برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    انطلاق فعاليات المُلتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية    "قنديل" يستقبل وفدا من إيبارشية حلوان والمعصرة وتوابعهما    مصر في المركز الثاني.. ترتيب الدول العربية الأكثر استهلاكًا للشاي    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق السياحة العلاجية    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة ل 35091 شهيد    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    وزيرة خارجية سلوفينيا: ما يحدث في رفح الفلسطينية انتهاك للقانون الإنساني الدولي    دي روسي يحذر ليفركوزن من أتالانتا    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    السجن المشدد 6 سنوات ل " سمكري سيارات " يتاجر بالمخدرات بكفر الشيخ    ضبط سيدتين و 4 رجال بتهمة إطلاق النيران في قنا    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    تفاصيل دور محمد ثروث في «محو أمنية»    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    بالصور.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي السينما المستقلة بالقاهرة    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    تصفيات المونديال.. حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرعاية الصحية: 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الشامل    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    عاشور: جار إنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة بجميع أنحاء الجمهورية    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    محافظ القليوبية: تطوير مداخل مدينة بنها وتحويلها إلى حدائق ومتنزهات    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه عبور حقول الألغام !

لا ينكر إلا جاهل حجم التحديات التى تواجه مصر فى الوقت الحالى.. ولا جدال فى أن النظام الحاكم فى مصر يجتاز حقول ألغام متنوعة أهمها من وجهة نظرى الفساد ثم الارهاب ثم الفقر والجهل والمرض ، وعند عبور حقل ألغام نعرف من العلم العسكرى أنك أمام ثلاثة خيارات ، فاما أن تحيطه بأسوار شائكة وتمنع الاقتراب منه وتلتف من حوله ، واما أن تضع ماسورة بها متفجرات تفجر محتوياتها كى تفتح طريقاً محدوداً تمر عليه من بين الألغام ، واما أن ينتشر أفراد المهندسين بالمواجهة كى يتقدموا صفاً واحداً كى يزيلوا الألغام كلها من الحقل المستهدف ، بهدف تطهيره بالكامل ..
وكل خيار له مزاياه وعيوبه ، ولكن الأخطار موجودة على أى حال .. فالخيار الأول يوفر الوقت والجهد ويتيح سرعة التحرك لمراحل تالية فى مواجهة مصاعب وتعقيدات المعركة، الا أن خطورته تتمثل فى أن الأنساق التالية قد تتورط فيه، أو اذا اضطرتك الظروف الى بعض التقهقر ، وفى كل الأحوال يبقى أن الحقل قد يستمر تهديداً لأجيال متعاقبة ، مثل الحقول التى مازالت رابضة فى صحرائنا الغربية .. أن الخيار السابق يعنى تأجيل حل المشاكل الحالية ، أما الخيار الثانى فقد يوفر بدوره بعض السرعة فى التقدم الى الامام ، الا أن العبور نفسه يكون محفوفاً بتهديدات واسعة ، لأن أى خطأ فى التحرك يؤدى الى الانحراف عن الطريق الضيق الذى تم تمهيده كما أن باقى عيوب الاختيار الأول تظل كامنة ، أى أن هذا الاختيار هو ادعاء التوصل الى حل ، بينما فى الواقع هو حل جزئى لا فائدة له على المدى المتوسط والبعيد ، ولا شك أن الخيار الثالث هو أفضل الخيارات ، وأعنى به المواجهة الشاملة التى تستهدف ازالة كل الألغام بحسم وحرص ، الا أن من العيوب الجوهرية لهذا الخيار أن الوقت المستهلك قد يؤخر الحركة الى الأمام ، ولكن انجازه بلا شك يحقق تقدما آمنا مستقرا ثابتا ..
أن أخطر الخيارات على الاطلاق هو أن ترقد أمام حقل الألغام كى تحلم بأنك تقهره وتعبره فى الخيال ، وتكتفى بالأغانى الحماسية وخطب الدعاة فوق المنابر تصب لعناتها على حقل الألغام لغماً لغماً ، وبعض أراجوزات الفضائيات تبيع وهم الحلم الحل للناس /الضحايا كل ليلة ..
أن مسئولية القادة فى الدول الأقل نمواً لا تتيح لهم ترف التمدد فى أحلامهم، فعليهم دائماً أن يجعلوا رؤياهم فى اطار قدراتهم المادية الممكنة، وأن يعتمدوا استراتيجية تدريجية تلاءم الظروف المحيطة بهم.. وكما قيل، فأنه قد يكون من المؤلم ألا تتحقق أحلامك، الا أن الأشد ايلاما هو عندما تتحقق بعض هذه الأحلام وتكون غير جاهز على مواجهة تبعاتها، وذلك موضوع قد يطول تفسيره.. ومن أبرز حقول الألغام التى يعبرها الوطن حالياً، حقل الارهاب، والذى سبق لهذا الكاتب أن أعطى وصفة للتغلب عليه استناداً الى خبرة عسكرية وسياسية معقولة، ولعلى أؤكد مرة أخرى أنه من الخطورة بمكان الاكتفاء بالاجراءات الأمنية المتشددة، أو الانحراف بتلك الاجراءات كى تدوس على الحريات والحقوق التى كفلها الدستور.
ومن المؤسف أن البعض هلل للاجراءات الأمنية التى أتخذتها فرنسا وبلجيكا فى مواجهة الارهاب، وأعتبروها مثالاً يحتذى فى التطبيق النموذجى لانتهاك حقوق الانسان من أجل حماية أمن الوطن!!، بل وطالبوا السلطات المصرية أن تتعلم من الغرب «كيف أنهم لا يعتقلون أحداً وانما يقتلون مباشرة!!».. الى آخر هذه الهلوسة التى أصابت البعض دون قراءة حقيقية لطبيعة تلك المجتمعات التى يتحدثون عنها ، وطبيعة دولة المؤسسات المحكومة بالدستور والقوانين ، بل وسيطرة الدولة المدنية بالكامل على كل الأجهزة الأمنية، وخضوع تلك الأجهزة لرقابة لصيقة من البرلمانات ومؤسسات المجتمع المدنى المختلفة. وكما أسلفت فى مقدمة هذا المقال ، يتضح أن لكل مشكلة علاج يتمثل فى الاختيار بين بدائل مختلفة، وهذا ما يمكن تصوره فى التقارير والأبحاث التى تعرض على القيادة لمواجهة الارهاب، فمن المعروف أن الأسلوب الغالب فى صياغة تقارير هذه الأجهزة يتلخص فى عرض المشكلة ثم طرح بعض البدائل على القيادة كى تختار من بينها، وفى الغالب تكون ثلاثة بدائل كى يختار الرئيس أو الملك واحداً منها، ويلاحظ أنه يتم وضع مزايا وعيوب اختيار كل بديل، وتقوم الأجهزة فى الغالب باضعاف بديلين الى درجة اعدامهما من بين الخيارات بحيث لا يبقى أمام متخذ القرار الا بديل واحد يكون ترتيبه الثانى عادة..!!.
فعلى سبيل المثال قد تصاغ بدائل مواجهة الارهاب فى منطقة ما على النحو التالى: الخيارالأول: اجراء مواجهات فكرية ومراجعات لأسس التجنيد المتطرف بهدف تجفيف الينابيع/ وميزة هذا الخيار أنه يضمن ازالة جذور الارهاب الا أن عيوبه عديدة.. الخيار الثانى: فرض حالة الطوارئ واعتقال وتعذيب المشتبه فيهم لضمان التوصل الى شبكات الارهاب ، والمسارعة فى القتل عند الاشتباه/ وعيب هذا الخيار أنه ينتهك بعض الحقوق الأساسية للمواطن، ولكن مزاياه عديدة.. أما الخيار الثالث فهو: معالجة مشاكل الفقر فى المناطق المهمشة التى تمثل بؤراً لتخليق الخلايا الارهابية، وميزة هذا الخيار أنه يواجه أحد أهم أسباب الظاهرة الارهابية، ولكن عيوبه كثيرة.
باختصار رغم تعدد البدائل التى يعرضها المختصون فإن صانع القرار قد لا يجد فى النهاية سوى البديل الثانى بوصفه الخيار الأمثل، رغم أنه ببعض التمحيص يمكن اكتشاف العيوب الخطيرة التى تكتنفه ، والتى تشبه أن يطلب القائد من جنوده الاندفاع بحماس وشجاعة فى حقل الألغام كى يجتازوه ، مع بعض أناشيد حماسية عن التضحية، وبرامج فضائية عن حب الوطن وشتائم ضد الطابور الخامس غير الموجود سوى فى أوهامهم... النتيجة المؤكدة هى هزيمة مؤكدة وبقاء حقل الألغام على حاله !!!.
لمزيد من مقالات السفير معصوم مرزوق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.