الحصر العددي لانتخابات الإعادة في الدائرة الثالثة بأسيوط    مسيرات مجهولة تثير الرعب قرب طائرة زيلينسكي أثناء زيارته أيرلندا (فيديو)    ميتا تخفض ميزانية "الميتافيرس" وتدرس تسريح عمال    الأنبا رافائيل يدشن مذبح «أبي سيفين» بكنيسة «العذراء» بالفجالة    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة قبيا غرب رام الله بالضفة الغربية    وزير الأوقاف ينعي شقيق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    عصام عطية يكتب: الأ سطورة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    عاجل- أكسيوس: ترامب يعتزم إعلان الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل أعياد الميلاد    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    "الأوقاف" تكشف تفاصيل إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية للممتلكات التابعة لها    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    البابا تواضروس الثاني يشهد تخريج دفعة جديدة من معهد المشورة بالمعادي    قفزة عشرينية ل الحضري، منتخب مصر يخوض مرانه الأساسي استعدادا لمواجهة الإمارات في كأس العرب (صور)    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    محطة شرق قنا تدخل الخدمة بجهد 500 ك.ف    وزير الكهرباء: رفع كفاءة الطاقة مفتاح تسريع مسار الاستدامة ودعم الاقتصاد الوطني    إعلان القاهرة الوزاري 2025.. خريطة طريق متوسطية لحماية البيئة وتعزيز الاقتصاد الأزرق    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    غرفة التطوير العقاري: الملكية الجزئية استثمار جديد يخدم محدودي ومتوسطي الدخل    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    مراسل "اكسترا": الأجهزة الأمنية تعاملت بحسم وسرعة مع بعض الخروقات الانتخابية    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    دار الإفتاء تحذر من البشعة: ممارسة محرمة شرعا وتعرض الإنسان للأذى    كرة سلة - سيدات الأهلي في المجموعة الأولى بقرعة بطولة إفريقيا للاندية    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    كيف يقانل حزب النور لاستعادة حضوره على خريطة البرلمان المقبل؟    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناوشات مع سيد الشوارع المختبئة.. مكاوى سعيد:
أكتب للمتعة والمعرفة بلا إغراق فى الفلسفة
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 02 - 2016

أن تحبك جيهان يعنى أن يسقط تمثال قبل اكتماله، وأن تسقط طبقة من فرط شيخوخة الزمن وهو يعبر فوقها وتسكن تحت ظله بلا حراك, أن تحبك جيهان يعنى أن تمشى على جسر بين اللذة والمعرفة وأن تسقط فى الحالين لأنك صرت بطلا سلبيا يندفع وينتظر ولا يصل غالبا فى الحالين
أن تحبك جيهان يعنى أن تنتظر ثورة لا تعرف موعد قدومها مع أنها ترافقك كظلك طول الوقت وتختار لك عملك وانتماءك وربما موتك البهى,
أن تحبك جيهان يعنى أن تكتب الرواية بذائقة السينما لتهرب من الوصفة الجاهزة والمعلبات الفنية والاستعارات سابقة التجهيز ، فيقدم مكاوى شخصياته بطريقة الشهادات عبر ثلاثة أبطال هم أحمد الضوى وريم وجيهان، ولكل منهم قصته الخاصة.. الضوى فاقد الثقة فى كل شيء بعد زلزال 1992، وريم فاقدة الثقة فى المجتمع كله بعد تفكك أسرى ومعاينة الجريمة وظلالها وهى طفلة تزور مع والدها ناديا للقمار، وترى الخطايا والقتل كتمرين على القسوة، وجيهان الحائرة بين واقعية الصورة ومغامرة اللوحة والتمثال، والتى تتبنى موهبة زوج مثال يفشل فى اكتمال موهبته حتى مطلع التمثال، وتقديم نموذج جديد ل«نهضة مصر»، وترضى بالحيرة طريقا حذرا بعد فشل تجربتها مع تميم.
أن تحبك جيهان يعنى أن فرويد لم يمت وأن تحليله قادر على إثارة الدهشة وقراءة الوجوه الحائرة بين انتماءاتها وأجسادها التى تكتب سفر الحياة والموت وأن مواقيت الميلاد والموت والإرث قادرة على فك أسرار الوجود .
أن تحبك جيهان يعنى أن السر يكفى لتقديم رؤية، وأن الرائى ليس بحاجة ماسة إلى الإغراق فى حداثة الطرائق الكتابية لتقديم وجبته الفنية بلغة تهزم السرد .
