لماذا درس المدرب الألمانى أسلوب لعب ليستر سيتى وأتلتيكو مدريد ؟! كانت مباراة ألمانيا وأيرلندا الشمالية من طرف واحد فىاتجاه واحد معظم الوقت . وقال الأيرلنديون : " نحن فريق دولة صغيرة فى كرة القدم ، نعلم أسلوب ألمانيا ولانقدر على مواجهتهم بنفس الاسلوب " وقد امتلك الألمان الكرة بنسبة 70% مقابل 30 % .. وكان استحواذ منتخب المانشفت إيجابيا من ناحية صناعة فرص التهديف ، وسلبيا من ناحية ترجمة تلك الفرص إلى أهداف . فقط هدف واحد سجله جوميز .. بينما كانت الفرص لكل من أوزيل وجوتزة وموللر وكروس وغيرهم ، ولعب الألمان بسلاسة .. فهل رأيت كيف يتحرك الألمان وكيف يهاجمون بسبعة لاعبين ويدافعون بثمانية لاعبين ؟ هل شاهدت تبادلهم للكرة ولمراكزهم .. وهل شهادت اللمسات الفنية والمهارية التى عرضها مسعود أوزيل وموللر وجوتزة وكروس وغيرهم من نجوم الفريق ؟ هذا الفريق تحب أن تشاهده وتحب إن تذهب إليه الكرة ، وهو فى ذلك ينفرد بأنه تاجر المتعة الأول فى البطولة الأوروبية .. لأن شخصية الكرة الألمانية تغيرت ، أصبحت مدرسة لاتينية ، وترقص السامبا أيضا ، فقديما كانت كرتهم سريعة و مختصرة . التمريرات طويلة . بناء على فلسفة تقول إن أقصر الطرق بين نقطتين هو الخط المستقيم. والنقطتان هما المرميان ، كانوا يعتمدون على القوة البدنية واللياقة الفائقة .. . إلا أن تلك الفلسفة تغيرت ، وأعتقد أن فلسفة المدرب الإسبانى جوارديولا عندما كان مدربا لبرشلونة ثم بايرن ميونيخ أثرت فى رؤية المدرب يواكيم لوف .. فلم تعد القوة البدنية هى الأساس ، وباتت كرة تعتمد على التمرير والتحرك وتبادل الكرة . والمهارات.. تسلم يواكيم لوف، مساعد المدرب يورجن كلينسمان في مونديال 2006 الذي استضافته المانيا وحلت ثالثة فيه ، مهمة الاشراف على المنتخب مباشرة بعد كأس العالم ولوف مدرب يعتمد على العلم بدرجة كبيرة . وعندما التقى الجهاز الفنى لمنتخب ألمانيا لترتيب الاستعدادات الأخيرة للأمم الأوروبية فى مارس الماضى انضم إليهم كما هو معتاد أورس سيجنثلير مدرب سويسرا الأسبق ، ومستشار الاتحاد الألمانى لكرة القدم ( فى ألمانيا 25 ألف فريق كرة ) وهو يجوب ملاعب العالم بتكليف من الاتحاد لمتابعة التطورات التى طرأت على الكرة العالمية ، وفى مختلف مدارس اللعبة ويقدم تقريره إلى مدرب المنتخب .. ومن مظاهر التفاهم بين الرجلين والدور الذى يمارسه أورس سيجنثلير أنهما أخذ فى دراسة أسلوب أداء فريقين يمثلان ظاهرة فى كرة القدم الدولية وهما ليستر سيتى وأتلتيكو مدريد ، وكيف أن بعض المنتخبات الاوروبية والعالمية ستلجأ إلى هذا الاسلوب الذى يعتمد على الهجوم المضاد من قاعدة دفاعية صلبة ، وبسرعات عالية للاعبين فى المقدمة . لم يكن ذلك كى تلعب ألمانيا بهذا الاسلوب وإنما توقعا بمواجهة الألمان لفرق تلعب بنفس الاسلوب .. الهجوم المرتد من وضع الدفاع الصارم ، فكيف يواجهها ..؟ حقيقى كرة القدم صناعة وعلم ودراسات ومتابعات وجهد مستمر والاستعانة بمدرب خبير يجوب الملاعب المختلفة لمتابعة المستويات الأوروبية والعالمية درس من دروس العالم الآخر لعالمنا المتثائب النائم .. فهل سمعتم يوما عن مدرب منتخب يستعين بزميل له يملك الخبرة الكبيرة لمساعدته فى البحث عن الجديد فى إفريقيا مثلا ؟ ! يواكيم لوف طور من أفكار الألمان قطعا حيث جعل الفريق يستحوذ على الكرة لأطول وقت . فكلما كانت الكرة معك ، فهى ليست مع الفريق الخصم . وكلما كانت معك فأنت الذى يملك المبادرة . الحرية للاعبى البرازيل فيما يتعلق بالشخصية الكروية ، لاشك أن البرازيل فقدت هيبتها التى تحدثنا عنها هنا قبل أسابيع لأنهافقدت شخصيتها . فقدت الإبداع واللعب باستمتاع واعتماد الاسلوب الهجومى ، والتخلى عن الحذر . فكان البرازيليون يقولون : " لايهم أن يهتز مرمانا بهدف لأننا سنرد بهدفين " .. وصحيح أن ذلك أصاب منتخب البرازيل بخسائر فى بطولات مثل كأس العالم 1982 ، مع جيل سقراط وزيكو وجونيور وباولوإيزاودرو ، ولكنه كان وراء فوزهم بكأس العالم خمس مرات .. وفى هذا السياق يكون تغيير الالمان لشخصيتهم الكروية تأثيره الايجابى البالغ على الفريق .. فهم الأن أقرب منتخبات أوروبا إلى " التيكى تاكا " الإسبانية .. يلعبون بدون رأس حربة صريح . ولو لعب رأس حربة مثل جوميز فى مباراة أيرلندا ، فهو جزء من مجموعة هجوم لها أدوار ومهام وليس مجرد مركز .. وأعود وأوضح أن رأس الحربة الصريح مسموح به فى فرق وفى مباريات أقل من مستوى ألمانيا وإسبانيا ، وأقل من مستوى الأمم الأوروبية .. وعندكم برشلونة أفضل فريق فى السنوات العشر الماضية ويلعب بدون رأس حربة .. الان يقود منتخب البرازيل ادينور ليوناردو باكي "تيتي" ( 55 سنة ) وكان مدربا لفريق كورنثيانز .. ولن ينجح هذا المدرب إذا مضى على نفس الطريق الذى بدأه كارلوس ألبرتو عام 1994 ، باعتماد الأساليب الدفاعية على الرغم من الفوز بكأس العالم على حساب روبرتو باجيا نجم إيطاليا الذى أهدر ضربة جزاء فاصلة ..فلكى تعود رقصة السامبا للبرازيل عليها أن تسترد شخصيتها الخلابة والمبدعة فى كرة القدم ، فتلعب بالفطرة والتلقائية ، وبحرية خالصة ومنظمة .. فهكذا كان المنتخب على مدى تاريخه قصة الأهلى والإسماعيلى .. القضية أعمق من موضوع مباراة الأهلى والإسماعيلى ، وأكبر من موعد مباراة الأهلى والزمالك .. فهناك أجيال من الشباب ، ترى عجزا كاملا من إدارة اللعبة الشعبية الأولى من جميع الوجوه . إدارات تزايد وتتلاعب بمشاعر جماهيرها ، وتطرح مبررات مقدمة للهزائم فى صورة احتجاجات على ملعب أو موعد أو حكم أو قرار للاتحاد . وجماهير محتقنة وغاضبة ، ومستعدة للانفلات اللفظى والجسدى . واتحاد لايملك قرارا ، ولا هو قادر على إقناع من يملك القرار .. فهل من المعقول أن تتكرر قصة ملعب الإسماعيلى والأهلى وموعد مباراة الأهلى والزمالك للمرة الخمسين خلال خمس سنوات ؟! هل معقول ألا نعلم أين تقام أو متى تقام أى مباراة مهمة قادمة ؟ وهل يحضر الجمهور أم لايحضر ؟ وماهو عدد هذا الجمهور إذا كان مقررا حضوره ؟ وهل تباع تذاكر للمباراة أم يسمح فيها الحضور بدعوات ؟ هل معقول أن يتكرر ذلك كل اسبوع وكل يوم وكل مباراة ؟! طيب ماذا كنتم ستفعلون لو أن مباراة الأهلى والإسماعيلى بجمهور غفير وستقام فى الإسماعيلية. المباراة اليوم بدون جمهور ، بدون صوت ، بدون تلك الموسيقى التصويرية التى تضفى البهجة والحياة على المدرجات .. والملعب هو بترو سبورت ، وذلك ماهو مقرر حتى الساعة ، ولا أحد يعلم ماذا يجرى بعد ساعة .. إنها الكرة المصرية التى تبدو دائما مثل سفينة فى مهب الريح أو ريشة تلعب بها الرياح .. الأهلى والإسماعيلى مباراة مهمة دائما ولأسباب كثيرة ، تاريخية ، وقديمة وجديدة . وزادت درجة أهميتها بعد فوز المصرى على الأهلى ، وبعد ارتفاع الحديث عن بطولة الدورى التى فى الملعب .. ألم يكن ذلك واردا .. فلماذا يكتب أصحاب الخيال سيناريو أو تصورا يقول مضمونه إن الأهلى فاز بالدورى قبل أسابيع ، دون النظر إلى احتمالات عثرات ليست فى الحساب؟! على أى حال مباريات الأهلى والإسماعيلى تحكمها القاعدة : دافع بقوة وبصلابة وهاجم بسرعة وبشراسة . . الأهلى فريق يمتلك قوة ذهنية بالغة حتى لو هزم فى مباراة أو فى مباراتين . و هو بالطبع فريق لايخسر بسهولة ، وفى الأسابيع الأخيرة لايفوز أيضا بسهولة ، وعنده كرة جماعية ، وخط وسطه قبل سنوات كان هو عموده الفقرى والأساسى . حين كان الخط الذى يهاجم ويدافع ، ويبنى الهجمات ، ويفسد هجمات المنافس . و يضبط إيقاع الفريق .. لكنه الآن لم يعد كذلك ، كما كانت قوته فى جبهتيه اليسرى واليمنى .. يمتلك الإسماعيلى مهارات رائعة ، ومواهبه منتشرة وموزعة وموجودة فى كل الخطوط . مهما كان الفريق فى حالة غير طبيعية ، فإنه يعود إلى حالته حين يواجه الأهلى ، يعلم ذلك كل مشجع للإسماعيلى وللأهلى أيضا .. والدراويش يلعب بأقدام لاعبيه وهم يستخدمون مهاراتهم الفردية كأهم الحلول ، ولاحظ تمريرة كل منهم كيف تكون فى اللحظة الأخيرة التى يظن فيها المنافس أن الكرة أو الجزرة أصبحت فى يده .. لكن الإسماعيلى فقد تلك الشخصية الشهيرة التى لعب بها كرة القدم لمدة نصف قرن . كرة فرقة رضا للفنون الكروية .. الكرة التى تنتزع الإعجاب والأهات .. فى النهاية هى واحدة من المباريات التى ننتظر فيها متعة اللعب والمشاهدة .. حتى لو كانت على أنغام الصمت ، بدون جمهور وبدون موسيقى ، وبدون هذا الصخب الذى يحركه الانفعال. .. لمزيد من مقالات حسن المستكاوى