على عكس كل التكهنات التى تزعم ان العلاقات المصرية -السعودية تعتريها بعض الخلافات فإن المشهد على ارض الواقع كان يؤكد أن العلاقات بين البلدين الشقيقين راسخة، وتشهد زيادة فى القوة والمتانة على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو ما ظهر جليا فى مشاركة مصر فى التحالف العربى الاسلامى لمواجهة الارهاب وكذلك مشاركة قوات الانتشار السريع المصرية فى مناورة رعد الشمال فى مدينة حفر الباطن السعودية، والتى حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى الى جانب شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الذى يحل ضيفا عزيزا على ارض الكنانة فى زيارة رسمية تستمر خمسة أيام. ولايخفى على المراقب أن مصر والسعودية هما محور المنطقة العربية والشرق الأوسط ، بل هما صمام الأمان للمنطقة باعتبارهما ذواتى ثقل سياسى وعسكري، ويتضح ذلك جليا فى عدد الزيارات المتبادلة بين الزعيمين والزيارات التى قام بها الرئيس السيسى للمملكة خلال العام الماضى منذ تولى الملك سلمان الحكم، فضلا عن الاتصالات الهاتفية وحجم زيارات المسئولين من كلا البلدين . ففى الثامن من فبراير عام 2015م، أكد خادم الحرمين الشريفين فى اتصالٍ هاتفيّ تلقاه من الرئيس عبدالفتاح السيسى أن «موقف المملكة تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير، وأن علاقة المملكة ومصر أكبر من أى محاولة لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين». وفى مطلع مارس 2015م، كانت أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسى للمملكة وكان خادم الحرمين الشريفين فى مقدمة مستقبليه بمطار الرياض، وعقب هذه الزيارة، وتحديداً فى 13 مارس 2015م، تلقت القاهرة دعماً بلغ أربعة مليارات دولار فى المؤتمر الاقتصادى الذى عُقِد بمدينة شرم الشيخ. ثم شاركت مصر بقوات جوية وبحرية ضمن التحالف الدولى «عاصفة الحزم»، فى 25 مارس 2015م، من أجل عودة الشرعية فى اليمن ضد الحوثيين. وكانت مصر الوجهة الأولى لزيارات الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الخارجية فى 28 مارس 2015م، وترأس خلالها وفد المملكة إلى القمة العربية السادسة والعشرين التى عُقدت فى مدينة شرم الشيخ. كما زار الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع القاهرة فى 14 ابريل من العام الماضى حيث التقى الرئيس السيسي، وقام الرئيس السيسى للمرة الثانية بزيارة المملكة فى 2 مايو 2015 واجرى مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين فى قصر العوجة بالرياض. وفى 12 مايو 2015م، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة. وخلال زيارته الرسمية الأولى للقاهرة للقاء كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسامح شكري، وزير الخارجية، فى نهاية مايو الماضي، أشار وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى أن التنسيق بين السعودية ومصر مستمر بخصوص اليمن وسوريا، مبينا أنه «لا يوجد خلاف أبدا بين الرياضوالقاهرة». ولا ينسى الشعب المصرى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان «إدانة المملكة واستنكارها للهجوم الإرهابى الإجرامى الجبان» الذى استهدف النائب العام المصرى هشام بركات، رحمه الله، وذلك خلال اتصال هاتفى بالرئيس السيسي فضلا عن تجديده وقوف المملكة مع مصر فى حربها ضد الارهاب فى سيناء و فى مواجهة كل ما يستهدف أمنها واستقرارها . وتعددت الزيارات المصرية والسعودية المتبادلة حيث استقبل خادم الحرمين سامح شكرى وزير الخارجية المصري، فى 24 يوليو 2015م، حيث استعرض «شكري» وجهة نظر ورؤى القيادة المصرية إزاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية والعمل المشترك. ثم جاء «إعلان القاهرة»، خلال زيارة ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، فى 30 يوليو 2015م، حيث تضمن الاتفاق وضع حزمة من الآليات التنفيذية، تشمل تطوير التعاون العسكرى وإنشاء القوة العربية المشتركة، وتعزيز التعاون المشترك والاستثمارات فى مجالات الطاقة والربط الكهربائى والنقل، كما نص الاتفاق على تكثيف التعاون السياسى والثقافى والإعلامى بين البلدين. وتعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للقاهرة فى كثير من التحليلات السياسية للخبراء السعوديين من أكثر اللقاءات أهمية من حيث المغزى والتوقيت، فهى تأكيد واضح لقوة العلاقة بين البلدين الشقيقين وترسيخ لمزيد من أوجه التعاون فى كل المجالات لخدمة المصالح الوطنية لكل منهما ولمصلحة المنطقة العربية ككل وحفاظ على وحدة الصف العربى.