أن تحبك جيهان يعنى أن العمل الناقص هو أروع الأعمال الفنية وأن البحث عما ضاع منك فى القراءة ليس عيبا، بل حيلة فنية لدفعك إلى الاستماع بإنصات إلى شهادات أبطال الرواية وخاصة الثلاثة الأصليين منهم وأن تقول شهادتك . فى تفسير ما جرى .
أن تحبك جيهان يعنى أن مكاوى سعيد تخلص من أثر «تغريدة البجعة» بشاعريتها المكثفة ودخل معمدانية السرد الأقرب إلى روح الصورة السينمائية، وأن محاولته نجحت ولو قال النقاد ما قالوا .. فالرواية البسيطة العميقة فى آن نجحت فى جذب قراء متنوعى الذائقة والمشارب الفنية إلى قراءة رواية لا تشبه أعمال ال»بيست سيلر» وإن بدت كذلك للوهلة الأولى وتعنى أن صورة الفنان ليست واضحة تماما كتمثال بل تظل روح الفنان روحا هائمة وغائمة تحت الجلد تدفعك للثورة على واقعك أو المشاركة فى ثورة لم تكن تعرف موعد قدرها المتجلى فى الشوارع والميادين مع أن خطواتك شاركت لسنوات فى كتابة أشكال الشوارع والعمارات.
أن تحبك جيهان تعنى أننا أمام رواية تدعو إلى تحويلها إلى فيلم بسرعة قبل أن يجف حبر طبعاتها المتعددة خلال العام المنصرم وقبل أن ينسى الناس أن ثورة حدثت وأن تمثالها لم يكتمل كما لم يكتمل تمثال أحد أبطالها .
أن تحبك جيهان يعنى ببساطة أن نقرأ على مهل أسباب ثورة كانت تعيش معنا لسنوات واستيقظت فينا فجأة ولم نعرف كيف نحبها أو نسند تمثالها لينتصب فى الميدان ..
هذه مناوشات حول الرواية مع كاتبها سيد الشوارع المختبئة فى ظلالها, وعمدة وسط القاهرة المؤتمن على أسراره وفضائحه, والكاتب الذى رأى تحت الجلد…
................................................................
700 صفحة لا تكفى
كيف ترد على من يتهم الرواية بالطول وهل تعتقد أن الروايات الطويلة تصلح للقراءة فى زمن اعتاد فيه الناس قراءة الفيسبوك وتويتر بإيقاع سريع للغاية؟
الأمر ليس فى حاجة للرد لأن القراء كفونى ذلك فروايتى نفدت طبعتها الأولى فى 4 أسابيع ونحن الآن فى طبعتها الثالثة ولم يمر على اصدارها غير شهرين، أضف إلى ذلك أن كل طبعة من الرواية ضعف الطبعات العادية لأن الناشر اهتم بتقديمها بسعر فى متناول القراء لذا ضاعف الكمية ليقل السعر، هذا بالنسبة للقراء غير أغلب النقاد الذين لم يروا فيها زوائد وحشو، كما أنى لا اهتم بعدد الصفحات عند الكتابة بقدر اهتمامى بتمام الموضوع، وحتى عندما تخوف الناشر من كبر حجمها قلت له أنى أراهن على القراء وصح توقعي. من يتهم الرواية بالطول غالبا من الكتاب الذين لا يستطيعون الحفاظ على قارئهم لعدد قليل من الصفحات! وهذا شأنهم. أما بخصوص أن الزمن اختلف واعتاد الناس على وسائل التواصل الحديثة، التى تستلزم تقديم جرعات صغيرة فهذا قول مغلوط قالوه منذ سنوات واعتبروا الشعر والقصة القصيرة تناسب العصر ولم يكن ذلك حقيقيا.. أعتقد أن الاستسهال الذى يتناول به الناس الموضوعات المهمة على وسائل التواصل الحديثة رغّبت الناس أكثر فى القراءة الدسمة الممتعة وهذا ما نراه حاليا حتى فى دول الغرب فالأعمال الأدبية المميزة هناك أغلبها من الأعمال الضخمة.
تقول إنك حذفت أجزاء من الرواية فى السباق الأخير لها إلى النشر.. لماذا حذفت وأى الأجزاء قمت بحذفها؟
هذا شيء طبيعى أفعله دائما مع أعمالى طالت أم قصرت، وليس بناء على توصية من أحد مهما كان، وقد حذفت فعلا بعض الشخصيات الثانوية التى وجدت أنها لن تضيف جديدًا، وليس أجزاء بعينها.
