منذ اللحظة الأولي التي يعلن فيها فوز أحد المرشحين لمنصب الرئيس, تتهافت وسائل الإعلام علي نقل لحظات وصول الرئيس الجديد إلي القصر الحاكم, بينما تبدأ الأجهزة الأمنية في إعداد عدتها لضمان مروره بسلام وإلا تحول لكارثة مفجعة. فأمن الرؤساء وأمانهم مهمة تاريخية قد لانعلم بشكل دقيق متي بدأت حتي أصبحت علي شكلها الحالي شديد التنظيم,لكنها بشكل عام أصبحت تعهد لضباط الشرطة والجيش في العديد من دول العالم منذ نهايات القرن الماضي,في حين تخصص لها دولا أخري وكالات أمنية تتفرغ بالكامل لتوفير منظومة أمنية محكمة للرئيس. ومن أبرز النماذج في هذا الصدد ما يعرف بوكالة ز س وتحصين أسرته وكبار المسئولين التنفيذين في البلاد بمن فيهم الرؤساء السابقون ونوابهم ضد أي أخطار أو أعمال عنف يتعرضون لها بحكم مناصبهم الحساسة في الدولة.وأضاف الكونجرس الامريكي لأعباء الوكالة مهمة تأمين مرشحي الرئاسة ونوابهم منذ اغتيال المرشح الرئاسي روبرت كينيدي عام1968, الي جانب توفير حراسة دائمة لأرامل الرؤساء المتوفين لحين زواجهن مرة أخري أو أن يتجاوز عمر ابنائهن ال16 عاما. وتخصص واشنطن للوكالة اعتمادا ماليا من ميزانيتها العامة يقدر ب1.483 مليار دولار سنويا لتتمكن من القيام بأعمالها علي أكمل وجه.. ولم يبرز دورالوكالة التي تأسست عام1865 بشكل فعال إلا في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي تحديدا مع محاولة اغتيال هاري ترومان في نوفمبر1950, حيث تعقب الرئيس الأمريكي الاسبق لدي اقامته في بلير هاوس-لخضوع البيت الابيض لبعض الاصلاحات- رجلين من بورتريكو داهموا عميل الخدمة السرية بثلاث طلقات نارية تلقاها العميل في بطنه وصدره ليضحي بنفسه ويكتب النجاة للرئيس.كذلك تجلي دور عملاء الخدمة السرية في أثناء محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريجان عام1981 حيث استطاع الحارس الشخصي بمهارة فائقة ورغم تعرضه للإصابة حماية ريجان من ست طلقات نارية كادت تجهز عليه في الحال, لينال بعدها وسام البسالة من الاتحاد الوطني لزملاء المهنة عقب امتثاله للشفاء.وتشترط الخدمة السرية في عملائها أن يكونوا حاملين للجنسية الأمريكية وتترواح أعمارهم ما بين21 عاما حتي37 عاما وبالنسبة للنباتيين فإن العمر قد يتجاوز الحد الاقصي المسموح به. وعلي النقيض تماما في الفاتيكان,فان البابا وكبارالمسئولين يحميهم المرتزقة السويسريون الذين تتوزع مهامهم بين الحراسة الشخصية والاحتفالية وحماية القصور, والمدهش ان هؤلاء وحدهم يشكلون20% من تعداد سكان المدينة.