تستقبل مصر اليوم الرئيس الصينى شى جين بينج، فى زيارته الرسمية الأولى للبلاد منذ توليه منصبه فى 2013، والتى تأتى تلبية لدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، لمواصلة لقاءاتهما السابقة ومباحثاتهما لدفع وتطوير العلاقات بين القاهرة وبكين، والتى تشهد نموا مضطردا منذ توقيع اتفاقية رفع مستواها إلى علاقات إستراتيجية خلال زيارة الرئيس السيسى للصين فى ديسمبر 2014. وتكتسب زيارة الرئيس الصينى، وهى الزيارة الأولى لرئيس الصين إلى مصر منذ 12 عاما، أهمية كبيرة فى هذا التوقيت، فهى تتزامن مع تولى مصر مقعدها غير الدائم فى مجلس الأمن الدولى، ما يعطى تنسيق المواقف بين القاهرة وبكين بعدا جديدا، خصوصا فيما يتعلق بملف إصلاح الأممالمتحدة ومجلس الأمن والقضايا الإقليمية والدولية، حيث تتفق مصر والصين على ضرورة احترام سيادة الدول، ورفض التدخل الخارجى فى الشئون الداخلية لها، ورفض اللجوء إلى القوة لحل الخلافات، ومعارضة تسييس قضايا حقوق الإنسان. وتأتى زيارة الرئيس الصينى إلى القاهرة ومصر تخوض حربا ضد دعاة الأفكار المتطرفة والإرهاب، الذى أصبح ظاهرة تهدد الاستقرار والسلام العالمى، وتتطابق وجهتا نظر مصر والصين حول هذه القضية الخطيرة، من حيث ضرورة تعاون المجتمع الدولى للقضاء على الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وعدم التعامل معه بانتقائية أو معايير ازدواجية، كما تفعل بعض القوى الكبرى، وتعلن الصين دائما دعمها ومساندتها لمصر فى حربها على الإرهاب. وتتزامن زيارة الرئيس شى جين بينج مع انطلاق عام الثقافة المصرى- الصينى، فى إطار احتفال البلدين بالذكرى ال60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، حيث كانت مصر أولى الدول العربية والإفريقية التى اعترفت بجمهورية الصين الشعبية وأقامت معها علاقات دبلوماسية كاملة فى 31 من مايو 1956، ومن المقرر أن يشهد 2016 نشاطات وفعاليات ثقافية وفنية فى كل من مصر والصين احتفالا بهذه المناسبة، لتعريف كلا الشعبين بحضارة وثقافة الآخر وزيادة التقارب بينهما. وعلى الصعيد الاقتصادى تأتى زيارة الرئيس الصينى فى وقت تسعى فيه مصر إلى تحقيق نهضة اقتصادية مستندة على عدد كبير من المشروعات القومية الضخمة، ومن بينها تنمية محور قناة السويس والمناطق الاقتصادية المخطط إقامتها فى منطقة القناة. وسيرافق الرئيس شى جين بينج وفد رفيع المستوى من المسئولين ورجال الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الصينية، والتى تسعى للاستثمار فى المشروعات الجديدة بمنطقة قناة السويس، حيث تعتبر الصين أكبر دولة مستخدمة للقناة، فالسفن الصينية تمثل أكثر من 10% من السفن التى تعبر قناة السويس سنويا، كما أن الشركات الصينية لديها خبرات كبيرة فى مجال الموانئ والمشروعات المتعلقة بها، وتكتسب قناة السويس أهمية خاصة فى ظل مبادرة الرئيس الصينى لإحياء «طريق الحرير» وبناء الحزام الاقتصادى. وفيما يتعلق بالقطاع الزراعى تسعى مصر إلى الاستفادة من الخبرات الصينية فى التنمية الزراعية باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية الحديثة، وتأتى زيارة الرئيس الصينى عقب افتتاح الرئيس السيسى للمرحلة الأولى من المشروع القومى لاستصلاح وزراعة 4.5 مليون فدان، والذى يوفر فرصا استثمارية واعدة للشركات والمستثمرين، وقد تعهد الرئيس شى جين بينج، خلال قمة منتدى التعاون الصينى الإفريقى "الفوكاك" فى جوهانسبرج عاصمة جنوب إفريقيا فى ديسمبر الماضى، بضخ استثمارات كبيرة بالقارة السمراء، وزيادة الاستثمارات الصينية فى المجال الزراعى ودعم المزارعين فى دولها، والمساعدة فى نقل التكنولوجيا الحديثة فى هذا المجال لتحقيق الأمن الغذائى. ومن المنتظر أن تشهد زيارة الرئيس الصينى لمصر توقيع عدد من اتفاقيات تنفيذ مشروعات ضخمة مشتركة بتمويل صينى، خصوصا فى مجالات النقل، والكهرباء والطاقة، والتنمية الزراعية، ومكافحة التصحر، وغيرها من المشروعات التى جرى توقيع مذكرات تفاهم خاصة بها خلال زيارتى الرئيس السيسى الأخيرتين للصين فى ديسمبر 2014 وسبتمبر 2015.