لماذا لم تحتف بالمكان كعادتك فى كل كتاباتك فقد توقعت أن تفرد للمكان او مسرح الرواية -وهو وسط القاهرة وخاصة عابدين منشأ الطبقة الوسطى فى مصر - حيزا لتقديمه للقارئ ليفهم تحولات الزمن فى هذا المكان؟
لأنى فى هذه الرواية لم أهتم بالمكان، وقدمت عرضا موجزا لمنطقة عابدين وللصعيد ولمصر الجديدة وللمنيل حسب خط سير الشخصيات ولم أهتم بالتفاصيل خاصة أنى تناولت منطقة وسط البلد كثيرا فى الكتب الإبداعية وغيرها.
تحليل الشخصيات
قدمت تحليلا نفسيا شفافا للشخصيات من دون التورط فى تقديم جرعة فلسفية حول التحليل النفسى كما تفعل الرواية الحديثة الآن فى أوروبا، والتى تقدم جرعات معرفية فى إطارالسرد الروائى؟ هل تفضل أن يكون السرد خالصا لوجه الرواية أم أنك تخاف من الدور السلبى للمعرفة والذى يمكن أن يلون قراءة الجمهور لروايتك؟
أنا أكتب الرواية للإمتاع وللمعرفة دون التورط فى تقديم معلومات تثقلها، بمعنى أن ماتحتاجه الشخصيات والأمكنة التى تحتويهم من شرح وتفسير مبسط أقدمه للقارئ غير ذلك لا أفعل. ولن أتورط فى تقديم فلسفات وأطروحات لأوهم الناس بأنى مثقف وأنا على علم بأن هناك قراء أعلى منى ثقافة ومعرفة أو لديهم خبرات و تخصصات فى حالات أتناولها فى الكتابة، لذا لا أستعرض معلوماتى وأقدم الضرورى منها قاصدًا قارئ غير عالم بهذا الأمر. لأنى فعلا أخاف من الدور السلبى للمعرفة الذى يعطى انطباعات مزيفة للقراء الذين هم استثمارى الأوحد.
من بين ما تخلصت منه أو تحكمت فيه فى شخصيات الرواية وحسمت مصيرهم الشخصيات المؤدلجة كالخال الشاعر والجار الشيوعى هل هو موقف الروائى من الشعراء والمثقفين والشيوعيين أم قراءة لانحسار دور النخبة الثقافية فى الزمن الذى جعلته مدارا للرواية؟
هو قراءة فعلا لانحسار دور النخبة السياسية أولا والثقافية ثانيا فى زمن رواية «أن تحبك جيهان» .. فأنا أحب اليسار وأعتقد أنى احسب عليه كثيرًا وممن الممكن اعتبارى مثقفا وكنت شاعرًا سابقا فكيف يكون لى مواقف ضدهم أنا تحسرت فقط على مآلنا.
قدمت الرواية بمنطق أو تكنيك الفيلم الوثائقى الذى يحررالشخصية من سطوة السيناريو وتركت لها مساحات للتنفس عبر إطار عام تسمح بتقديم الشخصية لشهادتها عن الواقع وعن صيرورة السرد الروائى والشخصيات الأخرى . هل غيرالسرد خططك أثناء الكتابة أم كنت واعيا من البداية لجعل الشخصيات وهى تتطور عبر شهاداتها تشاركك فعل الكتابة؟
غيرت خططى كثيرا فى أثناء كتابة الرواية فأنا معتاد فى أغلب كتاباتى الإبداعية على أن أجعل الشخصيات تقود العمل طبقا للقواعد التى وضعتها لهم فى البداية وممكن القول إنهم شاركونى الكتابة. ففى المخطط الأول كانت النهاية مختلفة بالنسبة لأحمد الضوى وجيهان وللرواية نفسها.. وقد ساعدنى الاهتمام بعالم السينما وسوابق كتابتى له على زرع الشخصيات فى المشهد وتركها تعبر عن نفسها وهذا ما لفت نظر القراء والنقاد وأثنوا على المشهدية فى الرواية، التى تجعلك تقرأ وتشاهد فى الوقت نفسه.
لماذا اخترت شخصية الضابط القامع المقموع من الأقباط ؟ هل هو شخصية نمطية أو رمز على طائفة او شخصية حقيقية رأيت مثلها فى الشارع المصرى فى زمن الرواية وفى السنوات الأخيرة قبل الثورة ؟
فضلت أن أكتب عن ضابط شرطة عنيف وسلطوى وفى الوقت ذاته فرت زوجته من معاملته ولم يقدر على استعادتها لأن عائلته من كبار الضباط كما أن قبطيته أعاقت ترقياته أحيانا ..لأن هذا النموذج استلبنى وبعض ما كتبته حقيقى لأن فيها لمحات من شخصية صديق لي.
لماذا جعلت الزمن بطلك الأساسى . فالرواية تتكيء على زمن بداية صعود او انكسار البطل أحمد الضوى بزلزال 1992 الذى جعله يغير قناعاته .. ماذا يمثل لك الزلزال والكوارث الطبيعية التى حدثت فى مصر منذ التسعينات حتى قيام ثورة يناير وهل لعبت دورا فى زيادة الوعى السياسى بانهيار الدولة؟
زلزال 1992 هزنى بشدة ...أن ترتج الأرض من تحتك وهى التى كانت بالنسبة لك الثبات واليقين والأمان شئ مخيف، وهو يبدأ فجأة وينبعث من السكون وهكذا كانت أحوالنا قبل ثورة 25 يناير لذا وضعت أحمد الضوى فى بداية صعوده بداخل هذه المحنة التى أردته فى النهاية.. وبخصوص الكوارث الطبيعية هى تحدث فى كل المجتمعات وليست فى حد ذاتها دليلا على شئ لكن طرق مواجهتها وتقليل خسائرها وتعويض ضحاياها هو الذى يشى بالنظم المهترئة القابلة للانهيار.
ترصد فى الرواية شخصيات من الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة التى كانت تعانى انهيارا شرحته عبر شهادات الشخصيات فى الزمن الذى رصدت فيه البلاد والشخصيات والطبقة.. لماذا التوقف عند هذه الشريحة وما دورها فيما وصلت اليه مصر فى السنوات الأخيرة لعهد مبارك والتى أدت إلى الثورة بعد ذلك؟
الطبقة الوسطى ليست شريحة فى مصر بل هى عموم الشعب، وعندما تبدأ فى التآكل فذلك خطر داهم على الوطن، وللأسف هذا الخطر مازال موجودا ويتعاظم وهو ما جعلنى أختار المدى الزمنى للرواية أن يكون فى العام الأخير من حكم مبارك، وأن أهتم بهذه الطبقة الوسطى بالذات.
لماذا شاركت الشخصيات السلبية مثل أحمد الضوى وجيهان العرابى فى الثورة مع انكسارهم؟ هل كانت محاولة رمزية للطبقة لاستعادة دورها فى الحفاظ على الهوية ومنظومة القيم أم محاولة تقديم تغريدة البجعة لطبقة تنحل تدريجيا على مشهد الفساد فى مصر؟ أم أن الثورة كانت بطولة الشخص العادى فى مصر وكذلك الرواية ؟
الثورة فعلا كانت من بطولة الشعب العادى غير المؤدلج، وهذا ما جعلها مطية للكل الذين أوصلونا إلى ما نحن عليه، والضوى لم يشارك فيها من البداية من منطلق حب الوطن لكنه شارك كتابع لجيهان التى يحبها، وجيهان أيضا شاركت لتوثيقها بالصورة بحكم عملها كمصورة محترفة، وبسمة صديقة جيهان شاركت فيها لأن حبيبها خيرى محترف السياسة يشارك فيها. غير أنهم بعد أيام قلائل يندمجون فى الحدث ويحرصون على المشاركة الفعلية فيه .. هذا ما فعلته بهم الثورة التى بدأها الأنقياء.
بعض القراء الذين شاركوا فى الندوات التى تم تنظيمها لمناقشة الرواية رفضوا وجود شخصية ريم مطر فى المجتمع. كيف تقنعهم كروائى بأن الشخصية التى اخترعتها شخصية حقيقية وإن لم يكن هناك شخص بهذه المواصفات؟
الذائقات متعددة ففى بعض الندوات هناك فتيات يعلنّ ألا وجود واقعى لشخصية مثل ريم, وندوات أخرى يقلن هناك الكثير من ريم لكن جيهان نموذج مختلف، وهذا طبيعى فكل واحد يتحدث من منطلق محيطه الأسرى أو التعليمى أو حتى من دولته التى قد تكون مختلفة بعض الشئ عنا. المهم أن تثير فيك الرواية الفضول والتساؤلات وتدفعك للتفكير فى كل مفرداتها وأنا فى تلك الأحوال أسمع فقط ولا أرد لأنه ليس من مهمتى أن أقول هذا شخص حقيقى أو مخترع المهم أن له وجود فى عالم الرواية وعليك ان تناقشنى فيما يفعله.
وهل قدمت ريم باعتبارها الأنثى التى تعى أن أنوثتها وجسدها هما سلاحها الوحيد للقوة بعيدا عن حلمها الوهمى بالتحقق عبر محاولة إنشاء أكاديمية للفنون؟ وهل ترى أنها ضحت بعلاقتها بالضوى خوفا من أن تقع فى الحب فتخسر سلاح قوتها - الجسد - لمصلحة قصة حب ؟
فى اعتقادى أنها ضحت بعلاقتها بالضوى عندما أحست بحبه وخافت أن يستلب حبه قوتها وهى من البداية واضحة التصرفات وقوية بإحساسها المبالغ فيه بأهمية جسدها وفتنتها التى أوقعت الضوى فى حبالها. إنما مشروع أكاديمية الفنون الخاصة فى محاولة للانتقام من طليقها المخرج المسرحى الذى لم يفلح فى فرضها على المشاهد ومساندتها فى حلمها الأول بأن تصير نجمة مسرحية وسينمائية.
لماذا انحزت فى الرواية للمرأة على حساب الرجل فالرواة الرئيسيون فى الرواية امرأتان ورجل واحد، والشخصيات فى الرواية أكثرها نسائية. كيف نجحت فى التعبيرعن المرأة وهل تعتقد ان المرأة فى مصر الآن أصبحت أكثر فاعلية من الرجل حتى فى موضوع الذكورة الأساسى وهو ممارسة الجنس؟
لم أفعل ذلك بالعمد ولكن تداعيات الأحداث فرضت ذلك ووجدت فيه مغامرة ومقامرة أن تتحدث بلسان امرأتين وأن تشيد القارئات بذلك, شئ يستحق أن أفخر به وأنا فعلا بتّ أرى أن المرأة المصرية فى أيامنا هذه صارت أكثر فاعلية وهذا شئ جميل ويستحق الاحترام.
قدمت فى الرواية ملامح وثائقية أهمها الإشارة إلى هوس الطبقة العليا بالمنتجات الطبيعية ماذا تريد أن تقول عبر هذا الطرح المعلوماتى فى رواية تتكلم عن طبقة تتحلل قبيل ثورة اجتماعية؟ ماذا تعنى فكرة العودة إلى المنتجات الطبيعية؟
هو ما قلته طبقة وسطى تتآكل وطبقة عليا منشغلة بالترف والهوس بما هو غالى مهما كانت قيمته، ولست أقصد طبعا المنتجات الطبيعية لكن أعنى جموع الشعب المحرومة منها لغلائها قياسا إلى الطبقة العليا القادرة.
قدمت الشخصيات كأنها وثائق بشرية تروى تفاصيل انهيار مجتمع ولكنك قدمتها باعتبارها منحوتات لا صورا فوتوغرافية فهل كنت متأثرا بموت صديقك الفنان الكبير الوشاحى الذى جعلته بطلا فى أهم فصول الرواية الذى يتكلم عن انكسارالحلم؟ هل كان هذاحلم تميم زوج جيهان فى الرواية أم حلم الوشاحى نفسه أم حلم الفنان عموما أن يخلص للفن لا التجارة؟ وهل ترمز بانهيار فن النحت تحديدا إلى غياب العمق فى الرؤية الاجتماعية أوالثقافية وغياب الهوية المصرية باعتبار أن الفن المصرى الأصيل هو النحت؟
تأثرت جدًا بموت النحات الكبير الوشاحى لأنى محب لأعماله ولأنه كان محبا لكتاباتى وكان يحتفى بها دوما، وفقدته وأنا أكتب الرواية فجعلته بطلا بداخلها خاصة أنى كنت أكتب عن تميم النحات أيامها فجعلت الوشاحى أستاذًا له . أما بخصوص انكسار الحلم فهو حلمنا جميعا الذى تهاوي، وانهيار فن النحت المقصود به تغول الأفكار البدوية على فكر الحضر وانتصاره مؤقتا.
هل كانت ثورة يناير محاولة لإقامة تمثال الوشاحى المؤجل أو إنقاذ تمثال تميم الذى فشل فى صنعه أم أنها ظلت صورة ثابتة على جدار أو حائط لم تغير من ملامح الواقع ولم تستطع الصعود إلى مقام المنحوته الصاعدة بقوة إلى فضاء جديد؟
هى كانت محاولة لكنها ستظل دائما قابلة للتكرار وحينها ستقام كل المشروعات المؤجلة ويعود الوشاحى وقد يعود تميم.
لماذا فشلت الثورة ونجحت الرواية؟
الإجابة عن هذا السؤال بالتحديد تحتاج كتابة رواية جديدة فى ضعف صفحات رواية «أن تحبك جيهان»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.