وكانت لحظة اغتيال بابا الفاتيكان جون بول الثاني عام1981 بمثابة نقطة تحول في فكر الحرس السويسري الذي بدأ يتدرب من حينها علي القتال غير المسلح ومهارات استخدام الأسلحة النارية.. أما لحظة التحول الفارقة في الفكر الأمني بالهند ارتبطت باغتيال رئيسة الوزراء الهندية السابقة انديرا غاندي عام1984, فبعدما كان من مسئوليات منظمة حرس الأمن القومي حماية كبار رجال الدولة,نشأت جماعة الحماية الخاصة كجهة امنية متخصصة لتوفير حماية أكثر احترافية لرئيس الوزراء وكبار المسئولين فضلا عن توفير الحماية الامنية لرؤساء الوزراء السابقين لمدة خمسة أعوام من لحظة خروجهم من السلطة.. وفيما يخص الرئيس الهندي فالوضع مختلف, فالحرس الرئاسي عبارة عن سرب' الخيالة الوطني' وهو من أقدم وحدات الجيش الهندي حيث يعود الي عام1773 ومهمته الاساسية هي احاطة الرئيس طوال الوقت وحمايته, لذا فهو يقيم في القصر الرئاسي راشتراباتي بهوان بنيودلهي فقط وتحول مع الوقت ليكون حرسا احتفاليا أكثر منه شخصيا, لتتولي جماعة الحماية الخاصة ايضا مسئوليات الرئيس الأمنية.. وفي ليبيا,اشتهر الرئيس الراحل معمر القذافي بالعنصر النسائي الذي اقتصر حرسه الشخصي عليه. حارسات القذافي- كن يخضعهن لتدريبات شاقة وتأهيلات من نوع خاص في أكاديمية عسكرية متخصصة, يحلفن بعدها يمين العفة أمام الرئيس حتي لايتمكن من الزواج طيلة فترة خدمتهن في حراسته الغريب, وإن ذلك كان متناقضا بشكل فج مع معتقدات القذافي في كتابه الاخضر بأن مكان المرأة الطبيعي هو البيت وأن تكليفها بوظائف الرجال يفقدها أنوثتها وجمالها.واختلفت التفسيرات حول ماعهد اليه القذافي, فاعتبره البعض يعود لثقافة عربية اصيلة لكون القناصين العرب لايرمون النساء بالرصاص. في حين ذهبت وجهة نظر أخري الي اعتبار ذلك نابعا من رغبة دفينة لدي القذافي في الخروج عن المألوف ومن ولعه الدائم بإحاطة نفسه بالشابات الفاتنات. وفي بريطانيا أصبحت إدارة العمليات المتخصصة التابعة لشرطة لندن هي المسئولة عن توفير الحماية الأمنية في البلاد فمنها تتفرع ثلاث قيادات, أولاها تدعي الحماية الملكية وهي المسئولة عن أمن الأسرة المالكة. والقيادة الثانية تدعي' الحماية المتخصصة' وهي المسئولة عن أمن رئيس الوزراء الحالي وسابقيه بالإضافة الي الوزراء وبعض السفراء والمواطنين المعرضين للاغتيال أو اعمال عنف.اما الاخيرة فهي جماعة الحماية الدبلوماسية ومهمتها تتلخص في تامين البعثات الخارجية لبريطانيا, ويختلف الوضع في بلاد العالم الثالث حيث يكون الرئيس في كثير من الأحيان قائدا للجيش فتتكفل وحدات مثل الحرس الملكي أو الجمهوري بحمايته وأمنه.. وهناك تكتيكات أمنية متفق عليها, وإن كان تسلح الحرس يختلف من دولة لأخري, فإن التكتيك الأمني الأكثر شيوعا مع الهجمات يعتمد علي أسلوب دفاعي بالأساس حتي لايتعرض الرئيس لأخطار كان في غني عنها. كما يتلقي سائقو سيارات الرؤساء تدريبا خاصا حول تقنيات القيادة المختلفة والمراوغة للهرب من الخطر في بعض المواقف كتغيير مسار السيارة بشكل مفاجئ في مساحات ضيقة, بالإضافة إلي أن السيارات الرئاسية تخضع لمواصفات أمنية عالية كأن تكون ذات اطارات خاصة تتيح لها القدرة علي السير حتي بعد تفريغها من الهواء ومزودة ببطاريات اضافية وميكروفونات داخلية وخارجية للتواصل بين السائق وموكب الرئاسة من حوله,الي جانب طفايات حريق لإخماد هجمات المولوتوف في الحال..