كان كل أمله أن يجد عملا كريما يعينه علي هموم الدنيا وحوائجها بعد أن خرج للمعاش ولم تعد جنيهاته القليلة تكفيه واسرته لتوفير متطلباتهم فبدأ في البحث مستعينا بمن يعرف ومن له من زملاء وأصدقاء وكان له ما طلبه فوجد ضالته في عمل بسيط حارس لأحد المخابز الآلية ، وظيفة مناسبة قدر الله ان يدفعها اليه عن طريق صديقه الخفير الذي لم يجد غضاضة حينها في ان يقدمها لزميله مع كل الأمنيات بالتوفيق والنجاح. فقد كانا عشرة عمر يتقاسمان الهموم والمشكلات كما يتقاسمان الطعام والشراب وكتب له ان يكون ذلك العمل ليوفر لقمة العيش التي طالما سعي اليها وطلبها فاجتهد حتي نال ثقة أصحاب المخبز واستقر فيه ونجح بخبرته في كل ما أسند له من تأمين لمحل عيشه الذي وجه له كل ولائه واخلاصه ولم يكن لينسي صديقه الذي ساعده علي الالتحاق به وزكاه لدي أصحابه فكان مع كل فرصة يشكره ويدعو له ، لكن دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولأن النفس امارة بالسوء ولم يكن الشيطان ليترك بني آدم يهنأون فقد تحول الصديق فجأة لم يعد ذلك الأخ الذي كان بعد ان تملكه الشيطان وزين له أنه صاحب الفضل الأول في التحاق زميله بالعمل وأنه الأجدر في الفوز به ولم لا وهو من عرفه علي مالكيه أو ليس هو الاحق بما لحق به من نعمه ، ناسيا ان الله هو مدبر الأرزاق و مسبب الاسباب وهو جل وعز من جعله سببا أينما كان وازداد الأمر شيئا فشيئا لم يعد مجرد هاتف أو وسواس بل رغبة ملحه تضغط عليه مع كل أزمة مالية يقدم عليها وكان الشيطان قد احتل عقله زين له الانانية وحش ظل ينهش فيه حتي اتخذ قراره بالذهاب لصديقه طالبا منه التنازل عما سبق ووفره له من فرصة عمل معتقد ا أنه سيتركه له بينما رفض الثاني الذي تشبث بوظيفته رافضا تركها بعد ان وجد فيها ملاذه ووفرت له ما كان يريده وهنا دب الخلاف بينهما للمرة الأولي ونشبت الفرقة وشرع الشيطان ليكمل جريمته . تلقي اللواء حسن سيف مساعد الوزير مدير أمن الشرقية، إخطارا من اللواء هشام خطاب مدير ادارة البحث الجنائي بتلقيه بلاغا من مستشفي فاقوس العام بوصول ن ع ج 61 سنة خفير خصوصي مقيم عرب مفتاح دائرة المركز مصابا بكسر بقاع الجمجمة وأنه لفظ انفاسه بعد وصوله متأثرا بإصابته فقرر التحفظ علي الجثة واخطار النيابة وتشكيل فريق بحث باشراف مدير المباحث الجنائية وقيادة العميد احمد عبد العزيز رئيس المباحث الجنائية لكشف غموض وملابسات الحادث - وتوصلت التحريات التي قام بها المقدم مصطفي عرفة رئيس مباحث مركز فاقوس ومعاوناه النقيبان محمد حيدة وحسن إبراهيم أن مشادة كلامية نشبت بين المجني عليه وصديقه «م م 44 سنة خفير خصوصي مقيم بذات القرية ، بسبب العمل في حراسة أحد المخابز بقرية مجاورة كان الصديق ساعد المجني عليه في الالتحاق به لمعرفته بالقائمين علي المخبز ولمروره بضائقة ماليه طلب من المجني علي التخلي عنه له ظنا انه بامكانه اقناعه بتركه له لكن الأخير رفض وبشده ما أدي لنشوب مشاجره بينهما غادر علي أثرها المتهم بعد تدخل بعض افراد القرية ليعود في اليوم الثاني بعد ان اضمر في نفسه شيئا واستقر بداخله أن يزيحه من طريقه مهما حدث لكن إصرار المجني عليه كان أقوي فتطورت المشاجرة لعراك قام علي اثره المتهم بضرب صديقه بشومه علي راسه ليهشمها ثم يلوذ بالفرار تم القبض علي المتهم وبمواجهته بالتحريات اعترف بجريمته وأمام محمود الحاكم رئيس نيابة فاقوس أقر القاتل بجريمته مبديا شديد الندم والحسرة علي تهوره واندفاعه لقتل صديقه ورفيق رحلته ولكن كما يحدث دائما حيث لا ينفع الندم