كلما شاهدت فيلم الناصر صلاح الدين وهو من كلاسيكيات السينما المصرية ، أتوقف كثيراً أمام شخصية والى عكا التى جسدها ببراعة الفنان توفيق الدقن ، فمن أين أتى ذلك الوالى بكل هذا الحقد والغل والكراهية لوطنه ولأهله وعشيرته، وكيف استطاع أن يحمل كل هذه الصفات شديدة الانحطاط والتى تتجلى أبعادها الدرامية عندما قام بفتح أبواب المدينة أمام الغزاة ، وينتهي دوره في الفيلم بمقتله على يد من قام بالخيانة من أجلهم. تذكرت حكاية والى عكا بعد أن قرأت مؤخراً فى صحيفة "محترمة" معلومة غير صحيحة عن سقوط مدينة عكا آخر معاقل الصليبيين وعودتها الى الخريطة العربية فى 18 مايو عام 1291 فقد جاء فيما نشر أن هذا الانجاز تم على يد الظاهر بيبرس والصواب أنه على يد القائد الأشرف خليل بن قلاوون لأن الظاهر بيبرس توفى عام 1277، حسب ما جاء فى كتاب الحروب الصليبية للدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور. وإذا كان التاريخ يؤكد سقوط عكا بالفعل وإعادتها للكيان العربى إلا أن الأمر يختلف كثيراً فى مسألة مقتل والى عكا الذى خان عروبته وارتمى فى حضن الأعداء ، فمن يتأمل ما يجرى حولنا الآن من أحداث سريعة ومتلاحقة يتأكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن الرجل "حى يرزق" وما يزال يعيش بيننا ويمارس هوايته المفضلة فى الغدر والخيانة و"قلة الأصل" مع الجميع حتى مع أقرب الناس اليه . أعتقد أننا قادرون على التخلص من نموذج والى عكا وملاحقته أينما حل وفضح خياناته لوطنه وأهله وعشيرته ، والإلقاء به داخل مزبلة التاريخ فهى المكان الطبيعى له ولأمثاله من أصحاب الضمائر الميتة. أشرف مفيد [email protected]