إن فضيلة الإنفاق تحمل فؤائد متعددة وتحميه من شرور الفقر والكراهية والبغضاء والعوز الذي يصيب المحتاج والفقير والمسكين والذي يعاني ربما من إلتهاب الأسعار حيث تعدت مرحلة الإرتفاع هذا من قبيل التراحم والتكافل الذي تحض عليه الأديان السماوية وبالإخص ديننا الحنيف لأن الإنفاق يحصن المال ويطهره ويزكي نفس المنفق حيث يقول تعالي في قرأنه " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" ، فنري في الشوارع والميادين حب المتاجرة الرابحة مع الله في إنتشار موائد رمضان لإطعام الصائمين وتوزيع شنط رمضان علي الغلابة والمحتاجين لتحصيل الاستثمار النافع فالجميع مشمر للطاعة حتي ينطق لسان الفقير يا ليت السنة كلها رمضان. ويقول الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفًا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا " ، والإنفاق يكون حسب المقدرة وأن يكون المال من حلال وينفق بسخاء نفس وأجود ما يحب المنفق " لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون" صدق الله تعالي ، ويروي أنس بن مالك رضي الله عنه قائلاً : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل وكان أحب أمواله " بيرحاء" وكانت أمام المسجد والرسول الكريم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب ، فلما أنزلت هذه الآية قال أبو طلحة للرسول الحبيب يا رسول الله إن أحب أموالي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ، فقال الرسول بخ بخ ذلك مال رابح" . والإنفاق ليس بالكثرة ولا بالقلة وإنما يكون بالمحبة والمودة والتراحم ولذلك يقال " إذا كان الغني صاحب صدقة فالفقير صاحب صدق " فالغني ينفق من ماله والفقير ينفق من حاله ، وقد كانت بنت الحبيب فاطمة رضي الله عنها تعطر الصدقة وعندما سألوها قالت " أنها تسقط في يدي الله عز وجل أولا، ومن فوائد الإنفاق البركة وزيادة المال فقال تعالي " يمحق الله الربا ويربي الصدقات" وقال الرسول " ما نقص مال من صدقة " وفي حديث آخر " صنائع المعروف تقي مصارع السوء " ، وبسببه ننال رحمة الخالق "ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة" ، وفي الحديث " لا حسد إلا في أثنتين رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه أناء الليل وأناء النهار ، ورجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناه النهار "، وبفضل الله لو سألت المنفق في سبيل الله كم أنفقت لقال لا أدري لماذا؟ لأن يده سخية ، وهل نقص مالك؟ لقال بل زاد لأن الله مخلف وجواد. ورمضان شهر الإنفاق بكل ما تحتويه الكلمة فليس إنفاق المال فحسب بل له صور واجبة الإتيان في كل شهور السنة فرب رمضان رب كل الشهور ، منه الوقت في سبيل الله لصلة رحم وزيارة صديق ومريض ورعاية الأسر وكفالة المتعففين والأيتام ، كما قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم " الساعي علي الأرملة واليتيم كالصائم الذي لا يفطر وكالقائم الذي لا يفتر " ، ولا تنسي المقربين فجاء رجل للرسول وقال : عندي دينار قال أنفقه علي نفسك، قال عندي آخر قال أنفقه علي أولادك ، قال عندي آخر قال: " الأدني فالأدني " ، فأفضل الصدقة تكون علي القريب وخاصة إذا كان لا تجب عليك نفقته فالزكاة لا تصح علي الولد والزوجة والوالدين والأخوات إذا كانوا تحت رعايتك ، وإن كان رمضان شهر النفقات من إفطار الصائمين وإطعام الجائعين وإيصال الصدقات إلي مستحقيها، إلا أنه يجب عدم الوقوع فريسة لمتسولي إشارات المرور بالشوارع والأرصفة وإبداعاتهم في دغدغة المشاعر لابتزاز الكرماء مما يستوجب التدقيق في مصارف الإنفاق علي الفقراء وأهل العوز والاحتياج الحقيقي .. فقد ورد في الحديث النبي أبو الكرماء ما معناه " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان ، إنما المسكين المتعفف الذي لا يجد غنياً يغننه ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يسال الناس شئيا " ، فالتحري حق للمحتاجين وحرمان للأدعياء[email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