لا يبدو أن الأطراف المعنية بمفاوضات جنيف (3) لإنهاء الحرب الأهلية السورية وتسوية الأزمة سلميا قد وصلت إلى الحد الأدنى من الاتفاق الذى يمكنها من إنجاح مفاوضات شاقة وصعبة، تتناقض مصالح كل أطرافها إلى حد بعيد وتفصل بينهم خلافات شاسعة وعميقة!. فالاتراك يرفضون بإصرار إشراك الأكراد السوريين فى جنيف (3) رغم أن الأكراد السوريين لعبوا دورا مهما فى إضعاف تنظيم داعش وأوقعوا به هزيمة قاسية فى منطقة كوبانى على الحدود السورية التركية!، والمعارضة السورية التى قبلت أخيرا الحضور إلى جنيف لا تمثل كل الأطياف، وأغلب الحاضرين من اصدقاء السعودية الذين يصرون على استبعاد بشار الأسد فورا، لأنه لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا، وهى المشكلة التى لا يزال يختلف عليها الفرقاء الأساسيون وفى مقدمتهم واشنطن والرياض وموسكو!.. وما يزيد من صعوبة الموقف أن وفد الحكومة السورية الذى يراسه بشار الجعفرى ممثل سوريا فى الأممالمتحدة يأتى إلى جنيف وفى جعبته مفاجأة كبيرة تستهدف تعزيز موقف سوريا التفاوضي، بعد أن أصبح الجيش السورى على مشارف حلب ثانى مدن سوريا، إثر المعارك الأخيرة التى كبد فيها الجيش الجماعات المسلحة لداعش والأخرى التابعة لجيش الفتح خسائر كبيرة، تؤكد قدرة الجيش السورى تحت مظلة الحماية الجوية الروسية على انتزاع مدينة حلب فى وقت قريب. والواضح أن جميع هذه العوامل تدخل فى اعتبار الروس والأمريكيين الذى يتوقعون ان تطول مفاوضات جنيف شهورا تتعرض خلالها لأزمات متتابعة، لكن يبدو أن الروس والأمريكيين يساندهم الأوروبيون يتوافقون على ضرورة إنهاء الحرب الأهلية السورية وإغلاق هذه البؤرة الفاسدة التى أنتجت شرورا عديدة طال رزازها كل الأطراف، ووضعت الشرق الأوسط على حافة فوضى خطيرة يمكن أن تضرب لبنان والأردن والعراق إذا سقطت الدولة السورية وتكرر فى سوريا ما حدث فى العراق عندما فكك بريمر الجيش والأمن وجميع مؤسسات الدولة العراقية، فضلا عن أن الأزمة السورية طالت مصالح أوروبا وأمنها نتيجة موجات الهجرة التى خرجت من سوريا تحت ضغوط الحرب الأهلية، وشملت ما يزيد على 4 ملايين نسمة يدقون أبواب أوروبا. لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد