أن تتأقلم وسط المجموع ، أن تتبع نفس الخطوات وتتواءم مع الآخرين، أن تتحمل ضغوط البشر والسلطة والحياة أو أن تظل محتفظا بتفردك واختلافك مناقضا الجميع.. صراع شاق نواجهه يوميا ونسعى دائما فيه إلى أيجاد صيغة للتوازن.. وهنا فى عرض الرقص المعاصر « زهرة الصبار» إخراج الفنانة السويسرية نيكول سايلر والذى عرض على خشبة مسرح الفلكى وعلى مسرح مكتبة الإسكندرية. تختزل الحركة هذا الصراع الدائم وترمز إلى العلاقة بين الفرد والمجموع. يبدو ان الإنسان فى صراعه اليومى يتحول إلى نبتة صبار تتحمل الكثير حتى تصل إلى مرحلة التوازن أو بمعنى آخر حتى تزهر. يرتدى الراقصون ملابس مختلفة تتدرج ألوانها بين الأبيض والأسود وتعبر عن طبقات مختلفة من البشر منها الواقعى والخيالى والملائكى والبهلوانى... نماذج مختلفة وشخصيات متعددة تشكل مجتمعا كامل يعيش صراعاته اليومية. تتعاقب حركات 16 راقص على المسرح وتتحول الحركات تدريجيا إلى حركات نمطية متكررة.. تبدو حركات الراقصين لبضع ثوان وكأنها حركة جسد واحد، لتنقسم المجموعة بعد ذلك إلى عدة مجموعات محتفظة بتلك الحركات النمطية لكن خطواتهم المتداخلة والعشوائية تعمل على تشكيل مشهد عبثى مزدحم ويدفعنا للتساؤل عن تفاعلاتنا وعلاقتنا مع بعضنا البعض. كيف يكون التواصل ؟ اعتمدت سايلر على استخدام أصوات ضوضاء نمطية ذات ايقاع متتال ومتزايد بالإضافة إلى أصوات الشارع العادية وأغنية صاخبة من أغانى المهرجانات كخلفية للعرض وسمحت للراقصين فى احد المشاهد بارتجال بعض حركاتهم وبعض الحوارات مباشرة على المسرح. وتوضح سايلر أن العرض هو الجزء الثانى من مشروع تعاون مشترك بينها وبين الفنانة والمخرجة هالة القوصى وهو إنتاج مشترك بين الفنانتين بدعم من مدينة لوزان، مقاطعة فود والمؤسسة الثقافية السويسرية - بروهلفيتسيا بدأت سايلر العام الماضى فى تصميم الحركة لفيلم زهرة الصبار الذى تقوم بإخراجه هالة القوصى والمنتظر عرضه فى 2017. وبرغم أنها احتفظت بشخصيات الراقصين الستة عشر بالفيلم وعهدت بتصميم الملابس والفضاء المسرحى إلى القوصى إلا أن سايلر تؤكد أن العرض الراقص هو عمل فنى قائم بذاته وتسعى مستقبلا إلى تقديمه بسويسرا.