ما أطول الليالى فى انتظار القادم وما أقسى اللحظات التى تمر على أم تمنى نفسها بأمل جديد طال انتظاره لطفلها اليتيم الذى عانى منذ ولادته من عيب خلقى فى العظام منعه من الحركة بشكل طبيعي، وأجرى عدة عمليات حتى يسير بشكل طبيعى ويلتقط قلمه ليواصل مشوار التعليم مثل باقى رفاقه .. وماذا لو تحول الأمل إلى سراب والحلم الى كابوس مرعب استيقظت عليه الأم لتجد طفلها لا يتحرك حتى قدماه الواهنتان اللتان كانتا تحملانه انتهتا وأصبح قعيدا. بدأت المأساة عندما نصح بعض الأهل والأقارب الأم بالتوجه للدكتور «….» اسمه لدى تحقيقات الأهرام لمن يهمه الأمر، وهو جراح لعظام وتبرع لها أهل الخير بقيمة الكشف 200 جنيه، وبعد فحص الطبيب للطفل أخبر والدته بأنه سيجرى له جراحة بالقدم تسمى «تطويل أوتار» وعندما أخبرته أنه يسير على قدميه حتى وان لم يكن بكفاءة، وأنها مهتمة أكثر بيديه حتى يتمكن من الكتابة وملاحقة دروسه، فأخبرها الطبيب بأنه سيجرى له العملية بالمجان بمستشفى أبو الريش الياباني، أما يداه فسيكلف طبيبا زميلا له باجراء الجراحة لاحقا بعد الاطمئنان على قدميه. وفرحت الأم بتلك الوعود وخاصة أنها لن تتكلف جنيها، وهى تعانى الفقر، وحدد لها الطبيب ميعاد العملية وفى الموعد المحدد جاءت الأم بصحبة ابنها من أسوان تاركة إخوته مع أمها العجوز، وذهبت المستشفى فى الموعد المحدد، وقبل أخذ ابنها للعمليات جعلها الطبيب توقع على اقرارا بالموافقة على إجراء العملية فوقعت، وفوجئت بعد ذلك بدخول ابنها العمليات دون أن يجرى له الطبيب أى تحاليل أو فحوصات أو أشعة، وأجريت لطفلها الجراحة وبات ليلة فى المستشفي، وبعدها قرر الطبيب خروجه وطلب منها العودة بعد عشرة أيام للاستشارة، وعندما ذهبت فى الموعد المحدد أخبرها بأنه سيفك الجبس بعد شهر، وعندما أخبرته بأنها يجب أن تعود إلى أسوان لصغارها قرر أنه لا مشكلة من فك الجبس عند أى طبيب عظام بعد شهر. وتستكمل الأم المأساة: بعد مرور شهر ذهبت لطبيب بالبلد وفكت الجبس، وهنا كانت الصدمة الكبرى فالجرح مفتوح وبه صديد شديد، ولا يوجد غرز فى الجراحة، ورجله منظرها بشع ومؤلم، فطلب منها الطبيب أن تعود لاستشارة الجراح الذى أجرى العملية، فسافرت فى أول قطار متجه للقاهرة كى تنقذ ابنها، واتصلت بالطبيب الذى حدد لها اليوم التالى صباحا بالمستشفى وأخبرته أن ابنها دخل المستشفى من قبل على قدميه وهو الأن يتألم ولا يستطيع المشي، وأخبرته وهى منهارة أنها لا تريد شئ منه سوى أن يعود ابنها كما كان قبل اجراء تلك العملية المشئومة فطلب منها الطبيب اعطاءه كل ما لديها من أوراق تخص العملية للمتابعة، وبحسن نيه أعطته كل ما لديها من أوراق، ولم تكن تعلم أنه يريد أن يخفى أى أثر للعمليه قد يدينه، وبعدها قال لها مع السلامة يا ست أنا معملتش لابنك أى عمليه! فانهارت الأم وطردها من المستشفى وخرجت وهى مذهولة. هل هناك طبيب أقسم بشرف المهنة ويكون بمثل تلك الأخلاق؟.. خرجت الأم مهددة الطبيب بشكواه فى نقابة الأطباء وهى لا تعرف كيف الوصول اليها.. ابنها يتألم أمامها فى كل لحظه وهى لا تعرف متى ستتوقف ألامه فقد وقعت الأم وطفلها ضحية طبيب فاشل جعل من طفل يتيم حقل تجارب له وانتزعت الرحمه من قلبه.