بدأت مساجد مصر في تنفيذ قرار د. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بتطبيق أول خطبة جمعة مكتوبة وموحدة.وأعلنت وزارة الأوقاف تشكيل لجنة علمية لأعداد وصياغة موضوعات خطب الجمعة، بما يتوافق مع روح العصر من قضايا إيمانية وأخلاقية وإنسانية وحياتية وواقعية، مع الاستمرار في توحيدها وتعميمها مكتوبة. في حين أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف قرارا بإجماع الآراء يرفض الخطبة المكتوبة التي أقرتها وزارة الأوقاف المصرية، وتم البدء في تطبيقها من الجمعة قبل الماضية. حجة الهيئة هي ان اتكاء الخطيب علي ورقة مكتوبة سيوءدي الي تسطيح فكرِه وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة. وهو امر لاقي استحسان بعض السلفيين الذين يرون ان هذا الأمر يقتل مواهب الأئمة ولا يتناسب مع كل محافظات مصر. كما ان البعض يري ان الخطبة الموحدة ستقوم بتجميد الخطاب الديني وليس تجديدة. والحقيقة هي أن الخطبة المكتوبة تعتبر نقلة نوعية فى تجديد الخطاب الدينى، ومن حق ولى الأمر أن يجمع الأمة على رأى واحد إذا اقتضت الضرورة. ونحن بالفعل في حاجة الي ذلك في ظل تواجد وتنامي الأفكار المتطرفة. جدير بالذكر ان هذه التجربة، ليست بدعة مستحدثة، بل هى تجربة تم تطبيقها، فى العديد من البلاد الإسلامية، ومنها المملكة العربية السعودية وثبت نجاحها وهى محاولة جادة لضبط الفكر وعدم التشتت. ونحن بالفعل في حاجة الي استراتيجية لإعادة صياغة ورفع مستوى الفهم الديني الصحيح المستنير. والحقيقة هي ان الخطبة الموحدة تعتبر في وقتنا الحالي مهمة بعد متاجرة بعض الجماعات والتنظيمات بالدين , واتخاذه مطيّة لتحقيق مصالح سياسية وحزبية ، مع إيثار مصالح الجماعات والتنظيمات على المصالح العليا للدين والوطن , وغلبة التدين الشكلي والتدين السياسي على التدين الخالص لله. فقد وجب بعد كل ما مررنا بة التأكيد على قصر الخطابة والدعوة والفتوى على أهل العلم المتخصصين دون سواهم ، وقصر الخطبة على المسجد الجامع دون الزوايا والمصليات ودعم موضوع الخطبة الموحدة. ووجب العمل على تجفيف منابع التطرف بالجامعات ،والتحصين المبكر للأطفال والناشئة , والحرص على عدم وقوعهم في أيدي المتشددين. مع مواجهة الجماعات المتطرفة بتفكيك شبهاتها والرد عليها بالأدلة العلمية الدامغة ، وذلك عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، حتى لا تنطلي هذه الأفكار الضالة المنحرفة على عقول الناس ، وبخاصة الشباب , مع التوسع في الدراسات والبحوث والكتب والمجلات التي تعمل على تفكيك هذا الفكر ، وبخاصة تلك التي تصدر للأسف الشديد عن الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية. بأختصار الخطبة الموحدة الهدف منها هو الألتزام بالفكر الوسطي المستنير ، وعدم السماح لحملة الفكر المتطرف والمتشدد من الوصول إلى الشباب, مع التركيز على نشر الخطاب الديني الوسطي القائم على عظمة الأخلاق وحسن المعاملة واحترام الآخر وتقديره والابتعاد عن التدين السياسي والتدين الشكلي الظاهري البعيد عن جوهر الدين. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى