يعتبر الجاسوس بالنسبة للدولة التي تجنده ثروة مهمة تحتاج إلي كل وسائل الحماية والرعاية والاندفاع في الدفاع عنه حال اكتشافه... بل إن بعض الدول أصبحت تري في أسرار عمليات التجسس التي تقوم بها شيئا من المحرمات التي لا يجوز البوح بها بعد عشرات السنين نظرا لاتصال الحلقات التجسسية. ولعلنا نذكر كيف حاولت الحكومة البريطانية منع نشر كتاب صائد الجواسيس الذي يتضمن مذكرات ضابط سابق من جهاز الاستخبارات البريطانية يدعي بيتر رايت, ووصل الأمر بالحكومة البريطانية إلي استنفار أجهزة الجمارك في المطارات والموانئ البريطانية للتفتيش في حقائب القادمين خصوصا من أمريكا لمنع دخول الكتاب إلي أراضيها لا لشيء إلا لحماية بعض الجواسيس من الانكشاف! وأيضا فكلنا نتذكر كيف حاولت إسرائيل عام 1990 وقف نشر كتاب لضابط سابق في الموساد هو فيكتور أوستروفوسكي رغم أنه طبعه في أمريكا وكندا, وكان هدف إسرائيل الذي لم تنجح فيه هو عدم كشف بعض العملاء والجواسيس الذين جندتهم وزرعتهم داخل بعض الفصائل الفلسطينية المتطرفة ليكونوا عينها وأداتها الرئيسية في عمليات الاغتيال القذرة, أو إثارة المصادمات والفتن بين الحين والحين في الصف الفلسطيني. والحقيقة أنه رغم التقدم العلمي الهائل ودخول البشرية عصر الأقمار الصناعية التي ترصد دبة النملة في أي مكان, وعصر الكمبيوتر الذي يحلل الرموز والأرقام يظل الجاسوس البشري هو الأهم بالنسبة لجميع أجهزة الاستخبارات في العالم حتي اليوم. وليس سرا أن أخطر وسائل التجسس الآن هي ارتداء عباءة البحث العلمي أو التستر بعضوية الجمعيات والمنظمات متعددة الجنسيات.. وتحت لافتة الحق في دراسة سيكولوجية الشعوب أو الاطمئنان لاحترام حقوق الإنسان يوجد الخيط الرفيع بين التجسس وممارسة العمل العام... وهنا لا تقتصر مهمة الجواسيس علي مجرد نقل المعلومات فقط وإنما تشمل في المقام الأول زرع انطباع بأن عالم اليوم لم تعد فيه أسرار, وأن كل شيء معلن ومذاع وأن أجهزة الاستخبارات القوية لها عيون في كل مكان وعلي مختلف المستويات. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: ليس كل من يبتسم في وجهك صديقك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله