سيظل جيلنا من الشعراء يذكر بكل الإعزاز والإعجاب والتقدير الشاعر الكبير مرسى جميل عزيز باعتباره أفضل من كتب الأغنية مع وجود جيل من الشعراء الكبار فى زمانه حققوا شهرة واسعة وتغنى بأعمالهم نجوم الغناء فى مصر والوطن العربى أمثال حسين السيد ، مأمون الشناوى ، عبدالفتاح مصطفى وغيرهم ، وأن اللقب الذى أطلقه عليه كبار الكتاب والنقاد «شاعر الألف أغنية» كان يستحقه بالفعل فعندما تستمع إلى أغانيه فى مجملها لا تجد عنده أغنية واحدة دون المستوى وهذا ما كان يميزه عن جيل الشعراء فى زمانه، وقد أيدنى فى ذلك الكاتب والمفكر الكبير أنيس منصور فقد كان بالفعل شديد الإعجاب بكل ما يكتبه مرسى جميل وكلما شدت انتباهه كلمات أغنية جميلة ينتظر إلى نهايتها ليكتشف أنها من كلماته وكثيراً ما كان يشيد ببعض الأغانى التى يعشقها لجمال الصورة التى يجسدها مرسى ومنها أغنية أنا باستناك للفنانة القديرة نجاة الصغيرة « يا أجمل ليلة فى عمرى حبيبى جاى .. يا عقد لولى على صدرى حبيبى جاى .. يا ورده بيضا فى شعرى حبيبى جاى .. أزوق ليلى وأتزوق لأجمل وعد .. وأدوب لك فى شرباتى شفايف الورد .. وأقول لك دوق حلاوة القرب بعد البعد أنا باستناك أنا «، وكذلك رائعتاه الجميلتان للفنانة الكبيرة فايزة أحمد لحن الموسيقار محمد الموجى « أنا قلبى إليك ميال وما فيش غيرك ع البال إنت وبس اللى حبيبى ، ويامه القمر ع الباب منور قناديله .. يامه أرد الباب ولا أناديله « وحققت فايزة أحمد من خلالهما شهرة واسعة وانطلقت بعدهما إلى آفاق أكثر رحابة فى عالم الغناء، ناهيك عن كبار المطربين والمطربات خاصة العندليب عبد الحليم حافظ الذى كان له نصيب الأسد فى أغانى مرسى ، ولذلك عندما علمت سيدة الغناء أم كلثوم أن بليغ حمدى سيتعامل مع الشاعر الكبير مرسى جميل عزيز رحبت به كشاعر مبدع له مكانته فى كتابة الأغنية وعرض عليها بليغ كلمات «ألف ليلة وليلة» خاصة وأنها غنت له من قبل رائعتيه الجميلتين» سيرة الحب وفات الميعاد «وحققتا نجاحاًً كبيراًً وأكبر نسبة مبيعات فى مصر والوطن العربى ، وأن بليغ قدم خلالهما أروع ألحانه التى أكدت أنه ملحن كبير وسابق لعصره وكان مكسباًً كبيراً لأم كلثوم أشاد به الكتاب والنقاد المقربون لها .. أما حكاية ألف ليلة وليلة، وكنت قريباً من بليغ حمدى وصديقه الإعلامى الكبير وجدى الحكيم الذى كان له دور كبير فى توثيق العلاقة بين أم كلثوم وبليغ ومرسى جميل ، وعلمت لهما أن بليغ كان يفضل أن يقرأ أغانى مرسى جميل عزيز لها فى جلسة منفردة وعندما تقتنع بالكلمات تطلب منه أن يكون اللقاء القادم بحضور مرسى الذى كان يتميز بقدرته البارعة فى إلقاء كلماته التى كانت تشد أم كلثوم وتبتسم وتقول الله يا مرسى خاصة عندما طلبت منه أن يقرأ مذهب ألف ليلة وليلة الذى يقول « يا حبيبى الليل وسماه.. ونجومه وقمره وسهره.. إنت وأنا ياحياتى أنا « ويزداد إعجابها أكثر بالمقطع الذى يقول «يالا نعيش .. فى عيون الليل .. ونقول للشمس تعالى تعالى .. بعد سنة .. مش قبل سنة .. دى ليلة حب حلوة .. بألف ليلة وليلة .. بكل العمر .. هو العمر إيه غير ليلة .. زى الليلة» إلى نهاية الكلمات التى انبهرت بها أم كلثوم وطلبت من بليغ أن تكون «ألف ليلة» أغنيتها للموسم الجديد وانتهى لقاؤهما ليعتكف بليغ فى صومعته فى شقته الملاصقة لفندق سان جيوفانى بشاطئ إسكندرية لمدة ثلاثة أسابيع لا تعلم مكانه إلا شقيقته الكبرى صفية حمدى التى كانت تطمئن عليه بين الحين والآخر ، إلى جانب إكمال اللحن أيضاً فى بيروت ثم يعود إلى القاهرة لتسمع منه أم كلثوم اللحن مكتملا ً على آلة العود وأبدت إعجابها الشديد به وطلبت منه الاتصال برئيس فرقتها الموسيقار محمد عبده صالح لبدء البروفات فى أستوديو صوت القاهرة بجوار مكتب بريد العتبة وبحضور مهندس الصوت المتخصص فى تسجيلات أم كلثوم لتبدأ البروفات بالفعل بمقدمه موسيقية أبهرت أم كلثوم واستخدم فيها بليغ آلة الساكسفون والأكورديون إلى جانب الآلات الأخرى وزاد إعجابها أكثر فى المقطع الذى بلغ فيه مرسى جميل قمة إبداعه الشعرى «الله محبة .. الخير محبة .. النور محبة» وتندمج أكثر فى الغناء وهى تقول « يا رب تفضل حلاوة سلام . . أول لقا فى إيدينا .. وفرح أول ميعاد .. منقاد شموعه حوالينا .. ويفوت علينا الزمان .. يفرش أمانه علينا .. يارب» وتتواصل أم كلثوم فى الغناء وسط التصفيق المدوى من الجماهير وتندمج أكثر وهى تقول وكأنها تدعو « يارب.. لا عمر كاس الفراق المر يسقينا .. ولا يعرف الحزن مطرحنا ولا يجينا» ويتحدد موعد الحفل وتغنى أم كلثوم ويطلب الجمهور منها إعادة المذهب مرتين وكذلك الكوبليهات الثلاثة ويبلغ بليغ قمة إبداعه اللحنى فى المقطع الذى يقول «إزاى إزاى ..أوصف لك يا حبيبى إزاى ؟ قبل ما أحبك كنت إزاى يا حبيبى .. كنت ولا امبارح فاكراه .. ولا عندى بكره أستناه ولا حتى يومى عايشاه .. ياحبيبى « وينتهى الحفل فى الثانية بعد منتصف الليل والذى أفتتحت به موسمها الغنائى عم تسعة وستين لتطبع الأغنية على إسطوانات وتكون فى اليوم الثانى للحفل بين أيدى عشاق فنها الأصيل فى مصر وفى كافة الأقطار العربية.