ياسيد الخلق والخلائق ايروم مخلوق ثناءك..بعدما اثني علي أخلاقك الخلاق ياصاحب الخلق العظيم بوصفه اياك الاله..ياراعي الغنم فسمت بك المهنة رفعة وثناء، يامن امتهنت الرعي لك مهنة ثم تاجرت لخديجة فتعلم منك التجار معني العدل وقيمة العمل في الصحراء، صلي عليك الله ياعلم الهدي يامن جئت للخلائق رحمة وهداية وأشرقت بك الارض بنور ربها في فرحة وسعادة. ونحن في هذه الايام العطرة بذكري الحبيب المصطفي علينا التحلي بأخلاقه وترسم خطواته والتأسي بمشواره ونعلي من قيمة العمل مهما دنا، فلنا فيه العظيم خلقا وعملا أسوة ،حيث بدأ النبي أولي خطواته راعيا للغنم فكانت حياته قبل بعثته دليلا دامغا علي تفرد هذا الصبي الذي تحلي بالعديد من الصفات الجليلة، فكان أمينا وصادقا ومخلصا وشجاعا لم تنظر عيناه الي قبيح ولم يتلفظ لسانه بلفظ مشين فعاش حياة فاضلة قوامها الجد والعمل فلم يعرف العبث واللهو له طريقا. لقبوه أهل قريش بالصادق الامين وكان رغم صغر سنه قدوة يستشيره أهل مكة في شئون حياتهم، ولم تخط قدمه مع أقرانه نحو أماكن اللهو والشرب والرقص مما كان سائدا في الجاهلية، وحفظ نفسه من براثن الفحش والفحشاء وكان افضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا واكرمهم حسبا وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وأخلصهم في الامانة وأبعدهم عن الفحش والفحشاء . وعلمنا خير البشر قيمة العمل وأعلي من شأن العامل أيا كان نوع العمل فاليد العاملة يحبها الله ورسوله وكان يأكل من عمل يده، وكل الانبياء والرسل كانوا يقدرون قيمة العمل واشتغلوا في مهن عديدة دون تكبر وعلو ونبينا الكريم اشتغل فبل بعثته بالرعي والتجارة لنتعلم منه الجد والاعتماد علي النفس دون التواكل علي الغير فما أكل ابن ادم طعاما قط أفضل من عمل يده . وتتجلي حكمته تعالي في ان يعمل النبي راعيا للغنم لما تتضمنه هذه المهنة تحديدا من معان كثيرة ونبيلة فهي تكسب صاحبها قيما وفضائل كثيرة أهمها الصبر والقوة والتحمل والامانة وشدة الوعي والتركيز في المتابعة، وغيرها الكثير والكثير من الخصائص التي يكتسبها من يعمل بها، وقرأت حديثا للدكتور عبد الرحمن عباس سلمان الاستاذ بجامعة الازهر يسرد فيه سيرة النبي العظيم منذ ولادته حيث يقول ورث النبي خمسة من الابل وقطيعا من الغنم وأم ايمن جاريته وهي ثروة ليست بالكبيرة نظرا لما كان يمتلكه سادات قريش انذاك وفي ذلك حكمة الاهية . وبداية عمل النبي برعي الغنم وهو صبي في بني سعد ورعاها وهو شاب في مكة وفي حديثه صلي الله عليه وسلم ما بعث الله نبيا الا وقد رعي الغنم وانا رعيتها لاهل مكة بالقراريط، ورعي الغنم تحديدا تهيئ أنبياء الله لما ينتظرهم من مهمة شاقة في الدعوة الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتحمل مشاق وعقبات الدعوة وإخراج الناس ممن هم فيه من لهو وعبث وفسق ومجون وجاهلية وظلام، فالرعي يتطلب اليقظة والحرص الشديد علي رعيته والادراك والوعي لكل ما يحدث حوله حيث يتحتم عليه سلامتها وهو من مهام وظيفته فلو كان مهملا ومتهاونا يفقد غنمه ومعه بالطبع مهام وظيفته. ومن أولي مهام وظيفة رعي الغنم حسن السياسة كما يؤكد د.عبد الرحمن عباس وهي من أهم الصفات التي يكتسبها الراعي اضافة الي سعة الصدر وحسن الحيلة وطول البال، وكلها صفات يجب أن تتحلي فيمن يتحمل مسئولية الدعوة بشكل عام والنبوة بشكل عام، وكذلك صفة الامانة لانه مؤتمن علي ما تحت يده من رعية ومن البشر الذين يتحمل مسئولية نقلهم من حياة الي اخري مختلفة تماما فمن ظلام الي نور ومن الجاهلية الي المعرفة ومن الكفر الي الايمان ومن العبث واللهو الي الالتزام والحكمة ومن الفحش الي الطهارة. وهكذا فعل الرسول العظيم عنما أخذ بيدي الناس الي الخير ومناهل البر والاخلاق الحسنة، ونستلهم ونحن نحتفي به صلوات الله عليه أهمية العمل مهما دنا أسوة برسولنا الذي عاش حياة مليئة بالعمل والجد والنشاط، وأسس دولة جديدة قوامها العمل والتقوي والاخلاص وحب الاوطان، وأرسي مبادئ ديننا الحنيف علي الخلق والعمل والجد والاجتهاد وهو القائل ان قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فليزرعها، فلك منا يا أعظم وأشرف خلق الله الصلاة والسلام والتحية فمن رعي الغنم الي اعتلائك عرش أعظم الرجال. وكما قال مايكل هارت الخالدون مائة وأعظمهم محمد بن عبد الله، وما كتبه جوستاف لوبون في كتابه "الدين والحياة"عن النبي واصفا أنه ذو أخلاق عالية،وحكمة ورقة قلب، ورأفة ورحمة، وصدق وأمانة والكثير من أرقي الصفات التي تحلي بها النبي عددها من لايدينون بالاسلام والجميع أجمع علي وصف الحبيب النبي انه قولا واحدا من أعظم رجالات التاريخ.. فاللهم متعنا برؤية حبيبك المصطفي في الدنيا والاخرة، وأجمعنا معه في الفردوس الاعلي وأحينا علي سنته وخلقنا بأخلاقه وفضائله. لمزيد من مقالات فهمى السيد;