تواصلت الأصداء العالمية الرسمية والإعلامية علي الحكم الذي صدر في محاكمة القرن ضد الرئيس السابق محمد حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي في قضية قتل المتظاهرين. امتنعت الحكومة البريطانية عن التعليق مباشرة علي الأحكام الصادرة في محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه ووزير الداخلية السابق ومساعديه, وقالت الخارجية البريطانية إن لندن سوف تواصل متابعة هذه العملية عن كثب. ومن المعروف أن بريطانيا كانت لها علاقات قوية مع نظام مبارك المخلوع, غير أنها حاولت بعد الثورة أن تنفي هذه العلاقة, قائلة إن الرئيس السابق لم يزور لندن خلال سنوات حكمه الأخيرة سوي مرة واحدة. ويقول المسئولون البريطانيون إن مبارك لم يكن راضيا عن وجود معارضين له مثل بعض الإسلاميين في بريطانيا. وقال المتحدث باسم الخارجية البريطانية إنمن المفهوم أن المصريين يريدون تحديد المسئول عن أعمال قتل متظاهرين غير مسلحين خلال الثورة في مصر, وإنهاء سياسة الحصانة, وتعزيز سيادة القانون. وكانت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية قد رفضت في وقت سابق التعليق علي العقوبة التي قضت بها المحكمة بعد الاستماع إلي الأدلة التي تم تقديمها أيا كانت, مشيرة إلي أن الأمر يخص الشعب المصري ونظامه القضائي وحكومته. وأعربت كلينتون عن تطلعها لتشكيل حكومة تلتزم بتحسين حياة الناس والاقتصاد في مصر وتتعامل مع كثير من التحديات التي تواجه دول العالم اليوم علي أساس عملية انتخابية حرة وعادلة وشرعية تعكس إرادة الشعب المصري علي ضوء عملية التحول التي بدأت في ميدان التحرير, مؤكدة أن الولاياتالمتحدة تقف علي أهبة الاستعداد للمساعدة بأي طريقة في وسعها.وفي غضون ذلك, رصدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية ردود فعل المصريين في أعقاب الحكم, مشيرة إلي تباين الآراء بين أراد الشعب المصري ما بين مؤيد للحكم ومعارض له. وقالت المجلة إن الخطاب المنمق الذي استهل به قاضي المحكمة المستشار أحمد رفعت قبل النطق بالحكم وتأكيده علي فساد نظام مبارك علي مدي30 عاما بث بارقة أمل في نفوس أهالي الشهداء, غير أنه تضارب مع الحكم المبهم الذي فتح الباب علي مصراعيه للاستئناف. وأشادت بأسلوب القاضي الثابت في تعامله مع الجلسة التي وصفتها بأنها كانت علي صفيح ساخن, غير أنها اعتبرت أن كلمات رفعت الشعرية لم تنجح في تهدئة غضب المتظاهرين المطالبين بإعدام الرئيس السابق وكل من تلوثت أيديهم بدماء شهداء ثورة25 يناير, لافتة إلي توافد المئات من المتظاهرين للاعتصام في ميدان التحرير احتجاجا علي الحكم الذي صدر بحق مبارك والعادلي, فضلا عن تبرئة نجلي مبارك ومعاوني العادلي. وأكدت المجلة أن هذا الحكم يعد بمثابة رسالة قوية للرئيس المصري القادم, والذي يجب أن يعي جيدا تنامي النضج الديمقراطي لدي الشعب المصري وقدرته علي التمييز جيدا بين الرئيس الذي يعمل في مصلحة الوطن ومن يعمل لمصلحته الشخصية. وأشارت إلي أن تبرئة مساعدي العادلي من شأنه إثارة موجة جديدة من الجدل لدي الشارع المصري. في الوقت ذاته, ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن المتظاهرين الذين نزلوا إلي ميدان التحرير بعد الحكم علي مبارك كان دافعهم الشعور بضرورة إنقاذ الثورة, وأشارت إلي أنه علي الرغم من فرحتهم بالحكم المؤبد علي الرئيس السابق ووزير داخليته, فإنهم غضبوا من الحكم ببراءة مساعدي وزير الداخلية السابق. وأضافت أن أحكام البراءة اعتبرها بعض المصريين بمثابة مناورة من المجلس العسكري لحماية بقايا النظام السابق. ومن جانبها, رأت صحيفة الجارديان البريطانية أن الثورة المصرية المتعثرة الخطي اتخذت منحي دراميا جديدا بعد الحكم الصادر ضد مبارك, مشيرة إلي أن النشوة الأولية السريعة بهذا الحكم التاريخي, وهو الأول ضد حاكم عربي, تحولت وبسرعة إلي ما وصفته ب التشوش والالتباس وبعد ذلك إلي حنق شديد خرج معه المصريون إلي الشوارع مع سماع تفاصيل وحيثيات الحكم. ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين قولهم إن الحكم انتصار للنظام البائد ويبعث بإشارة علي أنه ما زال يحكم بقبضته علي البلاد. وأضافت أن الحكم يدل علي أن النظام عازم علي قطع رؤوسه ورميها من أجل الاحتفاظ بباقي الجسد. ونقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين خارج المحكمة قوله هذا ليس حكما, مبارك رجل ميت علي أي حال, لكن الآخرين ينبغي إعدامهم عشرات المرات, دماء شبابنا رخيص, ينبغي علينا العودة إلي بيتنا الروحي: ميدان التحرير. ومن جهتها, نقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن سياسيين مخاوفهم حول رغبة المجلس العسكري في إجراء انتخابات حرة ونزيهة, مشيرة إلي أن فوز مرشح المجلس المفضل الفريق أحمد شفيق ربما يعيد الثوار مجددا إلي ميدان التحرير. وأشارت الصحيفة إلي أن المرشح الذي يمثل مشكلة من وجهة نظر المجلس العسكري هو الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين, خاصة في ظل العلاقات المتدهورة بين المجلس والجماعة. وأضافت أن رئيس مصر الجديد لن يكون المتفاوض الوحيد مع الجيش حول مستقبله, وأن الشعب القوي سيكون له قولا فصل حول كيفية حكمه, وسوف يرغب في العودة إلي للتحرير إذا شعر أن حقوقه الديمقراطية انتزعت منه.