كثيراً ما ينمّ اختيارك لوصف الشىء عن موقفك منه وعن حكمك عليه، مثل القول السائد المُسمَّى بالمجاهرة بالإفطار فى شهر رمضان، بما تنطوى عليه كلمة "المجاهرة" من إيحاءات ظاهرة ومستترة. إيه الموضوع؟ وما الذى يجعله بهذه الأهمية لدى أصحابه؟ وهل الأصل أن يكون الصائم فى بيئة لا تضم إلا الصائمين؟ وإذا كان جوهر الصوم هو جهاد النفس بالامتناع عن الطعام والشراب والالتزام بشروط أخري، فما الضرر فى أن يكون فى الجوار مفطرون؟ ثم، هل نصب المفطرون موائد فى الميادين والشوارع تحدياً للإسلام والمسلمين أو لدعوة الصائمين إلى الإفطار معهم أو لغوايتهم أو للسخرية من دينهم وشعائرهم؟ وما دام أن هنالك استحالة من المجاهرة بهذا السفور، فهل المقصود منع الناس من ارتياد المطاعم والمقاهى بما يعنى إغلاقها خلال النهار؟ أليس هنالك حساب لخسائر المسلمين من أصحاب هذه الأعمال؟ طبعاً، لا مجال لمناقشة أصحاب الدعوة بالإشارة إلى أن هناك ملايين الأقباط لا يلزمهم دينهم بصيام رمضان، فهم فى رأيهم كفار لا حق لهم! طيب، وماذا عن عشرات الملايين من المسلمين المرضى الذين رَخَّص لهم الدين بالإفطار، ومنهم من يجب عليه أن يتناول الطعام بأمر الأطباء وإلا تعرضت صحته للأذي؟ ثم إن مصر بلد سياحي، أو تطمح فى أن تكون كذلك، وإذا نجحت فى طموحها فسوف يجيئها عشرات الملايين من كل الأديان والملل والمذاهب، فهل من المقبول أن يحسوا بأنهم أسرى عليهم أن يجوعوا ويعطشوا، فى وقت أغلقت فيه المطاعم والمقاهى وليس لديهم بيوت خاصة يتسترون فيها بأكل وشرب! وما هى حكاية التحجج بأن هذه بلاد الإسلام وبأنه على الضيوف أن يحترموا تقاليدنا، فى وقت تنقلب فيه الحجة إلى نقيضها عند الذهاب لبلاد أغلبيتها من غير المسلمين، فيصرون على التمسك بأزيائهم وعاداتهم حتى المتعارض فيها مع البلد المضيف، وحجتهم فى هذه الحالة وجوب احترام خصوصيتهم ودينهم وثقافتهم! هل هذه من نتائج الاستجابة للثورة الدينية التى نادى بها الرئيس السيسي، ووعدت رموز المؤسسات الدينية بتطوير المناهج والخطاب ليتماشى مع العصر وينفتح على الآخر؟ لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب