(يطير الطائر وعيونه معلقة بحبة القمح اللامعة في الأسفل يهبط بقلب يخفق بالامل ويضع أقدامه بثقة متناهية وينقر بمنقاره الحبة فينغلق الفخ المعدني المؤلم علي قدميه ويقع في الأسر للأبد ) الفخ ينتظرنا كل لحظة في حياتنا اليومية وفِي اكثر من صورة يجعل احدهم ينتقد سلوك الآخرين بينما القمامة تسد مدخل بيته الفخ في كل شيء حتي في الكلام نتكلم عن الأفكار الجديدة التي تنطلق بِنَا خارج الصندوق بينما أسطح بيوتنا وعمائرنا تعج بالكراكيب لو نظرت من شباك طائرة منخفضة او صعد بك تاكسي او سيارة علي احد الكباري ستجد أسطح شديدة الغرابة وواجهات عمائر عليها طبقات من ألوان رمادية لزجة قبيحة الفخ يجعلنا نعتقد بالأفضلية ونحن غارقون في المقارنة ومن قارن أضاعت حسرته ميزته لكنه الفخ العجيب الذي يجعلنا نري القشة التي في أعين غيرنا ولا نري الخشبة الضخمة التي في أعيننا فلا يسلم ابدا طائر مشغول بلمعة القمحة البعيدة من ألم انقباض الفخ علي جسده والارض اوسع من حبة والفخ لا يصطاد الا المندفع الي الأسفل والطمع لا يتيح التحليق لأعلي الفخ يجعلك تستطيع ان تتحدث في الاقتصاد والفن والرياضة دون فهم وتنسي ان تتحدث مع أطفالك فيما مر بهم في ذلك اليوم من لحظات، الفخ هو سالب الحريات الذي يمنع طائرنا من الحرية والطيران وعلينا مقاومة الفخ قدر الإمكان ،ليس من السهل مقاومة الوقوع في الفخ اليومي فنندفع الي الثرثرة والفرجة علي ما لا يفيد والاندماج في أوقات تمر بلا معني والإصغاء الي القبح وكأنه الموسيقي واستساغة الفوضي والقذارة الفخ يجعلنا نتدرب يوميا علي استهجان الجمال والارتياح للقبح وتكرار ذلك من لحظة الي لحظة ومن يوم الي يوم حتي تضيع الأعمار و بارتياح شديد يلقي الأبناء بالأكياس من نوافذ السيارات وندوس اقدام بعضنا البعض دون اعتذار وينهب المدرس أهالي التلميذ ويعامل التلميذ مدرسه باحتقار ويسرق الفكهاني الزبائن ويقف الأتوبيس في محطة لا وجود لها الفخ يجعلنا نري أنفسنا محور هذا الكون تحركه وتسكنه افكارنا نحن فقط بينما الآخرون مجرد كائنات برؤس تحمل أفكار لا قيمة لها وان الاختلاف عن الآخرين هو عيب لديهم وميزة لدينا و نري تناقضنا حرية وتناقض الآخرين مرضا عضالا لا شفاء منه الفخ يجعلنا ننطلق بحماس في الدفاع عن مصالحنا بينما ننظر لمن يفعل المثل علي أنه طماع وأناني الفخ يضيق علينا كل اتساع ويجعل اعيننا تنظر فقط باتساع حجم حبة القمح لا باتساع الأحلام وفِي بداية كل يوم ينصب الفخ المناسب الوقت هو الحياة ذاتها والفخ يستنزف اخر قطرة من ماء حياتك فتبدد كنزك الوحيد في متابعة عالم وهمي و تنفق ما لا تملك علي من لا يستحق ، اليوم بالكاد يتسع لكي تقترب من نفسك لا لكي ننشغل بالآخرين ربما الأحلام وحدها هي القادرة علي إنقاذنا من الفخ الحلم يدفعنا للطيران لأعلي والفخ يقودنا للاندفاع والهبوط ليكن حلمك الليلي بتحقيق شيء ما في الصباح هو المنقذ من فخ اللهفة والانشغال بما لا يعنينا من سفاسف الامور الحلم الذي يسعي الي تحقيقه كل صباح الساعي الي رزقه هو طوَّق النجاة اليومي من هموم وامراض لا علاج لها اليد المشغولة بصنعتها يد لا تبحث عن السرقة ولا التحرش العقل المشغول بتحقيق فكرته لا ينشغل بتقييم سلوك وافكار الآخرين ،محاولة خلق جيل من المحترفين اصحاب الحرف هو العلاج لشوارع مريضة الاحتراف يختفي بالتدريج ولا امل السيارات تشكو غياب الميكانيكي المحترف والأحواض والحنفيات لا تجد سباكا جيد بينما الكلام وحده هو السلعة الرائجة لم تجد محترفا بسهولة في تلك البلاد ينقذك عند الحاجة حالة من عدم التركيز وقلة الاكتراث تجعل حتي أبسط الأشياء تنفذ بتعجل وعدم اكتراث وقلة احترام وصبر اختفي المحترف البارع الدقيق وحل محله المقلد الأقرب للمحتال البحث عن الأجر والمكافأة دفع العديد الي ممارسة مهن لم يتعلموا اصولها وصار فخنا اليومي هو صنع الأشياء التي تشبه المطلوب وليس المطلوب اختفت عبارة( صنعة مع إتقان ) وحلت محلها عبارات اخري تمتدح الافتعال والاستسهال والفهلوة والكارثة ان ذلك الفخ لا يقتصر علي البسطاء قليلي التعليم ولكنه يمتد كالمرض الخبيث ليشمل المهن الكبري والحساسة والمؤثرة في مصائر البشر وامتدت الي المهن الفنية والتقنية ،غاب العلم وحل الجهل واتسع الفخ ولن ينقذنا الا الحلم والاحتراف عقول تحلم وايدي تحترف ليحرص كل اب وام علي تعليم اطفالهم احترام واحتراف ما يقومون به حتي لا نقع في الفخ