التصريحات والتعليقات الصادرة فى موسكو بشان الانتخابات الرئاسية الامريكية المرتقبة تبدو أقرب انحيازا إلى أحد طرفى السباق الى البيت الابيض، وإن أكدت مصادر الكرملين ان "روسيا لا تتدخل فى الشئون الداخلية للغير وانها سوف تتعامل مع من يختاره الشعب الأمريكي". وكانت نتائج استطلاع الرأى الذى أجرته خلال الايام القليلة الماضية مؤسسة "فتسيوم" (مركز عموم روسيا لقياس الرأى العام) أحد اكبر المؤسسات الروسية لاستطلاعات الراي، عن ان 35% من المشاركين فى الاستطلاع يؤيدون انتخاب دونالد ترامب مرشح الجمهوريين، بوصفه الاكثر مناسبة لتأمين المصالح الوطنية لروسيا، من هيلارى كلينتون مرشحة الديمقراطيين التى لم يؤيد انتخابها سوى 6% فقط، فى نفس الوقت الذى قالت فيه نسبة 22% من المشاركين فى استطلاع الراى بعدم مناسبة أى من المرشحين للمصالح الروسية. كما أكدت النتائج اهتمام 57% فقط بالانتخابات الامريكية ممن قالوا بأهمية الانتخابات الأمريكية بالنسبة لروسيا. وتفسيرا لهذه النتائج قال فاليرى فيدوروف رئيس مركز "فتسيوم" لقياس الرأى العام "أن الروس يختارون لمنصب رئيس الولاياتالمتحدة من يكشف اكثر عن تعاطفه مع الرئيس فلاديمير بوتين، وعن استعداده للتفاهم مع روسيا حول أهم المواقف الخلافية، فى حال فوزه فى الانتخابات المرتقبة". وكشف الخبير الروسى عن أن الغالبية من ممثلى الاوساط الروسية تظل تعرب عن شكوكها تجاه احتمالات تحسن العلاقات الروسية الأمريكية، بغض النظر عمن سوف يفوز فى هذه الانتخابات. ووصف سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية، فى حديثه مع المعلقة الأمريكية كريستيان امانبور، الشائعات التى تقول بتدخل روسيا فى الانتخابات الأمريكية بانها "تثير السخرية"، مشيرا الى عدم وجود أى دليل على ذلك، فيما دحض ما يقال حول صلة روسيا بما يقال حول قرصنة او اختراقات الهاكرز من روسيا ضد المواقع الالكترونية بالولاياتالمتحدة. وفى معرض تصريحاته لوكالة "فرانس برس" أشار نيكولاى بتروف أحد المعلقين المشهورين فى موسكو، إلى أن الكرملين طالما اعتبر "الادارة الجمهورية أكثر ملائمة كونها اكثر واقعية". ومضى ليقول ان الادارة الجمهورية "لا تسعى الى التدخل فى الشئون الداخلية، فى معركة حقوق الانسان. وبهذا المعنى، فسيكون من الاسهل التفاوض مع الجمهوريين". ورغم أن بوتين أشار إلى أن "الحكم على خصائص ترامب مسألة تخص الناخب الأمريكي"، فقد أضاف أيضا أنه "قائد قوى فى سباق الرئاسة"، على النحو الذى جعل البعض يظن فى احتمالات مساعدة موسكو للمرشح الجمهوري. لكن ذلك لا يعنى أن الكرملين بات على يقين من فوز ترامب، وهو ما أكده سيرجى ايفانوف الرئيس السابق لديوان الكرملين فى حديثه الاخير الى صحيفة "فاينانشال تايمز". وكان إيفانوف قد أشار إلى أن "رغبة الكرملين فى رؤية ترامب سيدا للبيت الأبيض تبدو على خلاف مع الواقع. ولذا فإن القيادة الروسية تود ان ترى بعد الانتخابات رئيسا للولايات المتحدة يتسم بالبراجماتية وهو ما يتسق وشخصية كلينتون"، وإن أشار إلى أن ترامب يبدو شريكا أكثر مرونة من هيلارى كلينتون فى التعامل مع موسكو. وانطلاقا من مكانة ايفانوف وتاريخه على مقربة من الرئيس بوتين كون من الواجب التعامل على محمل الجد مع ما يقوله ايفانوف الذى طالما وصفوه برفيق العمر بالنسبة لبوتين.