ليس هذا مجرد مشاعر لفنان مصرى يعيش فى الغرب منذ 30 عاما ولكنه إحساس عميق بالوطن الأم.. بمصر.. هذا ما أستشعره باستمرار عندما أشاهد فنانينا المصريين فى الخارج وهم يسعون لتقديم إبداعهم فى مصر. فى الوطن الذى أيضا أستشعر أنه داخل وجدانهم وليس هذا فقط ولكن أستشعر أنه بداخل عمق كل واحد فيهم. أسعد بحفل للفنان العالمى عازف البيانو رمزى يسى فى دار الأوبرا المصرية.. هذا الأسبوع سعدت بمشاهدة حفل الفنان المايسترو وأستاذ الإيقاع بجامعة ميونيخبألمانيا وهو يقدم حفله الذى تداخلت فيه مصر بفنها العريق مع فن الغرب. قدم المايسترو عادل شلبى الذى يرأس قسم الإيقاع بجامعة ميونيخ أعمالا مصرية وأخرى ألمانية. من مصر قدم لنا موسيقى عمر خيرت وموسيقى الموجي. وليقدم بعد ذلك واحدة من أشهر الأعمال الألمانية فى الفترة الماضية وهى «كارمينا بورانا» للمؤلف الألمانى كارل أورف وبالمناسبة هذا الموسيقار زار مصر وأيضا زارت مصر أرملته قبل عدة سنوات وبالطبع هذه الزيارات بسبب صداقة حقيقية بين الفنان المايسترو عادل شلبى والفنان العالمى كارل أورف. وبمناسبة عادل شلبى فقد عاصرته طالبا بكونسيرفتوار مصر. أمامنا على خشبة المسرح أكثر من 100 طالب وطالبة من جامعة ميونيخ يشكلون «كورال» أى الغناء الجماعى والمهم هنا هو أنهم طلبة فى جامعة علمية وليس فى كونسرفتوار للعلوم الموسيقية. وأعتقد أن هذا هو التعليم الذى ننشده لطلابنا وطالباتنا حتى يتذوقوا الفن الجيد ويبتعدوا عن المسف منه. إنه التعليم الشامل الذى يقدم للمجتمع المواطن الذى يعرف طريقه الصحيح للبناء وليس الهدم. قدم المايسترو عادل شلبى الربابة والرق لأول مرة داخل الأوركسترا الألمانى ببراعة شديدة استطاع دمج هذه الآلات مع الآلات الوترية والنحاسية وغيرها. قدم الكورال الألمانى يغنى بالعربية «أنا كل ما أقول التوبة يابويا ترمينى المقادير». الجمهور هنا فى الأوبرا المصرية بين الهتاف والتصفيق وبين الإعجاب وأيضا بين الدهشة والاستغراب لوجود آلاتنا الشعبية شديدة القدم داخل هذه المنظومة الغريبة. وإذا كنت أحيى عادل شلبى على سعيه باستمرار لتقديم أعماله فى مصر.. أحيى أيضا د. إيناس عبدالدايم عازفة الفلوت ورئيس دار الأوبرا على تواصلها الدائم مع فنانينا فى الغرب لإشباع المتلقى المصرى بفنهم فى بلدهم. لأهمية الحدث.. كان حديث السفير الألمانى بالقاهرة ترحيبا بضيوفنا وترحيبا بالمايسترو عادل شلبى وبالجمهور المصرى الذى احتشد لحضور هذا الحفل الكبير. كان اسم الحفل العام الماضى أو عنوانه هو «بين الشرق والغرب» وأرى أن هذا هو العنوان الصحيح أيضا لحفل هذا الأسبوع عندما نستمتع بالفن الغربى من ألمانيا.. ومن الشرق من فنانى مصر. سعادة حقيقية نشاهد العازف الألمانى إلى جانب العازف المصري.. ونشاهد مغنية الأوبرا المصرية إلى جانب مغنية الأوبرا الألمانية.