لعب هذا الدور إذا تراجع الآخرون».
لمزيد من مقالات د. محمد السعيد إدريس;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.